تكتسي زيارة الرئيس التونسي المؤقت محمد منصف المرزوقي للجزائر أهمية خاصة كونها تأتي في سياق التحولات السياسية والاقتصادية التي تمر بها المنطقة العربية عموما وتونس خصوصا وفي وقت يكثر فيه الحديث عن مسألة الاندماج الاقليمي التي تطغى على زيارة الرئيس التونسي الذي يقوم بجولة مغاربية شملت ايضا المغرب وموريتانيا. زيارة الرئيس المرزوقي للجزائر تحمل العديد من الدلالات أبرزها إرادة بعث التعاون الثنائي الذي وإن مازالت ركائزه قائمة، إلا أن الظروف الداخلية التي مرت بها تونس اثر اندلاع ثورة 14جانفي خلال السنة الماضية قد جمدت صيرورة هذا التعاون، الذي يعود إلى فترة طويلة والذي كثيرا ما وصف بالمتميز، كما أنه يستبعد أن يشهد تغيرا في المنحى رغم الأوضاع الداخلية الجديدة في تونس. ولعل زيارة رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليفة، لتونس للمشاركة في احتفالات الذكرى الاولى لثورة ''الياسمين'' التونسية تعد بمثابة رسالة تأكيد على الاهمية التي تبديها الجزائر لهذا البلد الجار ومساندتها له وهي التي أعلنت مباركتها لخيار الشعب التونسي من خلال التأكيد للسلطات الجديدة على مواصلة تعزيز سبل التعاون الثنائي وفتح صفحة جديدة على أساس الاحترام المتبادل وتقديم الدعم من أجل أن تتجاوز تونس الظروف الحالية، وكانت المساعدة المالية التي قدمتها الجزائر للحكومة التونسية شهر مارس الماضي والمقدرة ب100 مليون دولار خلال زيارة الوزير الأول التونسي المؤقت باجي قايد السبسي، بمثابة عربون أخوة وصداقة لهذا البلد الجار. وتتضمن المساعدة هبة مالية ب10 ملايين دولار وقرضا ب40 مليونا بنسبة فائدة1 بالمائة، مع فترة إعفاء لخمس سنوات، ويسدد على 15 سنة، وقرضا آخر ب50 مليونا دون فائدة. ومن جهة اخرى، يبرز على ضوء التصريحات الاخيرة للرئيس المرزوقي رهان تونسي كبير على الجزائر من أجل النهوض بالتنمية في ظل الازمة الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد، داعيا إلى تفعيل الاتفاقات الثنائية لضمان التنمية المشتركة. وتجدر الاشارة، في هذا الصدد، إلى أن أبرز ما تضمنته الاتفاقات الثنائية هو المذكرات والبرامج التنفيذية في مجال التجارة، التعليم العالي، الأشغال العمومية، الضمان الاجتماعي، العمل والعلاقات المهنية، تنقل الأشخاص والاتصال وغيرها. وكان اجتماع الدورة ال6 للجنة التشاور السياسية بين الجزائروتونس قد عقد بحر العام الماضي بالجزائر، حيث أعرب وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي ونظيره التونسي السيد محمد مولدي كافي عن إرادتهما في توسيع علاقات التعاون الجزائري-التونسي أكثر فأكثر. وأوضح السيد مدلسي خلال ندوة صحفية عقب الاجتماع أن ''التعاون بين الجزائروتونس يعد إيجابيا في مجالات عديدة مثل الطاقة والتجارة ونحن نعمل على توسيعه إلى مجالات أخرى مثل السياحة، حيث تتمتع تونس بتجربة كبيرة''، كما حيا الجهود التي تبذل من الجانبين من أجل تطوير العلاقات الثنائية ''والتي ستتواصل-كما أكد- بالرغم من الوضع الذي تشهده تونس'' منذ ثورة جانفي من العام الماضي. وكان الوزير التونسي قد حيا الدعم ''المعنوي والمادي الذي قدمته الجزائر إلى تونس غداة ثورة جانفي، معربا عن ارتياحه لنوعية العلاقات الثنائية في كافة المجالات واصفا إياها ب''الممتازة''، معتبرا أن الجزائر تعد على الصعيد الاقتصادي أول شريك لتونس في العالم العربي وإفريقيا وأن المبادلات لم تتوقف عن التطور بالرغم من الصعوبات التي تواجهها تونس. وعلى الصعيد المغاربي، تبدي تونس حماسا كبيرا لدور الجزائر ''في تحقيق حلم الوطن المغربي الكبير''، حيث سبق للرئيس التونسي الذي أكد خلال زيارته لليبيا بداية جانفي الماضي أن الجزائر ''مهمة جدا ''في تحقيق هذا الحلم قائلا في هذا الصدد ''مشروع المغرب العربي يجب الآن أن يعود إلى الحياة، وفيما يخص تونس نحن نعتبر أن جارتنا الشقيقة الجزائر مهمة جدا لنا''.