كرمت أمس، جمعية مشعل الشهيد، فريق جبهة التحرير لكرة القدم ب “فوروم يومية المجاهد”، حيث مثل هذا الفريق بهذه المناسبة التي تدخل في إطار الاحتفالات المخلدة لخمسينية استرجاع السيادة الوطنية كل من محمد معوش ومحمد سوكان وعبد الحميد زوبا. وقد ارتأت جمعية مشعل الشهيد من خلال هذه المبادرة، إحياء الذكرى ال 55 لتأسيس هذا الفريق العريق وإبراز النضال الكبير لأعضائه خلال الثورة التحريرية الجزائرية المظفرة، والذي أعطى فعلا نفسا قويا للانتفاضة المسلحة التي أعلنها الشعب الجزائري برمته على المستعمر البغيض، إلى غاية خروجه مدحورا من أرض الجزائر. وقد استغل الأعضاء الثلاثة تواجدهم بمنتدى المجاهد، لإعطاء نبذة تاريخية عن الظروف التي تولدت عنها فكرة إنشاء فريق جبهة التحرير الوطني، وكانت بداية التدخل من السيد معوش، الذي أبرز الدور الكبير الذي لعبه الثلاثي عبد العزيز بن تيفور ومختار لعريبي ومحمد بومزراق، هذا الأخير الذي قال عنه المتحدث إنه صاحب مبادرة إنشاء فريق جبهة التحرير الوطني بعد عودته من موسكو، حيث شارك في مهرجان الرياضة العالمية بالعاصمة الروسية رفقة رياضيين جزائريين متشبعين بالروح الوطنية. وتابع معوش قائلا :إنه كان من بين اللاعبين الذين اتصل بهم بومزراق لتشكيل هذا الفريق ولم يكتب له الهروب مع باقي اللاعبين الآخرين الذين شكلوا نواته الأولى بعد التحاقهم بتونس منتصف شهر أفريل من سنة1958، حيث أوقفته الشرطة الفرنسية وبقي تحت مراقبتها إلى غاية تحقيق محاولته الثانية في 1961، ولم ينس معوش الإشادة بالنضال الرياضي الذي قام به لاعبو فريق جيش التحرير الوطني الذي سبق تأسيس فريق الجبهة، وذكر من بين أعضائه كل من دودو وزرار وسعيدو وشوشان وبن سعيد وربيح وبولحبال. من جهته، ثمن زوبا نضال زملائه في خدمة القضية الوطنية، وأبرز بشكل خاص المواقف الشجاعة للبعض منهم، مثل رشيد مخلوفي ومصطفى زيتوني اللذين استجابا لنداء جبهة التحرير، عوض المشاركة مع الفريق الفرنسي في كأس العالم 1958 بالسويد، فضلا – كما أضاف المتحدث- عن أن هروب اللاعبين المحترفين الجزائريين من فرنسا والتحاقهم بالثورة كان له صدى عالمي كبير، لخصه زوبا في تصريح لفرحات عباس قال فيه هذا الأخير عند استقباله اللاعبين بتونس “لقد ساهمتم في تقدم الثورة بعشر سنوات”. من جهته، رجع زوبا بذكرياته إلى السفريات الخالدة التي قادت فريق جبهة التحرير الوطني عبر البلدان العربية وأوربا الشرقية وآسيا، منوها بالروح النضالية التي كان يتحلى بها اللاعبون أثناء مشاركتهم في المباريات العديدة التي نشطوها، حيث كانوا يشترطون على البلد المستضيف رفع الراية الجزائرية والاستماع إلى نشيد “قسما”، وذكر زوبا الحضور بعدة شهادات لشخصيات عالمية تجاه فريق جبهة التحرير الوطني، منهم الجنرال جياب (بطل ملحمة الثورة الفيتنامية) الذي قال لزملاء مخلوفي أن الاستعمار الفرنسي تلميذ غبي وستنتصر عليه الثورة الجزائرية بعدما انتصرت علية الثورة الفيتنامية، “وأيضا شهادة المؤرخ باسكال بونيفال الذي قال إن فريق جبهة التحرير الوطني كان في طليعة نضال الشعب الجزائري، وأقرّ زوبا أن زملاءه استلهموا كثيرا من نضال مسؤولي الثورة الذين كانوا متواجدين بتونس، وزاد ذلك في عزيمتهم لحمل صوت الثورة إلى كل البلدان التي زاروها، فضلا عن أنهم كانوا يتمتعون بمستوى عالمي نال إعجاب كل من شاهد مبارياتهم، وتذكر زوبا، إلحاح الجماهير الرياضية الرومانية لما طالبت اتحادية بلدها بإعادة برمجة مباراة ثانية لفريقها الوطني مع فريق جبهة التحرير الذي أبهرها بمستواه الفني العالي. إلا أن زوبا أوضح أن نضال أعضاء فريق جبهة التحرير الوطني لا يمكن أن يضاهي التضحيات الكبيرة لأعضاء جيش التحرير الوطني الذين كانوا في مواجهة مباشرة مع المستعمر. وشهدت هذه الندوة مداخلات من بعض الوجوه الرياضية والإعلامية، تم من خلالها التنويه بنضال لاعبي فريق جبهة التحرير الوطني أثناء الثورة التحريرية ومساهمتهم الفعّالة في تطوير الكرة الجزائرية بعد نيل الاستقلال سواء من حيث التكوين أو النتائج، حيث جاءت إنجازاتهم سريعة خلال فوز الفريق الوطني بميداليتين ذهبيتين في ألعاب البحر الأبيض المتوسط (1975) والألعاب الأفريقية (1978)، إضافة إلى رعايتهم وتكوينهم للاعبي فريق الثمانينات المشارك في كأسي العالم 1982 و1986، إلى جانب تأهل منتخب الأواسط إلى مونديال طوكيو بقيادة الشيخ كرمالي الذي قاد فيما بعد منتخب الأكابر إلى التتويج بكأس أمم إفريقيا 1990. واستشهد الحاضرون الذين أدلوا بشهادتهم، بالعطاء المتواصل لأعضاء فريق جبهة التحرير الوطني، من خلال مساهمتهم الحالية في إنشاء مدارس لكرة القدم في كثير من جهات الوطن والتي لخصها معوش بالقول: “إن زملاءه لا زالوا أوفياء للشبيبة الجزائرية”. وقد وزعت في نهاية الندوة هدايا رمزية لكل من زوبا ومعوش وسوكان، إلى جانب إسماعيل خباطو بصفته كبير المدربين.