قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس استقالة رئيس حكومته رامي الحمد الله بعد أن استحال عليهما التوصل إلى أرضية توافقية حول صلاحيات رئيس الوزراء ونائبيه المعينين، وكانا سببا في هذه الاستقالة. وفشل الرئيس عباس في إقناع الحمد الله في البقاء على رأس الحكومة الفلسطينية إلى حين تشكيل حكومة الوفاق الوطني، المنصوص عليها في اتفاق المصالحة الفلسطينية. وكشفت مصادر فلسطينية مقربة من الرجلين أن الحمد الله تمسّك بقرار استقالته بعدما رفض الرئيس عباس شروطه في استبعاد نائبيه النائب زياد أبوعمرو ومحمد مصطفى رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني والمستشار الاقتصادي للرئيس الفلسطيني، أو على الأقل التقليل من صلاحياتهما، وهو الشرط الذي رفضه عباس بعد يومين من مفاوضات ومساعٍ حثيثة لإقناع الحمد الله بالتراجع عن قرار استقالته. وكان هذا الأخير قد احتج على ما وصفه بتداخل صلاحياته مع صلاحيات نائبيه في المجالين السياسي والاقتصادي، والتي رأى فيها بأنها استحواذ صارخ على صلاحياته كرئيس للحكومة. ومما زاد الطين بلّة إقدام الرئيس عباس على تمكين محمد مصطفى من صلاحيات التوقيع على اتفاقيات مع البنك العالمي دون العودة إلى رئيس الحكومة. وأكد نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني، أن هذا الأخير قبِل استقالة الحمد الله، لكنه كلّفه بتسيير الأعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة. وكشفت استقالة الحمد الله النقاب عن أزمة حقيقية تتخبط فيها السلطة الفلسطينية التي تعاني من مشاكل مالية خانقة، أضعفت مؤسساتها وجعلتها غير قادرة على مواجهة مختلف التحديات القائمة. ودفع ذلك بحركة المقاومة الإسلامية "حماس" إلى الدعوة إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية على أسس جديدة، وجعلت فوزي برهوم القيادي في الحركة يصرّ على القول إن استقالة رامي الحمد الله "يجب أن تكون بمثابة الخط الفاصل بين مرحلة التدهور الحاصلة في مؤسسات السلطة ومرحلة بنائها من جديد على أسس ديمقراطية ووطنية". وأكد برهوم أن إعادة بناء مؤسسات السلطة "لا تتحقق إلا بالتطبيق الفعلي والتام لكافة بنود اتفاق القاهرة؛ بما فيه تشكيل حكومة توافق وطني، تنهي الانقسام وترعى مصالح الشعب وتلبي طموحاته". وقال سامي أبو زهري المتحدث باسم حركة المقاومة إن "المخرج الوحيد لأزمة الحكومة الفلسطينية هو تنفيذ اتفاق المصالحة الوطنية وفق البنود التي تم توقيعها على أساسها. واعتبر أبو زهري "قبول الرئيس عباس استقالة رئيس الوزراء رامي الحمد الله بمثابة انعكاس لحالة الارتباك التي تعيشها السلطة الفلسطينية". يُذكر أن حركة حماس كانت انتقدت منذ البداية تعيين الرئيس عباس للحمد الله على رأس الحكومة الفلسطينية خلفا لسابقه سلام فياض، ووصفت القرار بأحادي الجانب ويذهب إلى نقيض ما ينص عليه اتفاق المصالحة الفلسطينية. وسبق أن توصلت حركتا فتح وحماس إلى اتفاقيتين للمصالحة الأولى في ماي 2011 برعاية مصرية، والثانية في فيفري 2012 برعاية قطرية لتشكيل حكومة موحدة مستقلة، تتولى التحضير للانتخابات العامة.