ألقت عائلة وأصدقاء الأديبة الراحلة يمينة مشاكرة النظرة الأخيرة على جثمانها أمس بقصر الثقافة مفدي زكريا، في أجواء مشحونة بالألم والأسى ظهرت على وجوه الحاضرين من أدباء ومثقفين، مبدين حسرتهم على فقدان قامة أدبية كبيرة، وصفها أسطورة المسرح الجزائري كاتب ياسين بأنها كاتبة من وزن البارود. بعد أن اصطفّت جموع غفيرة أمام جثمان الراحلة للترحم وقراءة الفاتحة عليها حُمل نعشها ليوارَى الثرى بمقبرة سيدي يحيى بالجزائر العاصمة، وكانت وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي أولى المعزّين. وفي برقية تعزية بعثت بها إلى أسرة الفقيدة، أشادت الوزيرة بخصال الأديبة الفقيدة يمينة مشاكرة التي وافتها المنية صبيحة أول أمس عن عمر يناهز 64 سنة. وأبرزت الوزيرة ”الشخصية الفذة والحساسة” التي تميزت بها يمينة مشاكرة التي ”عايشت حرب التحرير الوطني بعيون طفلة وبنظرة امرأة”. وبهذه المناسبة أكدت السيدة تومي أن الكتابة كانت بالنسبة لهذه الأديبة البارعة بمثابة ”وسيلة للتخلص من الألم ومأساة الحرب”، حيث ”استلهمت وهي في المدرسة المتوسطة والثانوية من أحسن الكتب الكلاسيكية”، قبل أن تنشر سنة 1979 ”رائعتها ”المغارة المتفجرة” المستوحاة من الثقافة الشعبية الأوراسية التي ترعرعت في أحضانها”. وذكّرت السيدة تومي في برقيتها بمسار الفقيدة التي اختارت طب الأمراض العقلية، لتتعاون فيما بعد مع فريق المرحوم محفوظ بوسبسي، الذي شكّل ”اغتياله من قبل الإرهاب المتطرف منحى آخر في حياة مشاكرة”، وخلال هذه المرحلة العصيبة احتفظت المرحومة بجرح عميق استنفد طاقاتها النفسية والجسدية. وكان لخبرتها في مصلحة طب الأطفال مع فريق البروفيسور غرانغو، دور كبير في نشأة روايتها الثانية ”أريس”، التي سردت فيها معاناة الأمهات العزباوات. واعتبرت الوزيرة أن رحيل الأديبة خلّف ”حزنا وألما كبيرين لدى عائلة الثقافة”. وُلدت يمينة مشاكرة سنة 1949 بشمال منطقة الأوراس، ودرست الطب في قسنطينة، لتزاول بعدها مهنة الطب العقلي، وعملت لوقت طويل بجوار مرضاها؛ بالنظر إلى رقة شعورها وإحساسها بمعاناتهم. وإلى جانب ممارستها مهنة الطب استطاعت يمينة مشاكرة أن تفرض نفسها في الحقل الأدبي، فألّفت سنة 1979، أول رواية لها بعنوان ”المغارة المتفجرة”، والتي أشادت فيها بالمرأة المحلية خلال حرب التحرير الوطنية حتى وُصفت ب ”الشعر النثري”. وقد صمّم غلاف الرواية محمد إسياخم، وكتب مقدمتها الأديب كاتب ياسين الذي كان مقربا منها قائلا فيها: ”إن المرأة التي تكتب في بلادنا يساوي وزنها بارودا”، في إشارة منه إلى الكاتبة يمينة مشاكرة.