قد تغيب عن أذهان الجزائريين مسألة مهمة تخص الصحة عموما، وقد يستهزئ بها البعض الآخر، وتتمثل في "أمراض اللثة"، لأن اللثة عادة تتعرض للمرض "في صمت"، وهو ما أراد الدكتور شليح إبرازه والتأكيد عليه في حوار مع "المساء"، وذلك من موقعه كمختص في أمراض اللثة بمستشفى مصطفى باشا الجامعي. في هذا الإطار، قال الدكتور "لعل ما يجعل المريض عادة لا يبالي باللثة، كون المرض عندما يظهر لا يتسبب في احداث الألم، فالمريض عندما يقصدنا يكون ذلك بغرض علاج تسوس أسنانه أو لطلب تنقيتها أو اقتلاع أضراسه، ومن خلال فحصنا له، نلاحظ على الفور تضرر اللثة، بل سوء حالتها، وعندما نوجه للمريض الملاحظة فإنه يتفاجأ من منطلق أنه لم يشعر بأي نوع من الألم". ويضيف محدثنا بأن أمراض اللثة عموما تمس كل فئات المجتمع من الصغير الى الكبير، وهي من الأمراض التي تنتقل بسرعة وقد تؤدي الى فقد المريض لكل أسنانه في حال التأخر عن العلاج. أما عن طريقة اكتشاف المرض فيؤكد الدكتور شليح أنها سهلة، حيث تتم من خلال بروز بعض العلامات منها سيلان الدم من اللثة، تحرك الأسنان، بروز منابت الأسنان الى جانب انتشار الرائحة الكريهة بالفم، وتشكل بقع بيضاء بين الأسنان واللثة. وتجدر الإشارة يستطرد الطبيب "أنه لابد من التمييز بين نوعين من أمراض اللثة، فمنها ما يمس اللثة فقط ومنها ما ينتقل من اللثة الى عظم الأسنان"، وفي هذا الإطار لابد من التمييز بين حالتين: الأولى تعرف بظهور الأعراض التالية: سيلان الدم، انتفاخ في اللثة واحمرار، ولكن دون وجود الألم، ويكون العلاج جد بسيط، لكون أمراض اللثة تأتي عادة من عدم العناية بنظافة الأسنان، وتكون النتيجة تحول بقايا الطعام الى نوع من البكتيريا التي من خلال نشاطها تؤثر سلبا على اللثة، وعلى العموم، يتم خلال هذه المرحلة وصف بعض الأدوية التي يظهر مفعولها خلال 15 يوما كحد أقصى، وتتحول اللثة بعدها الى لثة صحية وتستعيد لونها الوردي. أما الحالة الثانية، فتعرف بظهور نفس أعراض الحالة الأولى، الى جانب تحرك الأسنان وتكون الرائحة، وهي علامات تنبئ بوضع اللثة الكارثي، الى جانب الشعور ب"الألم"، ويكون العلاج مباشرة من خلال فحص عظام الأسنان. ويتم اللجوء بعدها إلى الجراحة بفتح اللثة للتخلص من كل الجراثيم، غير أنه من الآثار الناتجة عن هذه الجراحة، تكون حساسية على مستوى الأسنان تجاه بعض المواد كالماء البارد أو الهواء البارد، وفي حالات أخرى تصبح اللثة عاجزة تماما عن الاحتفاظ بالأسنان نتيجة تضررها من جهة، ولكون عظم الأسنان قد تآكل، وبالتالي نصل الى نتيجة حتمية وهي التخلص من الأسنان بصفة كلية.. وهذا شيء مؤسف يقول الدكتور شليح "لأن العلاج عادة يأتي متأخرا، وبالتالي نلاحظ أن بعض الشباب ممن هم في سن 18 سنة فما فوق، قد فقدوا أسنانهم". لذا، يؤكد الدكتور من خلال حديثه مع "المساء"، على وجوب تنبيه الناس إلى ضرورة الحرص على أن تظل اللثة متمتعة بلونها الوردي الصحي، وضرورة المبادرة بالعلاج بمجرد ظهور أية علامة من العلامات السابقة الذكر.