تتزين جدران رواق ”باية” بقصر الثقافة إلى غاية 23 مارس الجاري بالألوان الناطقة بالحياة والأمل والأنوثة، تشهد عيد المرأة بأن الإبداع بلغ مداه واستطاع أن يرجع الريشة ولوحة الألوان إلى أصلهما الأنثوي. يجمع المعرض ست فنانات تشكيليات ب 180 لوحة تجمعها البصمة الأنثوية المتميزة، وأغلب الفنانات من العاصمة بعضهن خريجات المدرسة العليا للفنون الجميلة وبعضهن الآخر فنانات عصاميات قدمن إبداعات متميزة ورؤى مختلفة أو متكاملة كان لموضوع المرأة النصيب الأوفر فيها. فنانات من أجيال مختلفة ومن مدارس فنية متباينة وبأساليب متنوعة من التجريدي إلى الواقعي إلى التشخيص إلى اللصق إلى الرسم على القماش والزجاج، الفنانات العارضات هن ماجدة بن شعبان، سامية بومرداسي، نادية شراك، مريم كزويت، صفية مغنم وفتيحة نايت الحسين، سامية بومرداسي الطبيبة، الشاعرة والكاتبة فإنها كعاداتها مرهفة الحس تعطي انطباعا انسانيا عبر لوحاتها ال 15 منها”العصفور الأزرق”، ”أرابيسك”، ”حلم”،”الانتظار”، ”الكاهنة”، ”الطيار” و"رمضان” وغيرها من اللوحات التي لاتخلوا أيضا من الأصالة خاصة في أسلوب المنمنمات. لاتخلو لوحة من موضوع المرأة بحياتها العادية وبطموحاتها وتضحياتها في سبيل غد أفضل، تستمد سامية الحياة من ألوان لوحتها وتدخل عليها مختلف الأشكال الهندسية التي تجسدها ببراعة. أستاذة الرسم نايت الحسين فتيحة تتجه إلى الضوء والبياض، وحاولت أن تطلي هذا البياض على مختلف المواقع والآثار والمدن كالقصبة والأميرالية، بينما اتجهت مريم كزويت إلى الألوان الصاخبة في لوحاتها ذات النزعة التجريدية تشبه في أبعادها وأشكالها المحراث، كما أنجزت لوحات بأسلوب المدرسة الواقعية منها ”المرأة القبائلية”، و«الحديقة الزرقاء”، و"سعيدة”. نادية شراك تميل إلى الموسيقى في أعمالها، إذ أزدحمت في لوحاتها الآلات الموسيقية كالقانون والعود والدف والنوتات وغالبا ماتكون في أشكال هندسية متداخلة. مغنم صفية التفتت إلى البورتريهات التي خصصتها للمرأة الجزائرية التقليدية الأصيلة من الحدود إلى الحدود والتي غالبا ما تحمل أسماء قديمة منها ”عيشوش”، ”ضاوية”، ”وريدة” ”لالاهم”، ”تماني”، ”خداوج”، ”ثلجية”، ”دوجة”، ”الياقوت”، ”تاسعديت”، ”مباركة”، ”مقوسة” و«لونجة” وغيرهن، كل واحدة في محيطها التقليدي وبلباسها المحلي، وتؤكد أغلب اللوحات بالألوان الزيتية وبأسلوب المدرسة الواقعية، جمال الجزائرية وأصالتها، وعمدت الفنانة إلى تسليط نوع من الإضاءة على بعض معالم المرأة الأصلية منها ”الحايك” و«العجار”، حيث أبرزتهما بشكل ملفت، كما أبرزت الحلي واللباس العاصمي والقبائلي والصحراوي. أقترحت ماجدة بن شعبان الأسلوب نصف التجريبي، ومن اللوحات التي عرضتها ”الأيدية”، ”ثورة في كلمات متقاطعة”، ”تصور امرأة حائرة” وألصقت على حواف اللوحة كلمات مقصوصة من الجرائد منها ”العنف”،”الاحتجاج”،”الحرب”، ”الرشوة”، ”الهجرة” وهي لغة الإعلام اليوم. وجاءت لوحة ”المضيئة”صاحبة بالأضواء والألوان تظهر جوهر المرأة كالشعاع الذي ينير درب الآخرين، وقدمت أيضا لوحات بالأبيض والأسود (الحبر الصيني) تظهر فيها بعض الطقوس النسائية خاصة الرقص والغناء. معظم الفنانات حاولن إيجاد لغة فنية أنثوية، هي أقرب لمتناقضين الحلم والواقع، باعتبار أن الحلم دوما هو عالم المرأة المثالي، أمّا الواقع، فإنه غالبا مايحاصرها ويكسر جناحيها ويعيق سبيلها إلى الحرية والانعتاق. من جهة أخرى، فإن المعرض انعكاس لمدى حيوية تلك الفنانات اللواتي سبق لهن وأن أقمن العديد من المعارض ومصرّات دوما على العرض وتقديم الجديد الذي يعكس البحث والتجديد. المعرض كان معتقا بالعطر ونسمات الطبيعة وجمال المرأة، لكنه أيضا أعطى رؤى صادقة عن أحاسيس المرأة الفنانة وعن أحوال هذا الكائن الجميل في بلادنا وعبر العالم