انطلقت، صباح أمس، فعاليات الملتقى الوطني الثالث للآثار بقاعة المحاضرات الكبرى بجامعة بوزريعة والذي نظمه معهد الآثار في إطار الاحتفال بخمسينية الاستقلال، وقد جاء السنة تحت عنوان "دور وأهمية الآثار في كتابة التاريخ الوطني"، وقد جرت نشاطات هذا الملتقى بمشاركة أساتذة مختصين في علم الآثار من مختلف جامعات ومناطق الوطن. أجمع المتدخلون على أن الجزائر تتوفر على كنوز آثارية متنوعة وثمينة إلا أن الاهتمام بهذه الآثار لم يتماش مع ما تملكه الجزائر من هذا المخزون، فالكثير منها في حاجة إلى التنقيب والبحث كما جاء في كلمة نائب رئيس جامعة الجازئر 02 في كلمة الافتتاح التي ألقاها بهذه المناسبة. أما مدير معهد الآثار المنظم لهذه التظاهرة الثقافية، فقد نبه إلى أن للآثار أهميتها البالغة في التاريخ الوطني، وأنه من خلال هذا الملتقى ندعو لكتابة التاريخ الجزائري من مختلف الحقب حتى نكتب تاريخا متميزا وذلك من خلال الرجوع للحفريات الأثرية واستثمارها من الناحية العلمية حتى تصبح مصدرا من مصادر التاريخ لأن الحفريات تؤدي إلى نتاج المعرفة الأثرية من خلال الاهتمام بالتراث ومكوناته قصد صيانته لأن آثارنا لم تزل مطمورة ولم يكشف عنها. وبعد كلمة مدير معهد الآثار، ألقى الأستاذ محمد البشير شنيتي المحاضرة الافتتاحية للملتقى تحت عنوان "وجهة نظر: التراث الأثري إرث أمانة، تأمل" وقد لاحظ المحاضر أننا نتباكى جميعا على التراث إلا أننا لا نفعل من أجله إلا القليل رغم أن التراث إرث وأمانة قبل أن يكون وسيلة أخرى ولا نستثمر تراثنا مثلما تستثمر الدول تراثها، بل نجد معماريينا يبتعدون في أسلوبهم المعماري عن تراثنا. بعدها ترأس الدكتور شنيتي محمد البشير الجلسة العلمية الأولى التي اتسمت بمداخلة النقيب لعريبي مجاهد من الدرك الوطني بعنوان "دور الدرك الوطني في الحفاظ على الممتلكات الثقافية" والتي سلط من خلالها الضوء على المجهودات التي تقوم بها قيادة الدرك الوطني من خلال إنشائها لجهاز متخصص لحماية التراث الوطني بعد أن أصبح الاجرام يستهدف حضارة الأمة وثقافتها. واستعرض النقيب لعريبي مجاهد في مداخلته القوانين التي سنتها الدولة الجزائرية لحماية تراثنا وآثارنا وصيانته سواء المادي منه أو غير المادي، مذكرا بالاجراءات الأمنية ومكافحة تهريب الآثار، واستعرض النقيب عدد القضايا المعالجة حسب وحدات الدرك الوطني وكذا المواقع الأثرية التي تم الاعلان عن اكتشافها والأساليب التي يعتمدها المجرمون في تهريب الآثار والمتاجرة بها بأثمان خيالية، أضف إلى ذلك السياح الذين يقومون بتهريب الآثار مما اضطر أن يقوم الجهاز المختص بجرد جميع الممتلكات الأثرية بالتنسيق مع وزارة الثقافة، والتعريف بهذه الممتلكات من خلال وضع بنك معلومات حولها. أما الأستاذ سلاطنية عبد المالك فقد ركز في مداخلته على تراث ثورة نوفمبر 1954 لما لها من أهمية للأجيال القادمة. من جانبها، الأستاذة شايد سعودي ياسمينة سلطت الضوء في مداخلتها حول قراءة جديدة لبعض الجثث باستعمال قواعد علم الآثار الجنائزي. أما الأستاذ عقاب محمد الطيب، فقد سلط الضوء على مكانة العمارة الدفاعية الجزائرية بالنسبة للحضارة الاسلامية ورأى أن مدينة الجزائر كانت لها أسوار وأبراج وحصون قبل دخول العثمانيين إليها وأن مسجد السيدة كان قبل العثمانيين وكان هو الجامع الرسمي لمدينة الجزائر، وتعرض الباحث إلى أهمية العمارة الدفاعية لمدينة الجزائر وما امتازت به من خصوصيات. وقد سلط الملتقى الوطني الثالث الذي ستختتم أشغاله اليوم على المعالم الأثرية الجزائرية وما تعرضت له من تدمير مثل دار الإمارة الجنينة، كما تعرض الملتقى إلى ذكر المواقع الأثرية ودورها في إثراء كتابة تاريخنا الوطني سواء من خلال المعالم الموجودة أم من خلال المسكوكات والنقوش وغيرها من الآثار. وقد نظم على هامش الملتقى في بهو القاعة الكبرى للمحاضرات بجامعة بوزريعة معرض لبعض التحف الأثرية والمواقع من خلال الخرائط وأساليب الحفر والتنقيب عن الآثار.