انطلقت يوم السبت ببلدية برج الأمير عبد القادر (80 كلم عن عاصمة ولاية تيسمسيلت) فعاليات الجلسات الحادية عشر لمدينة "تازا" لإبراز المناقب والخصال المميزة لشخصية الأمير عبد القادر. وتسمح هذه التظاهرة الثقافية التي تدوم ثلاثة أيام بإلقاء أهل الاختصاص لعدة محاضرات لتسليط الضوء على المآثر السياسية والأدبية والدينية لمؤسس الدولة الجزائرية الحديثة حيث أبرز الدكتور قوراية أحمد السلوك الحضاري الذي كان يمتاز به الأمير عبد القادر أثناء مقاومته للمستعمر مقدما درسا في احترامه لحقوق الإنسان من خلال معاملته النبيلة للأسرى. ومن جهته أشار الأستاذ بورابعة مسعود ممثل المديرية العامة للأمن الوطني في مداخلته أن شخصية الأمير "مثال يقتدى به على مر الأزمان في دعوته إلى السلم والمصالحة من خلال الدور الكبير الذي لعبه في إطفاء نار الفتنة بين المسلمين والمسيحيين في بلاد الشام سنة 1860" مضيفا أن "رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة انتهج نهج الأمير في اعتماد المصالحة الوطنية ما بين الجزائريين". وكانت هذه الجلسات فرصة لإماطة اللثام عن المجهودات المبذولة من طرف مصالح الدرك الوطني في مكافحة تهريب الآثار حيث أكد الملازم الأول لعريبي مجاهد ممثل المعهد الوطني للأدلة الجنائية وعلم الإجرام أن الجزائر قد صادقت على عدة اتفاقيات ومعاهدات دولية تندرج في إطار حماية التحف الأثرية مضيفا أن "قوانين بلادنا تحمي جميع الممتلكات الثقافية من التهريب". كما كشف الدكتور بويحياوي عز الدين أستاذ بمعهد الآثار لجامعة بوزريعة (الجزائر العاصمة) عن نتائج الحفريات التي تمت ما بين 2002 و2009 بالموقع الأثري ل"تازا" والتي تضمنت استخراج قلعة الأمير عبد القادر واكتشاف بها لأثار رومانية وأخرى ترجع لفترة الأمير حيث تتمثل في خزفيات وقطع نقدية وأواني فخارية وزجاجية. وللإشارة برمج في إطار هذا اللقاء المنظم من طرف جمعية الآثار والتراث لبلدية برج الأمير عبد القادر موائد مستديرة وأمسيات شعرية وأبواب مفتوحة على المتحف البلدي ومعرض للفنون التقليدية وزيارة سياحية للموقع الأثري "تازا" مع تكريم المتفوقين في المسابقة الوطنية لأحسن رسم يعبر عن السلم وإقامة دورات رياضية. وترتبط هذه الجلسات -حسب المنظمين- بإحياء حدث تاريخي هام متعلق بالمقاومة الجزائرية للاستعمار الفرنسي حيث انعقد المجلس الشوري بقلعة "تازا" يوم 3 جويلية 1839 وأعلن حينها الأمير عبد القادر الجهاد مجددا بعد نقض المستعمر لمعاهدة التافنة. وللتذكير فإن حصن "تازا" قد أسس في شهر جوان 1838 من طرف خليفة مليانة وقتذاك محمد بن علال وذلك بأمر من الأمير عبد القادر حيث شمل على عدة مباني عسكرية في مقدمتها القلعة والمصانع الحربية إضافة إلى المخازن والسجن والإسطبل والمخبزة.