لايزال المجاهد سعيد اسطبولي صاحب ال79 عاما، يتذكر أيام الكفاح التي قضاها مع أول من نفذ فيه الاستعمار الفرنسي حكم الإعدام بالمقصلة، الشهيد أحمد زبانة ومجموعة من المجاهدين والشهداء بمنطقة زهانة بشمال ولاية معسكر. وأوضح الحاج سعيد اسطمبولي الذي ولد بمنطقة القعدة بناحية زهانة، أنه تعرف على الكفاح بشكل مباشر من خلال الشهيد زبانة الذي عاد للعمل كلحام بمصنع الإسمنت بمنطقة زهانة سنة 1953، بعدما قضى ثلاث سنوات في السجن، عقب الهجوم على مقر بريد وهران في ديسمبر1949، وتفكيك تنظيم المنظمة الخاصة سنة 1950، وفترة أخرى قضاها في حالة فرار بكريستل (وهران) ومستغانم ومعسكر ومسقط رأسه، وهناك أعاد الشهيد إحياء اتصالاته بقادة الحركة الوطنية وشرع في استقطاب مجموعة من الشباب، بينهم المجاهد سعيد اسطمبولي الذي كان يبلغ من العمر 20 سنة حينها. وأبرز نفس المجاهد، حسب شهادته المسجلة من طرف مديرية المجاهدين لمعسكر بمناسبة الذكرى ال 50 للاستقلال، أن علاقته ومجموعة من الرفقاء بالشهيد زبانة توطدت بشكل كبير، وقد كانوا يتابعون الأحداث من خلال جرائد الحركة الوطنية، وكان وقتها زبانة يتصل بالعربي بن مهيدي المتواجد بولاية سيدي بلعباس وبن عبد المالك رمضان بمستغانم وعبد الحفيظ بوصوف بغرب البلاد. ويضيف المتحدث أن أحمد زبانة أبلغهم ربيع سنة 1954 بلقاء عقده قادة الحركة الوطنية ببلجيكا، وانتهى بالفشل، وتوجه 9 من القادة؛ بينهم أحمد بن بلة ومحمد بوضياف وكريم بلقاسم إلى سويسرا وإعلانهم إنشاء اللجنة الثورية للوحدة والعمل لتوحيد الحركة الوطنية للكفاح عبر العمل المسلح، كما دعاهم إلى الالتحاق بهذه الهيئة، وهو ما وافقوا عليه جميعا ليشرعوا بعدها في التحضير للثورة عبر اقتناء السلاح والعتاد والألبسة والأفرشة، مع مرافقة زبانة إلى العديد من المناطق في إطار ذلك التحضير، كعين الفرانين بوهران وتسالة بسيدي بلعباس وغيرها، ويوم 15 أوت 1954 تاريخ لا يمكن نسيانه بالنسبة للمجاهد سعيد اسطمبولي، ففي ذلك اليوم “عقد لقاء خاص بمغارة تحمل اسم غار بوجليدة ببلدية القعدة (معسكر)، تحت إشراف الشهيدين بن عبد المالك رمضان وأحمد زبانة، حضره 13 مجاهدا، حيث أبلغهم فيه عن إنشاء جبهة وجيش التحرير الوطني بدل اللجنة الثورية للوحدة والعمل، بعد لقاء مجموعة ال 22 بالعاصمة، وهو اللقاء الذي لم يحضره زبانة لانشغاله بصنع قنابل تقليدية بمنطقة حاسي الغلة بولاية عين تموشنت، وأخذ بن عبد المالك رمضان العهد من الحضور على المشاركة في الثورة والتضحية بالقسم على مصحف أحضره المجاهد بديدة محمد الذي كان معلما للقرآن الكريم”. وحول تاريخ أول نوفمبر، يقول عمي السعيد كما يناديه الكثير أنه في يوم 31 أكتوبر جاءهم زبانة إلى غار بوجليدة الذي تحول إلى مركز قيادة، حيث أمرهم بالاستعداد لعملية عسكرية مركبة تشمل الهجوم على ثكنة عسكرية بوادي تليلات ومطار طافراوي العسكري الذي كان تحت إشراف الجيش الفرنسي وقوات الحلف الأطلسي، حيث تقوم مجموعة بمناوشات مع القوات الفرنسية في الجهة الغربية للموقع، بينما تقوم مجموعة يرأسها زبانة بالتسلل إلى داخل المطار وحرق الطائرات الرابضة به من الجهة الشرقية، إلا أن العملية فشلت لعدم وصول السلاح إلى المجموعة المكلفة بالقيام بالمناوشات. ولايزال المجاهد سعيد اسطبولي يتذكر ظروف توقيفه مع أحمد زبانة ومجموعة من المجاهدين بعد معركة غير متكافئة مع المستعمر يوم 8 نوفمبر، ونفاذ الذخيرة وإصابة أغلب المجاهدين، مما سهل على القوات الفرنسية القبض عليهم وتحويلهم إلى منطقة واد تليلات، ثم وهران، حيث تعرضوا للتعذيب جميعا لمدة 5 أيام قبل محاكمتهم صوريا ووضعهم في السجن بمدينة وهران لمدة 5 أشهر، وقد جرى ترحيلهم نحو سجون أخرى إلى غاية تنفيذ حكم الإعدام ضد زبانة كأول شهيد جزائري يعدم بالمقصلة في سجن بربروس(سركاجي حاليا). كما حكم على سعيد اسطمبولي ب 6 سنوات سجنا مع ست سنوات أخرى نفيا و5 سنوات حرمان من الحقوق المدنية. وأكد هذا المجاهد الذي يقيم حاليا بمدينة زهانة، أن أكبر درس يمكن أن يستخلصه من الثورة التحريرية، أن الشباب يستطيع أن يفعل الكثير بدليل ثورة أول نوفمبر التي قام بها شباب، منهم أحمد زبانة، والذين انتصروا على القوات الفرنسية المدججة بالسلاح. (وأج)