يحتضن رواق محمد راسم معرضا جماعيا نسويا بعنوان ''المرأة في حرية''، يتضمن أعمال الفنانات التشكيليات من أجيال مختلفة ومدارس متنوعة جمعها الابداع والانوثة. يبرز المعرض مسار الحركة الفنية التشكيلية الانثوية في بلادنا من خلال أعمال بعض الفنانات اللواتي استطعن الوصول الى صف متقدم في هذا الفن الذي ظل مرتبطا في ظاهره بالفنان الرجل. تشارك في المعرض 30 فنانة يمثلن مناطق مختلفة من الوطن بعضهن حققن ذروة الشهرة كالراحلة باية التي عرضت باقة من أعمالها الرائدة كما حضرت أعمال الفنانة بلبحار سهيلة، والسيدة سلال وقاسي زهية، وشران وبن علوان وخوجة وعزو أمينة وغيرهن كثيرات. اتخذت تلك الفنانات من المدارس الفنية المختلفة أداة لترجمة أحاسيسهن ونظرتهن الى الحياة، بعضهن اهتمت بالمدرسة الواقعية في حين فضلت أخريات الانطباعية والتعبيرية وسيلة أفضل لتمرير رسائلهن للجمهور. اختلفت مواضيع المعرض رغم أن غالبيتها خصصت للمرأة، إلا أن مساحة أخرى خصصت لمختلف قضايا المجتمع ولمظاهر الحياة اليومية. إلتقت ''المساء'' في هذا المعرض بالاستاذ عبد الحميد لعروسي رئيس الاتحاد الوطني للفنون الثقافية الذي أشار الى أن المعرض الذي سيتواصل الى غاية هذا الشهر هو احتفال بالمرأة وهو ابراز لابداعاتها ولتطلعاتها نحو الحرية ونحو حياة أفضل، كما يحمل المعرض تجارب وخبرات وتوجهات فنية وايديولوجية متباينة يكشف النضج الذي يميز المرأة الجزائرية. المرأة الفنانة استطاعت أن تفرض نفسها بقوة الشخصية والتحدي والمستوى العالي الذي وصلته خاصة في مجال التكوين الاكاديمي. وعلى ما يبدو فإن هذا النضج قابله نضج الجمهور الذي أصبح يقدر الفنانة التشكيلية وهو الذي كاد في السنوات الاخيرة لايسمع عنها الكثير ولايعيرها بالا، ومن ثم استطاع أن يكتشف، من خلال ما تقدمه، مكانة المرأة في المجتمع الذي ضمنها لها الموروث الثقافي والاجتماعي المقدر للأم والزوجة والذي غالبا ما يجعل الرجل طفلا أمامها باحثا عن السكينة والأمان، لقد ارتبط الفن دوما بالمرأة ليس فقط كموضوع بل أيضا كصانعة لهذا الفن إذ كانت الاقدار على ترجمة الاحاسيس المرهفة والافكار المثالية وطرح خبايا الواقع، كما أن السنوات الماضية سجلت الاندفاع القوى للجنس اللطيف على مدرسة الفنون الجميلة حيث كانت المرأة فيها من قبل شبه غائبة ليزداد عدد المكونات والمتخرجات اللواتي فرضن ابداعهن في الساحة. من جهة أخرى برزت المرأة العاصمية التي لا تقل إبداعا لتتجاوز حدود بيتها بما تقدمه من فن راق وجميل يعبر عن طموحاتها واستطاعت أن تخترق الاماكن والفضاءات التي يراها الرجل مسدودة أمامه. هكذا بدا المعرض في أجمل حلة بالاشكال والألوان والتعابير يعرض المرأة ومحيطها في ابداع وتناغم مع المحيط والطبيعة، ولعل من أبرز اللوحات التي توقف عندها الجمهور لوحات باية ذات الأسلوب العفوي الصبياني ولوحات شران التي استنطقت الاشكال الهندسية الملونة ذات الدلالات البربرية ولوحة المرأة المتواضعة التي تخيط ملابسها في سكينة للفنانة بن علوان، ولوحة خوجة التي تعرض المرأة الاسيرة وراء القضبان الهلامية محاولة تجاوزها، كما توقفت زهية قاسي عبر اشكال ايحائية عند المراحل التي تمر بها المرأة منذ الطفولة وصولا إلى الحمل والرضاعة. في حين تركزت لوحات البعض حول الطبيعة خاصة تلك التي تجعل من الانثى قطعة من الطبيعة على شكل ازهار أو اشجار غاية في الابداع والجمال. البيت الذي هو مسكن المرأة الأول والابدي يبدو في المعرض هلاميا متطايرا ربما لأنه لايسع احلام وتطلعات المرأة. للتذكير فقد شهد المعرض اقبالا منقطع النظير في الايام الأولى من افتتاحه وقصده حتى الاجانب الذين بهرتهم ابداعات المرأة التشكيلية عندنا. فنانات كثيرات مصرات على الاستمرار خاصة مع الانفتاح والتشجيع الذي يعرفه هذا الفن من طرف السلطات والجهات المسؤولة.