وجد ائتلاف المعارضة السوري نفسه في دوامة مواقف أعضائه المتضاربة من النقيض إلى النقيض بين مؤيد ومعارض لفكرة التفاوض مع النظام السوري والتي بدأت تجد طريقها إلى التجسيد بعد أن انتهى الجميع إلى الاقتناع أن خيار القوة العسكرية الذي تبناه الفريقان المتحاربان وصل إلى طريق مسدود. وزرعت تصريحات قائد هيئة أركان الجيش السوري الحر الجنرال سليم إدريس الشك حول حقيقة موقف ائتلاف المعارضة من فكرة التفاوض عندما أكد أن المتمردين يرفضون بشكل قطعي كل فكرة للتفاوض ما دام الرئيس بشار الأسد باقيا في سدة الحكم وما لم تنسحب كل وحدات الجيش النظامي من مختلف المدن السورية ومحاكمة مسؤولي الجيش والأمن الذين أعطوا الأوامر لقتل السوريين.وجاءت هذه التصريحات في تعارض مع تصريحات رئيس الائتلاف المعارض أحمد معاذ الخطيب الذي جدد التأكيد، أمس، على استعداد المعارضة الدخول في مفاوضات مع النظام السوري. ولا يستبعد أن تضع هذه المواقف المتضاربة مصداقية المعارضة السورية على المحك، خاصة لدى القوى الغربية الداعمة لها والتي ركبت هي الأخرى قطار المفاوضات ورأت فيه المخرج الأوحد لما هو جار في سوريا، بل إنها ضغطت على هذه المعارضة بشقيها السياسي والعسكري لدفعها إلى قبول هذا الخيار الذي فرضه سقوط 70 ألف قتيل في حصيلة مازالت مفتوحة وبمستقبل مجهول.يذكر أن تصريحات المسؤول العسكري للجيش السوري الحر جاءت ردا على تصريحات وزير الخارجية السوري وليد المعلم، التي أدلى بها من العاصمة الروسية والتي أكد خلالها استعداد دمشق للتفاوض مع المجموعات المسلحة المناوئة للنظام السوري.وأحدثت تصريحات وزير الخارجية السوري بالعاصمة الروسية تحولا نوعيا في موقف دمشق من المفاوضات مع المعارضة بعد أن أكد أن دمشق مستعدة للتفاوض مع كل طرف يريد ذلك بمن فيهم المجموعات المسلحة.ودافع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، مرة أخرى عن موقف بلاده الداعي إلى ضرورة تغليب لغة الحوار وقال إن المؤيدين للمسعى في تزايد متسمر وهو ما جعله يدعو السلطات السورية إلى عدم ”الانجرار” وراء استفزازات رافضي التسوية السلمية.وهو الأمر الذي شدد عليه الأخضر الإبراهيمي المبعوث الخاص للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا، الذي أكد هو الآخر على حتمية الدخول في مفاوضات فورية بين أطراف النزاع في ظل انعدام حل سلمي للأزمة، مبرزا أن البلاد أمام خيارين إما الحل السلمي أو الدمار وبقناعة أنه لن يتحقق النصر العسكري لأي جانب. من جهة أخرى، أبدى معاذ الخطيب عزمه المشاركة في ندوة أصدقاء سوريا، التي ينتظر أن تحتضنها العاصمة الإيطالية روما، الخميس القادم، ويحضرها لأول مرة وزير الخارجية الأمريكية الجديد جون كيري. وكان ائتلاف المعارضة قد قرر نهاية الأسبوع مقاطعة كل اللقاءات الدولية التي تعقد حول سوريا بما فيها لقاء روما احتجاجا على ما أسماه ”المواقف المتخاذلة للمجموعة الدولية” إزاء ما يجري في سوريا والصمت الذي تلتزمه تجاه النظام السوري.ولا يستبعد أن تكون الولاياتالمتحدة قد مارست ضغوطات كبيرة على الخطيب حتى يتراجع عن موقفه وهو ما لمح إليه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بالعاصمة البريطانية، أمس، عندما دعا السوريين إلى الحضور إلى روما لمعرفة مواقفهم وإعلامنا بما جري.