تقول السيدة لعزيب فاطمة المشاركة في معرض «الجزائرية المبدعة» بتشكيلة متنوعة من البرنوس النسوي التقليدي، بأنها تحترف فنون صناعة هذا البرنوس منذ أكثر من ثلاثين سنة، وهو ما مكنّها من الإبداع في أشكاله وألوانه للوصول إلى أذواق الكثيرات. وعرضت السيدة خلال المعرض المذكور برنوس العروس الجزائرية، «وهو رمز السترة في مجتمعنا، فالعروس التي تتأنق بلباسها التقليدي وهي تتأهب للخروج من بيت والدها لا بد لها أن تلتحف بالبرنوس المطرز يدويا، وهذه عادة متوارَثة منذ سنين، بحسب التقاليد المجتمعية، ويمكنني الجزم بأنها عادة متشابهة في كل جهات الوطن، فقد زرت مناطق الجزائر المختلفة ووقفت على مختلف العادات والتقاليد، ولاحظت أن عادة ارتداء العروس للبرنوس تجمع كل المناطق»، تقول المتحدثة، موضحة أن الاختلاف يكون في الألوان وفي أشكال الطرز، ففي القبائل مثلاً تُرسم على البرنوس رموز مستمَدة من الأحرف البربرية القديمة. وفي منطقة الجنوب يُنقش البرنوس برموز المنطقة المتميزة، وعادة تُستعمل الألوان المفضلة لدى سكان هذه المنطقة، وهي الأحمر والأزرق بنقوش متنوعة تعكس تقاليد المنطقة. أما في العاصمة فيُطرز البرنوس بخيوط حريرية على قماش صوفي رفيع باستعمال نقوش متنوعة، قد تجمع بين وريقات وورود صغيرة، وقد تتجسد في صوامع وأقواس وأشكال أخرى، تكون أحيانا حسب الطلب، كما قد يُصنع من القماش الحريري الخفيف الأبيض الناصع، وتختلف مدة صناعته بحسب الأشكال المطرّزة، التي تخضع لرغبات الزبونات، كما قد تستمر الحرفية في إتقان صناعته لمدة قد تصل إلى ستة أشهر كاملة. ويُلبس البرنوس عادة فوق جبة من القماش نفسه ومطرزة بذات الرسوم، وتتزين العروس عادة بحلي من الفضة أو إكسسوارات من الألوان نفسها. وتؤكد المحترفة في الطرز اليدوي، أن صناعة البرنوس النسوي عادة تُتوارث ضمن نطاق العائلة الواحدة، وهو شأنها؛ حيث توارثت الحرفة اليدوية عن والدتها، وتحترف ذات الصناعة التقليدية رفقة سبع نساء في نطاق عائلتها، وأشرفت على تكوين مئات الفتيات المُحبات للصنعة التقليدية الأصيلة، وهي مستعدة كذلك لتكوين كل من ترغب في تلقّي فنون الحرفة؛ «أوجّه هنا نداء إلى كل فتاة لا تمتلك صنعة يدوية وترغب في تلقّي فنون الصناعة التقليدية الأصيلة، أن تتقدم إلينا لنشرف على تكوينها، وحتى من لا تقدر على تغطية مصاريف التكوين سنقدم لها تكوينا مجانيا لصالحها؛ كون الحرفة التقليدية ستضمن لها مدخولا ماديا ولصالح الحرفة ذاتها، لتتأصل أكثر بمجتمعنا، ولتتوارثها الأجيال مثلما توارثناها نحن من جهتنا». من جهة أخرى، تشير الحرفية إلى أنها شاركت بعشرات المعارض والصالونات الوطنية والدولية، وحازت مؤخرا بالجلفة على جائزة أحسن منتوج يدوي في «عيد البرنوس»، وهي الجائزة التي تقيّمها بالمشجعة جدا؛ باعتبارها دفعا معنويا أكثر منه ماديا، يجعلها تتشبث بأصالة العمل اليدوي في صناعة البرنوس النسوي التقليدي رمز الأصالة والستر. جدير بالإشارة أن الإبداع في صناعة البرنوس جعل الأخير يُعرض للمرأة الجزائرية بعدة ألوان، كما عادت «البليطة»، وهي عبارة عن شال عريض يوضع على الكتف، بقوة، لتجدد العهد مع أصالة اللباس الجزائري. وقد عرضتها الحرفية بعدة ألوان إلى جانب الفساتين جميلة الصنع بألوان، وطرز يحاكي ثقافة كل منطقة من الجزائر الحبيبة.