أكد أخصائي أمراض الكلى في الجزائر، البروفيسور الطاهر ريان ل ”المساء”، أن الدولة سخرت كل الوسائل والإمكانيات الضرورية، من هياكل وأجهزة، لإعادة النهوض بقطاع الصحة في الجزائر، وبالرغم من الشعار الذي وضعته منظمة الصحة المتمثل في ”تقريب المواطن من المؤسسات الصحية”، إلا أن المواطن غير راض على الخدمات المقدمة لأسباب واضحة، تتعلق بسوء التسيير وانعدام الوعي لدى بعض الأطباء وصمت الإدارة - في غياب المراقبة- على التجاوزات الخطيرة التي تجري في المستشفيات. أوضح البروفيسور ريان أن البرنامج المسطر من طرف الوصاية لإنعاش قطاع الصحة ”موجود فقط في الجانب النظري، لكن التغطية في الميدان تثبت العكس”، مستدلا على ذلك بكون المواطن لا يزال يشتكي نقص الخدمات بالقطاع العمومي، موضحا أن الجزائر لديها أطباء مؤهلون وتتوفر على هياكل طبية وأجهزة حديثة تدعم بها القطاع مؤخرا، لكن سوء التنظيم والتسيير وانعدام الوعي والضمير المهني عكر صفو القطاع وأخلط كل الأوراق. وتحدث مصدرنا عن مشكل غياب الثقة لدى المرضى بالأطباء، بسبب طريقة المعاملة والاستقبال التي تغيرت من طرف المعنيين، حيث أصبح المواطن يجس النبض قبل اللجوء إلى طبيب معيّن، عكس ما كان عليه الأمر سابقا، فبالرغم من قلة الوسائل، إلا أن المرضى لا يشككون في قدرة الأطباء بسبب الاستقبال الحار بالابتسامة، مما يحضر المريض بسيكولوجيا، لكن في الوقت الراهن، الممرضون والعمال وحتى الأطباء لا يبالون بمرارة الألم الذي يعاني منه المريض، ولا يستقبل كما ينبغي، ويتحدثون في الهاتف ويحتسون القهوة والمريض ينتظر، مما يحوله إلى عنيف، لتنتشر بعدها ظاهرة العنف والتعدي على الأطباء. وأكد محدثنا أن المريض أصبح يفضل القطاع الخاص بحثا على الراحة والنظافة والتغذية يقول - محدثنا-، تاركا القطاع العام الذي يفتقر لأدنى الحقوق، على سبيل المثال المراحيض العمومية المنعدمة في بعض القطاعات، والتي إن وجدت، لا تتوفر على شروط النظافة من جهة أخرى، فمرضى القصور الكلوي بمستشفى بني مسوس، يجدون صعوبة في التبول من ساعة إلى أخرى بسبب انعدام المراحيض، إضافة إلى سوء التسيير ولامبالاة الإدارة بالتجاوزات التي تحدث في المستشفيات، كما أن معاملة الأطباء للمرضى تختلف من العيادات الخاصة إلى القطاع العمومي، رغم أن الطبيب هو نفسه الذي يعمل في القطاعين، وهذه الظاهرة موجودة في مجتمعنا. وعبّر البروفيسور ريان عن انتقاده للطريقة التي أصبح يعمل بها الأطباء في المستشفيات، حيث أصبحوا لا يحترمون مواعيد العمل، فمنهم من هو مبرمج للعمل طيلة 8 ساعات، مستغربا أن يعمل الطبيب 4 ساعات، ثم يغادر المستشفى، في الوقت نفسه، يطالب بزيادة الأجور وخدماته قليلة، مشيرا في حديثه أيضا إلى الضغط الموجود في المستشفيات بسبب النزوح من المدن الأخرى للتداوي بالعاصمة، لأن الأطباء يرفضون العمل في القرى والأرياف ويعتبرون قرار إرسالهم نحو المدن الداخلية مجحفا وغير عادل، كونهم لا يملكون الثقة بالنفس، ليجدوا ضالتهم في مستشفيات العاصمة، وعدم استفادتهم من تربصات على الصعيد الدولي، مثلا، أو تحويلهم من مقرات عملهم السابقة يجعلهم ينتقمون من المرضى، ويبقى عملهم يتمثل في سيارة الإسعاف وكتابة الرسائل لتحويل المرضى من مكان لآخر