يحتضن المركز الثقافي الجزائري بباريس، معرضين فنيين عن الجزائر، يستمر لغاية 27 أفريل الحالي، وستنظم معارض أخرى شهري ماي وجوان القادمين، تحت عنوان “رؤى متقاطعة للجزائر”، حيث سيتم كشف أسرار الجزائر المستوحاة من تاريخها ويومياتها عبر لقطات تحبس الزمن، تاركا المكان لما تحكيه اللقطة من أسرار. يوقع هذه المعارض فنانون من أجيال وثقافات مختلفة، يجمعهم انجذابهم لتراث هذا البلد العريق الحي بحركة التاريخ والمتفنن في معماره وتقاليده ما يجذب أكثر العدسة أو ريشة الفنان، تتجسد الجزائر في الومضات واللقطات التي تخطف الوجوه والأماكن، وأكثر ما ركز عليه المصورون مثلا هو الحركة اليومية خاصة بالعاصمة، لتصبح يومياتها لحظات تمثل الكون كله وتأخذ كل المساحة. مشاهد من المدينة وأخرى مطلّة على البحر وبروز أسقف منازل القصبة من بعيد، مشاهد ومواقع لها صداها الجميل المزهر والشاعري يصل في حينه للزائر الذي لم يسبق له أن صافح الجزائر. والمعرض المقام حاليا والذي يمتد إلى غاية 27 أفريل الجاري من إمضاء ريم خان، هذه الشابة التي تحتضن الجزائر في وجدانها وفي ذاكرتها الطفولية الجميلة، فنانة انفصلت جسديا عن بلدها لكن روحها بقيت متعلقة به. ريم وإن عشقت الجزائر، لكنها لم تحصر عملها في إطار الحنين المجرد بل حاولت عبر صورها الفوتوغرافية التعريف بالجزائر، علما أن أغلب الصور الملتقطة كانت في صيف 2012. تشعر الفنانة وهي تلتقط الصور وكأنها تسكن الجزائر من جديد، إنها أيضا تكتشف أسرار هذه المدينة وربط علاقة حميمية معها، مع سرد ليومياتها التي تتجدد مع مطلع كل نهار، فحاولت ريم استنطاق الأماكن ورصد أحلام عشاق الجزائر وهم أمام بحرها الأزرق يرون يوما جديدا قادما. وبخصوص المعرض الثاني المقام حاليا من توقيع موحو صحراوي، وهو معرض تشكيلي يصور الجزائر في بعدها الإنساني، وموحو فنان جزائري مهتم بالتراث ويعشق الألوان الداكنة والساخنة، محاولا رؤية الجزائر بمنظاره الفني الخاص. للإشارة، فإن الفنان زاول فن “الكاريكاتير” لسنوات عبر بعض الصحف الجزائرية، وفي سنة 2000، أنجز أول معرض له لينتقل سنة 2003 للإقامة بفرنسا. يربط الفنان الجزائر بمعالمها الحضارية القديمة، لذلك فهو يستغل تراثها التاريخي خاصة المرسوم منه والمنقوش ويحاول محاكاة ذلك في أعماله. في لوحاته المنجزة على القماش تظهر تقنية الرسم بالرمل، كما يميل الفنان إلى مدرسة “الوشام” لينطلق بلغة فنية جديدة سواء في الرسم أو النقش، مستعينا بالرموز الثقافية والهندسية، كما أن له قدرة بديعة على المزج بين الأسلوب البربري والعربي والروماني وأسلوب الشرق الأقصى. مايهمه من الخط مثلا ليس مضمونه بل حضوره وبعده البصري، كما أن كل لون يمثل حضور لحظة بصرية ما، ويسجل في ألوانه أيضا بعض المقاطع الموسيقية الأصلية لتبدو اللوحة وكأنها مسموعة وليست مرئية فقط. من جهة أخرى، تستمر المعارض الخاصة بالجزائر ضمن “رؤى متقاطعة عن الجزائر”، منها معرض صامويل أبي بعنوان: “شارع فرحات بوسعد ومحيطه”، والذي سيُدشن في 5 ماي القادم، يرصد يوميات شهر كامل عاشه هذا المصور الفرنسي بشارع بوسعد بالعاصمة (ميسونييه سابقا) كان ذلك في جانفي 2011، حيث كان ينزل كل صباح إلى مقهى الحي ليتناول القهوة وقراءة الجريدة والدردشة مع الناس، يحمل معه آلة التصوير التي تخطف كل مثير حتى رائحة الشاي بالنعناع. كما سينظم في الفترة من 2 ماي إلى غاية 5 جوان، معرضا للفنان فريديريك ركاي بعنوان “ الجزائر 51” واحتفال بخمسينية الاستقلال، ستكون فيه مجموعة من اللوحات الزيتية التي تستعرض تاريخ وشخصية الجزائر وشهادات عن جزائر الاستقلال، علما أن الفنان أخضع إمكانياته الفنية الهائلة لخدمة هذا الموضوع الذي هو جزء من الذاكرة. معرض آخر لمارين لوبران “تخيل الماضي وانظر إلى الراهن” والذي سينطلق في 5جوان المقبل، ويستمر إلى غاية ال29 منه، والفنانة شابة مصورة فوتوغرافية من أصول جزائرية ورثت مهنة التصوير عن والدها، كما ترك لها صورا عن الجزائر، ويعدّ معرضها بمثابة تكريم لوالدها.