شارك آلاف المواطنين المغربيين في مسيرة احتجاجية بالعاصمة الرباط تحت شعار "من أجل كل الحقوق والحريات" في رسالة مطلبية رافضة ومحتجة على سياسة الحكومة التي يقودها الإسلامي عبد الإله بنكيران. ولبى آلاف المواطنين المغربيين من مختلف فعاليات المجتمع وخاصة أولئك المتضررين من الأداء الباهت لأول حكومة إسلامية تدير الشأن العام في المغرب، نداء سبق لنقابات مغربية أن دعت إلى تنظيمها للتعبير عن سخطهم على أوضاعهم المعيشية التي ما انفكت تزداد سوءا خلال السنتين الأخيرتين. وجاب المتظاهرون مختلف شوارع العاصمة الرباط قبل الوصول إلى مقر البرلمان المغربي رافعين شعارات مناوئة للحكومة، التي أكدوا أنها لم تف بوعودها "الوردية" التي سوقها بنكيران بمجرد تعيينه على رأس الطاقم الحكومي في سياق صفقة بين البلاط المغربي والإسلاميين، في محاولة لمراوغة رياح ربيع عربي كاد أن يجرف العرش العلوي في ثورة شعبية شبيهة بتلك التي هزت كيانات أنظمة عربية في تونس وليبيا ومصر. وإذا كان المحتجون قد رفعوا شعار رفض الرشوة واستفحالها في دواليب المخزن المغربي ومختلف المؤسسات والهيئات المغربية، فقد رفعوا أيضا شعارات منددة بغلاء المعيشة وأخرى مطالبة بتوفير مناصب شغل. وهي نفس القضايا التي تعهد الوزير الأول بنكيران بمجرد تعيينه، بأنه سيضعها من بين أولويات حكومته سواء بالقضاء على الرشوة أو بمراعاة القدرة الشرائية للمواطنين أو العمل على توفير مناصب شغل تقلل من حدة نسبة البطالة التي مست قرابة 30 بالمائة من الأيدي العاملة التي تدخل سوق العمل سنويا في المغرب. وقد لخص أحد المتظاهرين هذه الوضعية بالتأكيد، أن "المغرب يعيش تراجعا فادحا في كل مظاهر الحياة وأن بنكيران يسير بنا إلى الهاوية". وتكتسي هذه المسيرات الاحتجاجية أهمية بالغة، لأنها لم تقتصر فقط على شباب حركة 20 فيفري التي دأبت منذ ميلادها سنة 2011 على تنظيم مسيرات محدودة، ولكن مسيرة أول أمس حصلت على تأييد نقابات عمالية فاعلة، وأيضا من طرف أحزاب معارضة وجمعيات المجتمع المدني الذين ضاقوا ذرعا من سياسة حكومة تأكد فشلها بعد أكثر من عام منذ فوز الإسلاميين بالانتخابات العامة المغربية. وهو ما جعل نقابات مغربية تؤكد أن هذه المظاهرة الاحتجاجية تعتبر بمثابة تحذير للحكومة لتصحيح توجهاته السياسية والاقتصادية التي لم تزد المواطن المغربي إلا غبنا. ويبدو أن حكومة الإسلامي بنكيران محكوم على برنامجها بالفشل المحتوم إذا راعينا مؤشرات الاقتصاد المغربي الذي يعرف ركودا كبيرا، صاحبه عجز في الميزانية العمومية مما أثر على حجم الاستثمارات الحكومية وبالتالي فشلها في احتواء غضب شراع مغربي لم يعد يطيق الانتظار أو الوثوق في وعود هي أقرب إلى الخيال. وسيتأكد هذا الفشل لاحقا بمجرد أن تضع الحكومة المغربية ملفات شائكة على طاولة النقاش العام، مثل إعادة النظر في صندوق التقاعد الذي يوشك على إعلان إفلاسه، والأكثر من ذلك العجز الذي يعاني منه صندوق التعويضات الذي تخصص أمواله لدعم المواد الواسعة الاستهلاك. ويبدو أن بنكيران تفطن متأخرا في ظل سيل المشاكل التي يواجهها، أنه بقبوله تولي مقاليد الحكومة في ظرف اقتصادي هش ووضع اجتماعي متململ، إنما تسلم قنبلة موقوتة قد تنفجر بين يديه في أية لحظة، ولا أحد بإمكانه تصور وقعها على مجتمع مغربي ينتظر فقط اشتعال فتيل ثورة لم تخمدها إصلاحات الملك محمد السادس عندما قبل بتعديلات دستورية قالت حركة 20 فيفري إنها مجرد خدعة لذر الرماد في أعين ملايين المغربيين.