شارك رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أمس السبت (التوانسة) احتفالاتهم بنجاح ثورتهم الشعبية التي أطاحت بالرئيس (الهارب) زين العابدين بن علي. حيث قام بوتفليقة بزيارة إلى تونس (لحضور الاحتفال بالذكرى الأولى للثورة التونسية)، حسب ما جاء في بيان للرئاسة· وكانت هذه الزيارة مناسبة لتعزيز (العلاقات الأخوية المتميّزة) بين الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية والجمهورية التونسية و(تلبية لدعوة من الرئيس التونسي محمد منصف المرزوقي)، كما أوضح البيان، كما كانت (مناسبة لتبادل الرؤى ووجهات النّظر حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك على ضوء المستجدّات التي تشهدها منطقتنا المغاربية والعربية)· إضافة إلى ذلك، كانت هذه الزيارة أيضا (فرصة لمزيد من التنسيق والتشاور بين الجزائروتونس وتعزيز علاقات الأخوّة والتضامن القائمة بين البلدين والشعبين الشقيقين)· وكان الرئيس بوتفليقة ضيف مأدبة غداء أقامها الرئيس التونسي السيد محمد منصف المرزوقي بقصر قرطاج على شرف رؤساء الدول والملوك بمناسبة الاحتفال بالذكرى الأولى للثورة الشعبية التونسية· وكان بوتفليقة قد أجرى قبل ذلك محادثات على انفراد مع رئيس الدولة التونسي، وقد التقى الرئيسان بوتفليقة والمرزوقي على إثر هذه المحادثات أمير دولة قطر حامد بن خليفة آل-ثاني· وتتميّز العلاقات الجزائرية-التونسية الاستراتيجية الضاربة في القدم بالتواصل المستمرّ والمكثّف والمتنوّع للتعاون الثنائي في مختلف المجالات خدمة للمصالح المشتركة للشعبين، وفق ما أجمع عليه المسؤولون في البلدين في العديد من المناسبات· وقد بيّنت مختلف الاتفاقيات المبرمة بين الجانبين سعي البلدين الدؤوب من أجل تجسيد اتحاد المغرب العربي ووقوفهما مع باقي الدول العربية في الذود عن إقرار حقوق الأمّة العربية وفي التضامن مع فلسطين والعراق ونضالهما المشترك الرّامي إلى إرساء تعاون دولي على مستوى حوض البحر الأبيض المتوسط يكون أكثر جدوى لهما ويعود بالفائدة على جميع الشعوب المعنية· كما يستنتج من خلال مختلف اللّقاءات والمباحثات السياسية التي جمعت بين المسؤولين في البلدين الأهمّية التي يوليها الطرفان لاستشراف آفاق هذا التعاون وبلورة أنجع الصيغ والآليات لإعطائه الدفع المنشود وإثراء مضامينه وتنويع مجالاته في نطاق شراكة فاعلة ودائمة تستجيب لمتطلّبات الحاضر والمستقبل· وبعد ثورة (الياسمين) التي أطاحت بالنّظام السابق في 14 جانفي 2011 لم يفت رئيس الجمهورية عبد العزير بوتفليقة التعبير عن (ثقته) في أن يتمكّن هذا البلد بفضل (العبقرية التونسية الأصيلة) من العبور إلى برّ الأمان وتحقيق رفاهية الشعب التونسي· وقد جدّدت الجزائر ذات الموقف بعد انتخاب الرئيس التونسي منصف المروزقي، حيث أكّد عبد العزيز بوتفليقة (عزمه الرّاسخ على تعزيز عرى الأخوّة الوثيقة وعلاقات التعاون المتميّزة القائمة بين البلدين خدمة لمصلحة الشعبين الشقيقين)· وجاءت تصريحات عبد القادر مساهل الوزير المنتدب المكلّف بالشؤون المغاربية والإفريقية بمناسبة ترؤسه الجانب الجزائري في لجنة المتابعة -لتؤكّد مجددا موقف الجزائر الواضح إزاء ما عرفته تونس من تطوّرات، حيث شدّد على أن الجزائر قد آلت على نفسها أن تحترم وتدعّم خيارات الشعب التونسي بكلّ مكوّناته، معربا عن أمله في أن يتمكّن هذا البلد من (إرساء دعائم نظام ديمقراطي تعدّدي يستجيب لتطلّعات الشعب التونسي التواق لمزيد من الحرية والعدل والمساواة)· ولعلّ قرار الوزير الأوّل التونسي السابق قائد السبسي بتخصيص أوّل زيارة له خارج تونس بعد الثورة التونسية إلى الجزائر جاء ليبرهن مرّة أخرى على أواصر حسن الجوار والاحترام المتبادل، حيث أشاد قائد السبسي بنتائج هذه الزيارة، مثمّنا (الدّعم المعنوي والمادي الذي قدمته الجزائرلتونس)· ومرّة أخرى جاء تصريح الرئيس منصف المروزقي ليبرز مجدّدا الطابع الاستراتيجي لهذه العلاقات التي بإمكانها (توحيد اقتصادي الدولتين)، مؤكّدا إرادته في التوجّه للجزائر كي يبيّن أن البلدين (في حاجة إلى بعضهما البعض) على حدّ قوله· وأظهر اجتماع اللّجنة المشتركة للتقييم والمتابعة خلال شهر جوان المنصرم (حرص) البلدين على (تجاوز) الظروف الاستثنائية التي مرّت بها تونس بعد ثورة 14 جانفي 2011 وسعيهما المشترك لتفعيل آليات التعاون الثنائي خلال المرحلة القادمة· كما تمثّلت أهمّية هذا الاجتماع في الشروع في تنفيذ مجمل برامج التعاون ورسم الملامح الأولى للمزيد من المشاريع المستقبلية الكبرى بين الجانبين· وتطرّق الوفدان بمناسبة انعقاد آخر اجتماع للجنة المتابعة والتقييم إلى السبل الكفيلة بدعم التعاون في القطاعات الهامّة التي تستقطب الاهتمام المشترك، لا سيّما مجالات الطاقة والمناجم والاستثمار والمؤسسات الصغرى والمتوسطة والسياحة، فيما أكّد الجانبان الأهمّية القصوى التي يكتسيها الاتّفاق التجاري التفاضلي الموقّع بين البلدين عام 2008· وكانت الجزائروتونس قد وقّعتا خلال شهر ديسمبر من سنة 2010 على 12 وثيقة تخصّ التعاون في القطاعات الاقتصادية والثقافية والخدماتية من أبزرها اتّفاق التعاون بين الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار والوكالة التونسية للاستثمار الخارجي الذي من شأنه دعم وترقية الاستثمارات بين الدولتين، علما أن حجم المبادلات التجارية بين تونسوالجزائر بلغ عام 2010 زهاء 600 مليون دولار، أي بزيادة تقدّر 6،5 بالمائة بالمقارنة مع سنة 2009، فيما تشير تقديرات سنة 2011 إلى بلوغ قيمة المبادلات التجارية بين البلدين نحو 700 مليون دولار