استبعد رئيس المجلس الإسلامي الأعلى لدولة مالي الشقيقة، الشيخ محمد ديكو، أمس الجمعة، بالجزائر العاصمة، إمكانية إيجاد حل سلمي نهائي للأزمة التي تعصف بالبلاد دون إشراك الماليين في حد ذاتهم في صياغة الحلول السلمية الكفيلة بالحفاظ على الوحدة الوطنية ولم شمل كافة الفرقاء. مذكّرا أن الجزائر لعبت دورا هاما في صمود الشعب المالي إلى غاية اليوم. وأكد الشيخ ديكو في مداخلة له، خلال ندوة نقاش احتضنها منتدى جريدة "الشعب" بالعاصمة، حول آخر التطورات في جمهورية مالي، بحضور إبراهيم كانتا والمستشار الشخصي لرئيس حزب التجمع من أجل مالي، والأمين العام لرابطة علماء وأئمة دول الساحل الشيخ يوسف مشرية، ضرورة الأخذ بعين الاعتبار إرادة وتطلعات الشعب المالي لبحث حلول سلمية نهائية لهذه الأزمة التي أدخلت المنطقة في دوامة صراع غير منتهية. وأوضح السيد ديكو أن الشعب المالي "شعب مظلوم ومقهور وعاش أوضاعا مزرية منذ عقدين من الزمن"، حيث كان للجزائر خلالها دور "فعال" في صموده وتحسين أوضاعه. معتبرا أن صمود الشعب المالي وجهود دول المنطقة لاسيما دعم الجزائر لبلاده كان له الفضل في تحسن أوضاع المالين نوعا ما. كما قال أن دولة مالي تبقى امتدادا للجزائر وجزءا لا يتجزأ منها كون البدين يقعان في منطقة واحدة. وأضاف المسؤول المالي موضحا إن إشراك الشعب في فض المشاكل السياسية والأمنية التي تعيشها البلاد يعد أمرا ضروريا يستدعيه الظرف الراهن للتعجيل في إرساء أرضية اتفاق حول عدة قضايا خلافية خاصة فيما يتعلق بشروط عودة الجيش إلى مدينة كيدال بوساطة بوركينافاسو وإشراف الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي. كما أشار إلى ضرورة إسراع الأطراف المعنية بالنزاع إلى الحفاظ على وحدة الأرض المالية وضمان شفافية ونزاهة الانتخابات الرئاسية المقررة أواخر جويلية المقبل ووضع شروط للحكومة قصد تمكينها من استئناف سيطرتها على مدينة كيدال التي لا تزال في قبضة المتمردين واحترام تقاليد وخصوصيات منطقة الشمال. ومن جهته، عبّر المستشار الشخصي لرئيس حزب التجمع من أجل مالي، الشيخ عمر ديارا، عن أمله الكبير في التوصّل إلى حل سلمي عاجل للأزمة المالية التي اشتدت وتيرتها لاسيما في منطقة الشمال، مشيرا في سياق ذلك إلى وجود مساع مختلفة لايجاد حلول سلمية للانسداد السياسي والأمني الذي تعيشه البلاد، مذكرا في هذا الشأن بأن مالي تواجه أزمة ثلاثية الأبعاد تتمثل أساسا في وجود مشاكل تنموية كبيرة وصراعات دينية وعرقية عميقة إلى جانب استغلال بعض الأطراف الأجنبية الأوضاع لتأجيج وتيرة هذا الصراع الاثني. وقال في هذا الإطار، إن مختلف المساعي ومحاولات التسوية السابقة للأزمة كانت تصطدم دائما بعراقيل كبيرة من قبل بعض الأطراف الخارجية التي تحاول المتاجرة بقضية شمال مالي. وأضاف موضحا أن الندوة الدولية للتضامن مع الشعب المالي المقررة بالجزائر العاصمة يومي 16 و17 جوان الجاري ستكون فرصة هامة لمناقشة الحلول الكفيلة بالحد من المشاكل التي تتخبط فيها منطقة كيدال، داعيا إلى الاستلهام من التجربة الجزائرية الفريدة من نوعها في العالم في تسوية النزاعات الاقليمية والعرقية ومحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة. وعبر مستشار رئيس حزب التجمع من أجل مالي عن أمله الكبير في أن تساهم الانتخابات الرئاسية المالية المقبلة في إعطاء نفس جديد للحياة السياسية بالبلاد بما يعيد الأمل للماليين في العيش في كنف السلم والأمن الدوليين. ومن جهة أخرى، تطرّق الأمين العام لرابطة علماء وأئمة دول الساحل، الشيخ يوسف مشرية، إلى تعاليم الدين الحنيف والسنة النبوية الشريفة والعقيدة الوسطية في التعامل مع الأزمة المالية، مجددا دعوته لكافة الفرقاء للاحتكام للشريعة الإسلامية في حل النزاعات والخلافات التي تعيشها دولة مالي. كما جدّد تذكيره أن رابطة دعاة وأئمة دول الساحل تتابع بشكل دائم مستجدات الأوضاع في شمال مالي، مشيرا إلى أن الرابطة تدعم أية مبادرة لتسوية سلمية لحل الأزمة تلقى إجماع الفرقاء وتشرك الماليين في تجسيدها ميدانيا. وللإشارة، قال رئيس اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي والناطق باسم الشبكة الجزائرية لأصدقاء الشعب المالي، السيد محرز العماري، إن الندوة الدولية المقرر انعقادها أواخر جوان الجاري بالجزائر العاصمة ستعرف مناقشة عدة مواضيع هامة تخص الحوار الوطني والمصالحة الوطنية في مالي، إلى جانب تسليط الضوء على نقاط أخرى تخص الإرهاب والجريمة المنظمة وأزمة اللاجئين بالساحل الإفريقي. كما ستسجل الندوة حضور حوالي 300 مشارك من بينهم 123 مشاركا يمثلون هيئات ومنظمات المجتمع المدني وشخصيات إفريقية، هذا بالاضافة إلى مؤسسات الهلال الأحمر والصليب الدولي لمختلف الدول المشاركة (نيجيريا وبوركينافاسو والنيجر وموريتانيا والتشاد والجزائر البلد المضيف).