تعتقد حيزية رزيق رئيسة جمعية الأمل للمعاقين أن المشاكل التي يعاني منها المعاق راجعة بالدرجة الأولى إلى «قانون المعاق» الذي يحرم من لم يبلغ سن 18 سنة من الامتيازات التي تمنح لغيره على غرار «المنحة»، ومن أجل هذا تناشد السلطات المعنية ضرورة إعادة النظر في قانون المعاق لأن كرامته لن تتحقق في ظل غياب حماية قانونية تؤمن له العيش الكريم.وحول وضعية ذوي الإرادة القوية وأهم انشغالاتهم تحدثت «المساء» مع حيزية. المساء: حدثينا عن إشكالية قانون المعاق التي تطرح بشدة؟ حيزية: في اعتقادي أن كرامة المعاق لن تتحقق مطلقا ما دمنا لا نتمتع بالحماية القانونية المطلوبة، حقيقة القانون موجود لكنه يحوي في ثناياه الكثير من النقائص ولا تطبق بعض نصوصه، فلا يعقل أنه إلى غاية اليوم لا نزال نعاني من نفس المشاكل التي من المفروض أننا قد تجاوزناها، فمنذ 13 سنة وأنا أترأس الجمعية ولازلنا نرفع نفس المطالب التي لم يتحقق منها إلا القليل ولم تكن في المستوى المطلوب، فمثلا لازلنا نطرح مشكل المسلكية الذي تعيق تنقلنا، ونطرح أيضا بشدة مشكل المنحة التي نسميها إعانة اجتماعية لأن المنحة لا يمكن أن تقدر ب4000 دج بالنسبة لشخص معاق في حاجة ماسة لكل شيء، ومشكل غياب التكفل بالأطفال الذين يولدون معاقين وهلم جرا من الانشغالات التي هي في حقيقة الأمر بسيطة غير أننا لازلنا نتخبط فيها إلى يومنا هذا. كيف تنظرين إلى وزارة التضامن اليوم بعد التعديل الذي عرفته ؟ * في الحقيقة كان السعيد بركات على مستوى وزارة الصحة أو على مستوى وزارة التضامن من أكثر المتعاونين مع فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، كما أنه قام بالعديد من الأعمال التي تصب في فائدتنا يكفي فقط الحديث عن التشريفات والتكريمات التي كان يستفيد منها الرياضيون، والتي حرمنا منها في وقت مضى، دون أن أنسى آخر مشروع قام به وزير التضامن والمتعلق بالمرافق الجوارية التي دشن بعضها بباب الوادي والتي كان للمعاقين حيز كبير منها، واليوم نأمل أن تسير الوزيرة الجديدة على نفس الخطى، وبأن تكون هنالك استمرارية، وأن تمد يد العون لذوي الاحتياجات الخاصة لا سيما فيما يخص مشروع المرافق الجوارية الذي يعد مكسبا لنا، من أجل هذا نأمل خيرا لا سيما وأنها من عمق المجتمع المدني. قلت إن التكفل بالرياضيين المعاقين لم يكن على ما هو عليه الآن، كيف ذلك ؟ * لا يخفى عليكم أني قبل أن أتولى ترؤس الجمعية كنت واحدة من الرياضيات البارزات في ألعاب القوى وتحديدا في مسافات 100 و200 و4000 رغم إعاقتي التي أصفها بالجريمة الطبية إذ تم بتر رجلي السليمة عوض المصابة وعمري لا يتجاوز الثلاث سنوات، ومع هذا وبفضل دعم عائلتي تمكنت من اقتحام العالم الخارجي، والتمدرس مع الأصحاء رغم الصعوبات التي واجهتني وكنت في كل مرة أجد فيها العزاء في عائلتي وتحديدا والدي الذي وقف إلى جانبي، وعلى العموم وبالرجوع إلى الرياضة كنت شابة رياضية ينتظرها مستقبل واعد لا سيما بعد ان حزت على المرتبة الأولى في مشاركتي بدورة أقيمت بالولايات المتحدةالأمريكية، حيث كنت المرأة الجزائرية الوحيدة والأولى في العالم التي حققت المرتبة الأولى بالعاب القوى. في تلك الأثناء شعرت بفرحة عارمة وأنا أرى راية بلدي ترفرف عاليا، وتوالت النجاحات بعد مشاركتي أيضا بألمانيا، حيث ظفرت بالمرتبة الأولى أيضا غير أني وللأسف الشديد لم أحظ بالاهتمام المطلوب من السلطات رغم أني كنت بطلة الجزائر على مدار ثماني سنوات، فغياب التحفيز جعلني أفكر في الانتقال من الرياضية الى الحياة الجمعوية لأحاول مساعدة من هم مثلي. كيف عشت المرحلة الانتقالية بين الرياضة والنشاط الجمعوي؟ * أريد أن أوضح فقط أن الجمعية الرياضية التي كنت أنشط بها هي ذاتها التي تحولت مع مرور الوقت إلى جمعية ذات طابع اجتماعي إذ كانت توكل إلي بعض المهام الخاصة بتسوية ملفات ذوي الاحتياجات الخاصة في مجال المنحة، والتقاعد وكنت وقتها كثيرة النشاط ما جعلني ألم بالعديد من مشاكل المعاقين على عدة أصعدة وشيئا فشيئا تم ترشيحي لتسيير الجمعية وأذكر وقتها أني لم أتجاوز سن 24 سنة ومن ثمة وضعت نصب عيني ضرورة الكفاح من أجل أن يعيش ذوو الاحتياجات الخاصة حياة كريمة. ما هي أهم التحديات التي واجهتك كرئيسة جمعية؟ * لم يكن من الصعب علي تسير الجمعية لأني تربيت على روح المسؤولية، وعلى العكس قدمت للجمعية الكثير من الأفكار الجديدة التي تصب في مصلحة ذوي الاحتياجات الخاصة، على غرار التكثيف من الأيام الدراسية لتنبيه السلطات المعنية للالتفات إلينا، وبرمجت العديد من القوافل عبر مختلف ولايات الوطن لدعم ذوي الإرادة القوية ومساعدتهم في الحصول على بعض الضروريات كالكراسي المتحركة إلى جانب تنظيم سباقات الرالي لمزيد من التحسيس والتوعية، غير أن أكبر تحد كان يواجهني هي فئة المعاقين من الأطفال الذين أقف عاجزة عن التكفل بهم في غياب قانون يؤمن لهم الحماية الكريمة، وهو ما يجعلني في كل مرة ألح على ضرورة الالتفات إلى هذا القانون خاصة إذا علمنا أن عدد المعاقين في ارتفاع مستمر بالنظر إلى إرهاب الطرقات وما يحصده يوميا من أرواح. هل لديكم كجمعية أرقام حول عدد المعاقين بالجزائر ؟ * المتفق عليه هو أن عدد المعاقين في ارتفاع مستمر والقول أن عددهم ارتفع منذ سنة 1999 إلى مليون ونصف مليون بمعدل 200 معاق فقط قول غير صحيح، وفي اعتقادي عدد المعاقين اليوم بلغ سقف أربعة ملايين معاق إن لم يكن أكثر، هذا من ناحية، ومن جهة أخرى، تطرح مشكلة الإحصائيات بشدة في الجزائر، وبرأيي ضيعنا على أنفسنا في 2010 فرصة ذهبية للإحصاء، فعوض إحصاء عدد المعاقين تم إحصاء العتاد المادي للعائلات ما يجعلنا في كل مرة نقع في تناقض حول عدد ذوي الاحتياجات الخاصة. هل تعتقدين أن حوادث الطرق هي السبب الأول في زيادة عدد المعاقين بالجزائر؟ * إذ كانت الفطرة التي يولد عليها البعض من المعاقين أو المرض من بين أسباب الإعاقة في الجزائر، فإن حوادث السير تعد من أهم أسباب الإعاقة خاصة الحركية ولا يرجع الأمر فقط إلى السرعة المفرطة وإنما إلى الطرقات أيضا، فإنجاز طرق لا تحترم المقاييس العالمية تعد هي الأخرى من أسباب ارتفاع حوادث المرور وبالتالي ارتفاع عدد المعاقين. أشرفت على العديد من الأعراس لفائدة ذوي الاحتياجات الخاصة، فكيف تنظرين إلى هذه الرابطة ؟ * نعيش في مجتمع لا يرحم ونظرته لا تزال جارحة إلى المعاق وما يصلنا من قصص عن عائلات رفضت تزويج بناتها أو أبنائها لأشخاص معاقين تجعلني أتمهل وأعيد النظر في حساباتي، حقيقة أتمنى لو أن نظرة المجتمع الجزائري تتغير في مسالة زواج المعاق ولعل هذا ما يجعلني أقدم الدعم لكل من يرغب في الارتباط بفتاة أوشاب معاق إذ اشرف على تكاليف ومراسيم الزفاف، ولكن بالنسبة لي شخصيا لا أفكر على الأقل في الوقت الراهن بالارتباط بالنظر إلى ما أحمله بداخلي من مخاوف وإلى أن تتبدد مخاوفي يظل موضوع ارتباطي مؤجلا. أكثر شيء تكرهه حيزية ؟ * أكثر شيء أمقته هو عندما أرى أبا أو أما تتسول بابنها المعاق، وفي تلك الأثناء أشعر أنني من غير كرامة، حقيقة المنحة لا تكفي ولكن أن نستغل إعاقتنا اوإعاقة أبنائنا لكسب المال هذا ما يجعلنا نعيش من دون كرامة، كما أكره أيضا الوعود الكاذبة التي تجعلنا نعيش أحلام اليقظة التي لا يتحقق منها شيء. ما الذي تتمناه رئيسة جمعية الأمل للمعاقين ؟ * إذا كانت الصحة نعمة من عند الله فالإعاقة هي كذلك نعمة لابد أن نحمد الله عليها لأننا لم نختر أن نكون معاقين، من أجل هذا تجدني أدافع عن إعاقتي لأنها حالة خصني بها الله دون غيري، غير أن ما أتمناه أن تكون هنالك وزارة خاصة بالمعاقين لأني أرى أن وزارة التضامن وبالنظر إلى حجم مسؤولياتها فالتكفل بنا وبكل انشغالاتنا وهمومنا أصبح أمرا صعبا لا سيما مع ارتفاع أعدادنا، لذا حبذا لو تنشأ وزارة أو هيكل خاص بالمعاقين يديره معاق يفهمنا ويحل مشاكلنا.