يقوم رئيس الحكومة التونسية المؤقتة، السيد حمادي الجبالي، اليوم، بزيارة عمل إلى الجزائر في سياق الحركية التي تشهدها العلاقات الثنائية، والتي عززتها الزيارات المتبادلة لوفود البلدين على أعلى مستوى وكانت آخرها زيارة وزير الخارجية السيد مراد مدلسي إلى تونس لترؤس أعمال الدورة السابعة للجنة التشاور السياسي بين البلدين. كما أن هذه الحركية تأتي لتترجم استراتيجية العلاقات الضاربة في القدم بفضل استمرار وتنوع التعاون في مختلف المجالات خدمة للمصالح المشتركة، إذ بينت مختلف الاتفاقيات المبرمة بين الجانبين السعي، من أجل تجسيد اتحاد المغرب العربي ووقوفهما مع باقي الدول العربية في الذود عن إقرار حقوق الأمة العربية وفي التضامن مع فلسطين والعراق ونضالهما المشترك الرامي إلى إرساء تعاون دولي على مستوى حوض البحر الأبيض المتوسط، يكون أكثر جدوى لهما ويعود بالفائدة على جميع الشعوب المعنية. ومكنت مختلف اللقاءات والمباحثات السياسية التي جمعت بين المسؤولين في البلدين، الاهمية التي يوليها الطرفان لاستشراف آفاق هذا التعاون وبلورة أنجع الصيغ والآليات لإعطائه الدفع المنشود وإثراء مضامينه وتنويع مجالاته في نطاق شراكة فاعلة ودائمة تستجيب لمتطلبات الحاضر والمستقبل. ورغم التغييرات السياسية التي عرفتها تونس من خلال الثورة التي أطاحت بالنظام السابق في 14 جانفي 2011، لم تتوان الجزائر في تقديم الدعم لهذا البلد الجار، حيث لم يفت رئيس الجمهورية السيد عبد العزير بوتفليقة التعبير عن ثقته في أن يتمكن هذا البلد من العبور إلى بر الأمان وتحقيق رفاهية الشعب التونسي. وجددت الجزائر هذا الموقف بعد انتخاب الرئيس التونسي السيد منصف المروزقي، حيث أكد السيد عبد العزيز بوتفليقة "عزمه الراسخ على تعزيز عرى الأخوة الوثيقة وعلاقات التعاون المتميزة القائمة بين البلدين خدمة لمصلحة الشعبين الشقيقين". كما عبرت الجزائر على لسان مسؤوليها في عدة مناسبات عن موقفها الواضح إزاء ما عرفته تونس من تطورات، مشددة على أنها قد آلت على نفسها إلا أن تحترم وتدعم خيارات الشعب التونسي بكل مكوناته. ولعل قرار الوزير الاول التونسي السابق قائد السبسي بتخصيص أول زيارة له خارج تونس بعد الثورة التونسية إلى الجزائر، جاء ليبرهن مرة أخرى على أواصر حسن الجوار والاحترام المتبادل، حيث أشاد السيد قائد السبسي بنتائج هذه الزيارة مثمنا "الدعم المعنوي والمادي الذي قدمته الجزائرلتونس". ولم يبتعد تصريح الرئيس منصف المروزقي عن هذا المنحى الايجابي، حيث أبرز مجددا في عدة مناسبات الطابع الاستراتيجي لهذه العلاقات التي بإمكانها "توحيد اقتصادي الدولتين"، مؤكدا إرادته في التوجه للجزائر كي يبين أن البلدين "في حاجة لبعضهما البعض" على حد قوله. . من جهة أخرى، كانت الزيارة التي قام بها وزير الخارجية السيد مراد مدلسي إلى تونس فرصة لتقييم العلاقات الثنائية والتأكيد على الإرادة السياسية المشتركة لتطوير التعاون في مختلف المجالات وفق رؤية منسجمة بين البلدين معلنا في تصريح صحافي بعد استقباله من قبل السيد حمادي الجبالي، عن مفاوضات بين الجزائروتونس ‘'لإعداد ورقة تتضمن تصورا للتنمية الثنائية، ستتم المصادقة عليها خلال الزيارة التي يؤديها الجبالي إلى الجزائر. كما أظهر اجتماع اللجنة المشتركة للتقييم والمتابعة خلال شهر جوان المنصرم حرص البلدين على تجاوز الظروف الاستثنائية التي مرت بها تونس بعد الثورة وسعيهما المشترك لتفعيل آليات التعاون الثنائي خلال المرحلة القادمة. كما تمثلت أهمية هذا الاجتماع في الشروع في تنفيذ مجمل برامج التعاون ورسم الملامح الاولى للمزيد من المشاريع المستقبلية الكبرى بين الجانبين . وكانت الجزائروتونس قد وقعتا خلال شهر ديسمبر من سنة 2010 على 12 وثيقة تخص التعاون في القطاعات الاقتصادية والثقافية والخدماتية، من أبرزها اتفاق التعاون بين الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار والوكالة التونسية للاستثمار الخارجي الذي من شأنه دعم وترقية الاستثمارات بين الدولتين، علما أن حجم المبادلات التجارية بين تونسوالجزائر قد بلغ عام 2010 زهاء 600 مليون دولار، أي بزيادة تقدر 6ر5 بالمائة بالمقارنة مع سنة 2009 فيما تشير تقديرات سنة 2011 إلى بلوغ قيمة المبادلات التجارية بين البلدين نحو 700 مليون دولار. وكان وزير الشؤون الخارجية التونسي، السيد رفيق عبد السلام، قد أشار بمناسبة زيارة مدلسي إلى تونس أن حجم المبادلات الاقتصادية بين البلدين ارتفع بنسبة 93 بالمائة، مشيرا إلى أن العلاقات الجزائريةالتونسية نموذج للتكامل المغاربي والعربي.