دعت الجزائر أمس فرقاء الأزمة اللبنانية إلى تغليب منطق التعقل والالتزام بضبط النفس والابتعاد عن لغة السلاح والعودة إلى حوار حقيقي لإخراج لبنان من النفق المظلم. وحذرت الجزائر من خلال هذا النداء "الأخوي" من تبعات الاستمرار في المغالبة السياسية الجوفاء ومخاطرها لا لسبب إلا لأنها تفتح الباب أمام تدخلات أجنبية سوف لن تزيد إلا في "تأجيج الخلافات وتأزيمها بين الفرقاء اللبنانيين". ولأن الأزمة اللبنانية معقدة بعد أن تشابكت خيوطها وتعكر صفو الأجواء في بلد التسامح، فقد أبدت الجزائر قلقا متزايدا حيال ما عرفه هذا البلد ويعرفه من تطورات بعد أن تدهور الوضع العام فيه وانزلق باتجاه أصبح يبعث على الخوف مما لا يحمد عقباه. ولا يمكن إخراج موقف الجزائر عن سياق مواقفها المعروفة والداعية إلى مراعاة الصالح العام اللبناني إدراكا منها لخطورة انفلات الأوضاع باتجاه الأسوأ في بلد لا تسمح له تركيبته الاجتماعية ولا محيطه الإقليمي الدخول مرة أخرى في حرب أهلية جديدة بتبعات أعقد وأعنف من تلك التي شهدها قبل عشريتين. ليس ذلك فقط فإن موقف الجزائر أملاه دورها المحوري في صياغة اتفاق الطائف، وجهود دبلوماسييها في حقن دماء الفرقاء ونجاحهم في نهاية المطاف في مهمة وصفها الجميع حينها بالعسيرة عندما فشل الكل في رأب الصدع اللبناني، بل وفي وقت عمدت فيه أطراف إلى تأجيج الوضع حتى لا تنطفئ الفتنة في بلاد الارز والتسامح.