ينظم المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، ابتداء من الغد ولمدة ثلاثة أيام، المنتدى الاقتصادي والاجتماعي لخمسينية استقلال الجزائر. وينتظر من هذا اللقاء -الذي يأتي في سياق التظاهرات المخلدة للخمسينية التي نظمتها مختلف القطاعات- تحديد النقائص المقوضة لتنمية البلاد ووضع خارطة طريق ترتكز على أرضيات عمل توافقية. وأشار بيان للمجلس، بثته وكالة الأنباء الجزائرية، إلى أنه خلال الاجتماع الذي ترأسه السيد محمد الصغير باباس رئيس المجلس والذي حضره الوزير الأول السيد عبد المالك سلال أول أمس "أعد المكتب دراسة دقيقة للتحضيرات الخاصة بالمنتدى". واعتبر أن هذا اللقاء التشاوري "فرصة سانحة (...) لتتمكن الأمة جمعاء بمكوناتها المختلفة من أن تسجل توقفا يسمح لها باستعادة أنفاسها لتحقيق قفزة جديدة تكون في مستوى طموحاتها المشروعة"، مضيفا "ينبغي الاتفاق حول الطابع المنقذ الهادف إلى تحديد النقائص التي يمكن أن تقوض مجهود الأمة في مجال التنمية وترهن بذلك مؤشرات المستقبل الزاهر المرتسمة بوضوح في تصور جزائر الغد". كما أشار البيان إلى "ضرورة الانتقال من عقد توزيعي محض يرتكز على الريع إلى عقد نمو وتشغيل" يرتكز على التخفيف من التبعية المفرطة للمحروقات". وأكد المجلس أن هذا المنتدى "سيقوم بتنوير الدرب الصعب المؤدي إلى خارطة طريق توافقية ترتكز على أرضيات عمل (...) لضمان مواءمة هذه الخيارات الاستراتيجية والتحقق من تحملها بصفة تضامنية من قبل مجموع الأطراف الفاعلة الوطنية". وأشارت وثيقة للكناس إلى أن أشغال ونقاشات المنتدى ستخصص لخمسة محاور كبرى حول مجهود الأمة في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية منذ الاستقلال، تصور مستقبل البلاد، استغلال القدرات الاقتصادية والطبيعية والبشرية للبلاد، خارطة طريق توافقية ترتكز على أرضيات عمل لضمان مواءمة الخيارات الاستراتيجية وأخيرا الأهداف الاستراتيجية المحددة. ولم ينس معدو الوثيقة التأكيد على أن الهدف المرجو يتمثل أساسا في تحقيق أهداف برنامج رئيس الجمهورية في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية المسطر منذ سنة 2000. وتمت الاشارة إلى أن هذه الأهداف تسعى إلى "دفع مبادرات كافة الأعوان الاقتصاديين مع إعادة الاعتبار التدريجي لقوى السوق في تسيير الاقتصاد". وأوضح أن الأمر يتعلق بتطبيق "نمط تنمية مستديمة لتحقيق "أجندة الجزائر لما بعد 2015" مع "ضرورة رسم تصور واضح لمستقبل الجزائر. ويعتبر محور المقاربات القطاعية والاقليمية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية من قبل المجلس "هدفا استراتيجيا" لتطبيق التوصيات المعروضة على رئيس الجمهورية إثر الأخطار حول التنمية المحلية. وأكد رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، السيد محمد الصغير باباس، أن المنتدى سيشكل فرصة لإعداد "أرضية توافقية" حول أفضل نمط للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالنسبة للجزائر في أفق 2015. وأوضح في لقاء مع الصحافة مساء السبت أنه سيعالج إشكالية التنمية الاجتماعية والاقتصادية للجزائر بشكل "مسؤول وتشاركي بعيدا عن مقاربات الأعذار" ويرمي إلى إعداد حصيلة 50 سنة من الاستقلال وفي نفس الوقت "تشكيل نظرة عن جزائر الغد". وقال إن المشاركين في هذا اللقاء التشاوري سيعكفون على دراسة نقطة أساسية تتمثل "في كيفية تلبية احتياجات كل سكان الجزائر لاسيما في مجال الشغل والنمو الاقتصادي والادماج في المجتمع. وعلاوة على توفير شروط تحقيق "نموذج نمو اقتصادي جديد" و«تجديد أنظمة الحكم"، ستتناول الورشات الأربع للمنتدى "دور المؤسسة في النمو" و«الرأسمال البشري ومجتمع المعرفة". وسيتم أيضا خلال هذا اللقاء التطرق إلى كل الظواهر التي تمس المجتمع على غرار البيروقراطية أو الفساد بغية إيجاد أفضل السبل ل«كشفها"حسب تصريحات باباس. وأعرب الأخير عن ارتياحه لدعم الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، لهذا المنتدى. وقال "لقد تلقينا إخطارا من الوزير الأول من أجل الخروج من هذا المنتدى بسلسة من الاقتراحات التي تصحح النقائص والاختلالات بهدف بناء نظام تنمية يتماشى وتطلعات كل الشعوب. وبالنسبة لتوصيات هذا اللقاء، اعتبر أنها "ستحدد مهام مختلف الفاعلين من أجل بلوغ النتائج المتوخاة"، مشيرا إلى السياق الإقليمي "الصعب" لاسيما على مستوى الحدود الجزائرية. ودعا لجعل هذا اللقاء فرصة أيضا لإعادة تحقيق الانسجام بين القطاعات والفاعلين من أجل رفاهية الأمة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والبشري. للتذكير، حضر الوزير الأول السيد عبد المالك سلال يوم السبت افتتاح أشغال مكتب المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، مستغلا الفرصة لاعطاء توجيهات تخص تنمية البلاد عموما. إذ شدد على ضرورة إعطاء دفع جديد للنمو الاقتصادي بالتركيز على إعادة الاعتبار الكلي لقيمة العمل. وأكد على أهمية استرجاع "القاعدة الصناعية للجزائر" بغية التوصل الى إنشاء المزيد من مناصب الشغل والتسريع من وتيرة النمو الاقتصادي، مضيفا "أن البلاد بحاجة إلى العودة الى أساسياتها" مع التذكير أن عمل الحكومة يندرج في إطار "التوصل إلى النمو" الذي وصفه بمشكل "لم نتمكن من حله بالرغم من تسجيل بعض محاولات الانتعاش". ودعا الوزير الأول بالمناسبة إلى تحسين مناخ الأعمال ومواصلة مكافحة البيروقراطية وتحرير فعل الاستثمار "الذي يجب ألا يكون فعلا بيروقراطيا"، مبرزا ضرورة "الوثوق في الاطارات" وإعادة الاعتبار "لقيمة العمل" و«المبادرات النابعة من الإرادة القوية".