خصصت الدولة الجزائري أموالا ضخمة لقطاع الصحة، بغية تحسين الخدمات وتطبيق سياسة الوزارة من أجل أنسنة هذا القطاع الحساس الذي يعد من أهم القطاعات، والمجهودات التي تبذلها الدولة في هذا الإطار، مما حسن الوضعية، إلا أن هناك بعض النقاط السوداء التي لا تزال ترهق المرضى، وقد وقفت ”المساء” على بعض النقاط الإيجابية والسلبية بقطاع الصحة في عاصمة الشرق الجزائري التي تبقى تواجه في العموم مشكل الاكتظاظ. تشير الإحصائيات أن نسبة التغطية الصحية بقسنطينة ارتفعت من معدل عيادة متعددة الخدمات لكل 54 ألف مواطن في أواخر سنة 2004، إلى عيادة واحدة لكل 24 ألف مواطن، والنسبة مرشحة للتقلص وفق البرنامج الجديد المسطر الذي يهدف للوصول إلى عيادة متعددة الخدمات لأقل من 20 ألف مواطن، أواخر سنة 2014، كما انتقلت نسبة التغطية بالأطباء من طبيب لكل 2500 مواطن في أواخر سنة 2004، إلى طبيب لكل 490 مواطنا في حدود سنة 2010، وهي السنة التي عرفت إجراء 13 مليون عملية فحص عبر مختلف الهياكل الصحية بالولاية، لكن رغم ذلك، تبقى قسنطينة التي تعد 60 بالمائة من الاحتياجات الصحية لسكانها احتياجات قاعدية، حسب الإحصائيات المستقاة من المديرية الوصية.
قاعات علاج في وضعية لا تحسد عليها تشهد قاعات العلاج ببلدية زيغود يوسف مشاكل جمة، حيث تم هجر أغلبها بسبب قلة الأطباء ونقص الإمكانيات المتاحة لخدمة المواطن، كالتجهيز، هشاشة وتصدع المقرات التي أصبحت خطرا يهدد حياة مرتاديها، وحسب مصادر من مديرية الصحة، فإن السلطات المحلية خصصت خلال الأشهر الفارطة مبلغ ملياري سنتيم لإعادة ترميم قاعات العلاج على مستوى البلدية، كما أن قاعات العلاج ببلدية الخروب ليست بأفضل حال، حيث يعمل بها أربعة أطباء يتناوبون ويتقاسمون قاعة فحص واحدة بها طاولة للفحص ومكتب، وتقتصر مهامهم على تقديم العلاج القاعدي من فحوصات طبية، حقن وتلقيح، أما قاعة العلاج المتواجدة بحي 900 مسكن التي تشهد إقبالا كبيرا، فإن وضعية قنوات التطهير والرائحة الكريهة المنبعثة أثرت سلبا على أداء الخدمة، وهي نفس المشاكل التي تعيشها باقي قاعات العلاج بالبلدية، إلى جانب قاعة العلاج بمنطقة وادي حميميم بالخروب، تضم حجرة علاج واحدة وتؤطرها طبيبة واحدة، إضافة إلى قاعة علاج أخرى بعين النحاس هجرها أطباؤها بسبب غياب النقل، وكذلك الحال بالنسبة لقاعة العلاج بمفترق الطرق، وقاعة البعراوية التي تصدع هيكلها وصار آيلا للسقوط في أي لحظة.
توسعة العيادة الاستشفائية للتوليد وهاجس نقص الممرضات أكد مدير العيادة الاستشفائية المتخصصة في أمراض النساء والتوليد بسدي مبروك، السيد أحسن برانية، أنه وبسبب الضغط الكبير الذي يشهده هذا المرفق، قررت مديرية الصحة بالولاية تدعيمه بمشروع توسعة ب60 سريرا تضاف إلى ال68 سريرا الموجودة حاليا في آفاق 2013، معترفا بنقص الأطباء والممرضين، خاصة باتجاه جلهم نحو القطاع الخاص هروبا من الضغط الكبير، وتؤكد مسؤولة قسم الحضانة، السيدة ريميتة، أن العيادة التي لا تضم سوى 5 أطباء مختصين وبروفيسورا، تسجل عند ذروة العمل ما بين 60 و65 حالة ولادة يوميا، ويزاد العدد خلال الفترة الصيفية ليصل إلى حدود 200 ولادة، مما أثر سلبا على نوعية الخدمات، خاصة مع توافد حوامل من خارج الولاية وفي حالات جد معقدة، تستدعي جهدا من قبل الطاقم الطبي يوازي جهد توليد 5 إلى 6 نساء في حالة عادية، كما أكده البروفيسور صلاحي.
عيادة بومرزوق أحسن مثال لنجاح السياسة الصحية تعد عيادة بومزوق التي تم تدشينها سنة 2008، نموذجا لنجاح السياسة الصحية بولاية قسنطينة، فالعيادة التي تضم العديد من التخصصات، على غرار جراحة الأسنان، الأشعة، التحاليل الطبية، أمراض السكري وأمراض العيون، بنيت على أنقاض مركز صحي مكون من شاليهات، حيث تم تعويض المركز الجديد ببناية لائقة، تقدم خدمات جليلة لحوالي 80 ألف مواطن يقطنون الأحياء المجاورة، على غرار بومرزوق، الكيلومتر الرابع، أشعاب الرصاص، القماص والدقسي.