تحتضن دار الثقافة لمدينة بومرداس هذه الأيام، فعاليات الصالون الوطني الثالث للبيئة والنوادي الخضراء، اختير له شعار “الحفاظ على المياه.. ضمان لاستمرار الحياة”، وهو الشعار الذي يتوافق مع إحياء السنة الدولية للماء. ويشارك في الصالون شباب من 45 ولاية، عرضوا مشاريعهم الخاصة بحماية البيئة بمختلف جوانبها. تحمل هذه الطبعة الثالثة هدف تحسيس مؤسسات المجتمع المدني الناشطة في مجال البيئة على مستوى كل دور الشباب والمجتمع، إلى جانب ترسيخ ثقافة الوعي البيئي والمحافظة على المحيط من أجل أجيال سليمة. ويُظهر الواقع أن من بين أكثر المجالات الحيوية التي يمكن استثمار وقت وطاقات الشباب بها البيئة،لكن السؤال المطروح بالمناسبة: هل تشكّل التربية البيئية رافدا لتحسين الوضع البيئي عموما؟ وهل يتعاطى الشباب بشكل إيجابي وسليم مع بيئتهم؟ الواضح من خلال تجول “المساء” بأجنحة الصالون، أن الرهان اليوم للحفاظ على بيئة سليمة ومحيط آمن وصحي لأجيال الغد، إنما يتلخص في استغلال طاقات الشباب، الذين باتوا يحملون أفكارا إيجابية تنصبّ حول تغيير السلوك والتعريف بالأنماط البيئية الإيجابية والتسلح بالمعرفة، التي تُبرز حقيقة الترابط والعلاقة الوطيدة بين الحفاظ على البيئة واستمرار الحياة، وقد عُرضت بالصالون العديد من المشاريع التي أسّسها شباب غيورون على بيئتهم، يرى أصحابها أنها انطلقت من ملاحظة بسيطة، وبإمكانات أكثر بساطة تم تحويلها إلى مشروع يجسّد سعي الجزائري لتطوير مجتمعه عن طريق مساهمته في إيجاد الحلول لمختلف الإشكالات التي تواجهها البيئة اليوم، وكذلك بالمشاركة في الأنشطة الميدانية؛ من حملات للتوعية والتحسيس والتثقيف البيئي إلى حملات النظافة وجمع القمامات،دون إغفال عمليات التشجير والبستنة.. وغيرها من النشاطات التي تساهم بشكل أو بآخر في ترسيخ مفاهيم التربية البيئية، هذا مجملا ما حرص الصالون الوطني للبيئة والنوادي البيئية على ترسيخه على مدى سنوات. فكرة الصالون وُلدت من رحم ديوان مؤسسات الشباب التابع لمديرية الشباب والرياضة لولاية بومرداس، التي بقيت الحاضنة الرسمية للصالون، هذا الأخير يشهد منذ 2011 مشاركة أوسع السنة تلو الأخرى، يكشف ل “المساء” السيد خالد زواني مسؤول الصالون، يؤكد أن جعل هذا الصالون فضاء يضم إليه الشباب الفاعلين في مجال حماية البيئة، الهدف الرئيس الأول، كما أن تبادل التجارب وتراكمها بين المشاركين من شأنه أن يرفع مستوى الوعي بالمخاطر التي تهدد بيئتنا، وبالتالي العمل أكثر من أجل استثمار وقت الشباب فبينما يحمي مستقبلهم ويعزّز انتماءهم لمحيطهم عن طريق تجسيد مشاريع تصب كلها في خانة المحافظة على بيئة نظيفة، وبالتالي مستقبل سليم للأجيال اللاحقة. والملاحَظ من خلال استجوابات “المساء” لبعض المشاركين، أن الجمعيات الشبابية المهتمة بالمجال البيئي عندنا ماتزال قليلة،وأنشطتها في مجال البيئة محدودة، وتقتصر على حملات تنظيف الأحياء أو التشجير، وهو ما حدا بالبعض إلى إرسال دعوة إلى كل الشباب بكل ربوع الوطن، للتفكير الجدي في استغلال أوقاتهم في إنجاز مشاريع عن البيئة، خاصة ما يتعلق بالجانب التوعوي التحسيسي عن مخاطر هدر المياه مثلا وحماية أنواع النباتات والحيوانات بكل منطقة من الزوال وغيرها. ويمكن لكل الراغبين في ذلك التقدم من المراكز الثقافية أو دُور الشباب بكل بلدية للاستفادة من معلومات أوفى وتوجيهات في الصدد، يقول خالد زواني. ويتضمن برنامج الصالون الوطني للبيئة والنوادي الخضراء، نشاطات مختلفة، منها تنظيم محاضرات حول تعميم النوادي الخضراء على مستوى مؤسسات الشباب والحركة الجمعوية، وإقامة معارض متنوعة حول البيئة، إضافة إلى إجراء مسابقة أحسن جناح وأحسن مشروع. وتضم التظاهرة معارض للصور الفوتوغرافية حول التنوع البيولوجي بمختلف مناطق الجزائر، وكذلك رسومات وأشغال يدوية، كلها حول البيئة. كما تم تنصيب ورشات متخصصة تتكون من مختلف المشاركين لمناقشة أحد المواضيع الفكرية المتعلقة بموضوع الصالون، تُختتم بتحرير مذكرة تعالج الموضوع المختار من مختلف جوانبه، تُرفع بعدها إلى لجنة التحكيم من أجل المنافسة حول أحسن مشروع بيئي مشارك في الصالون. ومن المنتظر أن يتم تكريم الفائزين في حفل اختتام الصالون في 30 ماي الجاري. وتم كذلك برمجة محاضرات بمواضيع مختلفة عن البيئة يلقيها فاعلون في المجال البيئي، علاوة على زيارات استطلاعية لمختلف المعالم الأثرية والتاريخية والسياحية للولاية المستضيفة.