تميزت الاحتفالات بالفاتح من نوفمبر هذه السنة باستعراض جملة من القضايا، من بينها دعوة مجاهدين إلى إنشاء قناة تلفزيونية تاريخية تختص في إظهار أهم المراحل التاريخية التي مرت بها الجزائر، لاسيما ثورة التحرير الوطني، كما تمت الإشادة بمختلف الانجازات التي حققتها الجزائر المستقلة، رغم الاعتراف ببعض النقائص. ولأنها أسهل وسيلة لتبليغ التاريخ، حضرت السينما بفيلم “زبانا” في هذه الاحتفالات، حيث تم عرضه أمام مسؤولين في الدولة على رأسهم وزير المجاهدين. دعا عدد من المجاهدين والمجاهدات، أول أمس، بالجزائر العاصمة، إلى إنشاء قناة تلفزيونية تعنى بتاريخ الجزائر كوسيلة لتعريف الأجيال الجديدة ببطولات الشعب الجزائري عبر مختلف مراحل التاريخ. وفي هذا الإطار، أوضح السيد على هارون مسؤول سابق في فدرالية فرنسا لجبهة التحرير الوطني في تصريح على هامش حفل تقديم التهاني لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بمناسبة الإحتفال بذكرى اندلاع ثورة أول نوفمبر54 أنه مع فكرة إنشاء قناة تعنى بالتاريخ يديرها أشخاص من ذوي الكفاءات في مجال التاريخ هدفهم التعريف بالحقائق التاريخية. وشدد على أنه حان الوقت لكل من لديه شهادة بخصوص الأحداث التي عايشها أثناء الثورة التحريرية ان يدلي بها قبل رحيله لأن الشهود على الأحداث -كما أبرز -”هم أشخاص مسنون تقدم بهم العمر”. وأضاف أن كل هذه الشهادات ستشكل مادة خام تقدم للمؤرخين والمختصين لتحليلها وكتابتها بطريقة موضوعية، مشيرا أيضا إلى ضرورة وضع الأرشيف تحت تصرف المؤرخين. أما السيد رضا مالك أحد أبرز وجوه الحركة الوطنية فقد رحب أيضا بفكرة إنشاء قناة تلفزيونية خاصة بتاريخ الجزائر “بشرط أن تقدم برامج وحصصا في المستوى”، مشددا على ضرورة كتابة تاريخ الثورة التحريرية من طرف مختصين ومؤرخين “بطريقة علمية ودقيقة”. كما أيدت المجاهدة لويزة إغيل أحريز فكرة إنشاء قناة تلفزيونية تهتم بتاريخ الجزائر لاسيما فترة الكفاح ضد الإستعمار الفرنسي. وعبرت من جهة أخرى عن فخرها واعتزازها بالإنجازات الكبرى التي حققتها الجزائر في مختلف المجالات منذ الإستقلال إلى يومنا هذا، داعية إلى الحفاظ على هذه المكتسبات وصيانة وحدة واستقلال البلاد. بدوره، أكد عبد القادر لعمودي المجاهد وعضو المجموعة ال22 التي كانت وراء قرار تفجير ثورة أول نوفمبر 1954 المجيدة أنه بفضل حب الوطن والإخلاص له تمكن الشعب الجزائري من الإنتصار على المستعمر الفرنسي واسترجاع سيادته واستقلاله. ودعا إلى تدريس الأجيال الجديدة تاريخ الثورة التحريرية بطريقة موضوعية، طالبا من شباب الجزائر التفاني في خدمة بلاده لوضع الجزائر في مصاف الدول المتقدمة. أما المجاهد علي محساس فقد شدد على أن كتابة التاريخ ليس “أمرا سهلا”، مبرزا أن هذا العمل لابد أن يقوم به مختصون ومؤرخون “بدون تغليط ولاتحريف ولا تزييف”. كما دعا السيد محساس إلى ضرورة توفير كل الوسائل والإمكانات لكتابة تاريخ الجزائر ليبقى ذاكرة ورصيدا للأجيال المتعاقبة. وأكد وزير المجاهدين السيد محمد الشريف عباس أن الجزائر قطعت منذ استرجاع السيادة الوطنية في 1962 أشواطا “كبيرة جدا” في مسيرة البناء والتشييد. وفي تصريح على هامش حفل تقديم التهاني لرئيس الجمهورية قال الوزير أن الجزائر “قطعت أشواطا كبيرة جدا (في مسيرة البناء والتشييد) لم تقطعها الكثير من الدول التي نالت استقلالها قبلنا أو بعدنا”، مضيفا “لكن مع هذا لا نقول أننا بلغنا الهدف الذي كان يحلم به الشهداء ألا وهو بناء دولة عظيمة وكبيرة وقوية بكل ما تحمله الكلمة من معان”. وقال في السياق، “إلا أننا سائرون في هذا الطريق للوصول إلى هذا الهدف الذي سيتحقق إن شاء الله رغم المحن التي أصابتنا ونحن في عهد الاستقلال ورغم الهفوات والكبوات ولكن مع هذا أستطيع أن أقول الحمد لله حققنا الشيء الكثير وما زلنا سائرين في طريق تحقيق البناء والتشييد”. من جهة أخرى، اعتبر الوزير ذكرى أول نوفمبر 1954 “مناسبة من المناسبات الوطنية الكبرى”، حيث “عزم الشعب الجزائري إفتكاك حريته واستقلاله بالسلاح”. وأوضح أن الجزائريين “يحتفلون بهذا اليوم وهم شامخو الرؤوس والجزائر في مصاف الدول المحترمة التي لها مكانتها في العالم”، مشيرا إلى أن ثورة أول نوفمبر “أضفت بظلالها على الكثير من الشعوب والدول التي كانت مستعمرة فكانت لها نموذجا إقتدت بها”. وأقامت وزارة المجاهدين ليلة الأربعاء بالمتحف الوطني للمجاهد بالجزائر العاصمة حفلا على شرف المجاهدين والمجاهدات بمناسبة الذكرى ال58 للفاتح نوفمبر تم خلاله عرض فيلم “زبانا!” لابراز معاناة شهيد المقصلة إبان الثورة التحريرية المجيدة. ويبرز هذا الفيلم الذي دام 100 دقيقة حياة ونضال الشهيد أحمد زهانا بغية الوقوف على معاناة والتضحيات الجسام للشهداء الأبرار الذين قدموا النفس والنفيس من أجل الاستقلال. وأشرف على هذا الحفل وزير المجاهدين السيد محمد الشريف عباس بحضور رئيس المجلس الشعبي الوطني السيد محمد العربي ولد خليفة وعدد من أعضاء الحكومة وشخصيات وطنية وتاريخية وممثلين عن مختلف الأسلاك وكذا طلبة. وتخلل الحفل الذي أقيم تحت شعار “نوفمبر تاريخ أمة وذاكرة أجيال” تقديم أبيات شعرية حول ثورة الفاتح نوفمبر1954 الخالدة. وبهذه المناسبة، أكد وزير المجاهدين أن فيلم “زبانا!” يعطي صورة معبرة عن المأساة والمعاناة الذي عاشها الشعب الجزائري ويظهر النضالات التي خاضها أبطال الثورة التحريرية المجيدة، مشيرا إلى ضرورة تبليغ رسالة الشهيد وغرسها في نفوس الشباب والأجيال الصاعدة ليقوموا بدورهم في البناء والتشييد من أجل تحقيق المزيد من الرقي.