يُنتظر أن ينظم المعارضون للرئيس المصري محمد مرسي، أكبر حشد لم يسبق أن شهدته مصر حتى في عز الاحتجاجات التي عصفت بنظامها السابق، وشعارهم الموحد ”ارحل” في أكبر مظاهرات ضاغطة لإرغامه على الرحيل.ولم يهنأ الرئيس الإخواني عاما بعد انتخابه، وهو الذي كان يأمل أن تكون مناسبة الذكرى الأولى لاعتلائه كرسي الرئاسة المصرية، دفعاً آخر لسلطة حركة الإخوان المسلمين في أول تجربة لهم لقيادة أكبر بلد عربي من حيث وزنه الاستراتيجي وقوّته المعنوية وتعداده السكاني. ولكن رياح صيف مصر سارت هذه المرة في الاتجاه الذي لم يشتهه الرئيس مرسي، الذي وجد نفسه محاصَرا ونظامه مهزوزا وغده غير مضمون على الأقل إلى غاية انتهاء مسيرة أحزاب المعارضة، التي اختارت مناسبة ذكرى استلامه الحكم لتأكيد رفضها للسياسات التي انتهجها والمطالبة برحيله. وسارت الأحداث التي سبقت هذا الموعد لتؤكد أن القبضة ستزداد اشتدادا إذا أخذنا بمعيار مواجهات اليومين الماضيين، التي خلّفت سقوط ثمانية قتلى وإصابة العشرات بجراح بليغة في مؤشر زاد في الاعتقاد بأن مظاهرات اليوم ستكون مرشَّحة لمواجهات أعنف، وربما لعدد قتلى أكبر. ويشد المصريون أنفاسهم وهم يترقبون موعد تدفّق مئات آلاف المتظاهرين أمام القصر الرئاسي لمعرفة مدى سلمية الأحداث أو انزلاقها باتجاه المجهول في ساحة مصرية، ازدادت هوة انقسامها اتساعا بين مؤيدين للرئيس مرسي وآخرين من ألدّ الرافضين له، ويصرّون على رحيله بمبرر أنه لا يصلح لقيادة دولة بحجم مصر؛ مبررٌ يدحضه أنصاره من حركة الإخوان والأحزاب الإسلامية، الذين يؤكدون أنه رئيس منتخَب من طرف أغلبية الشعب المصري ولا أحد بإمكانه الطعن في شرعية سلطته. ويبدو أن صراع الشرعية والكفاءة ألقى بظلاله على هذه المسيرات المؤيدة والرافضة له، عندما أكد منظمو حملة ”تمرد” التي أعلنت رفضها للرئيس مرسي، أنها تمكنت إلى حد الآن من جمع توقيعات أكثر من 22 مليون مصري يطالبون باستقالته. ووسط هذا المشهد القاتم ستكون أنظار وقلوب المصريين أو لنقل الأغلبية الصامتة من أبناء الشعب المصري، موجَّهة باتجاه القصر الرئاسي الذي حددته أحزاب المعارضة من أجل تنظيم تجمّعهم الضاغط للدفع بالرئيس الإخواني إلى باب مغادرة الرئاسة المصرية. وبقدر ما تزيد سرعة دقات قلوب المصريين فإن الأنظار تبقى موجَّهة أيضا إلى الجيش المصري والدور الذي يتعين أن يضطلع به في مثل هذا الوضع الحرج، الذي وضع مصر في مفترق طرق فرضته قبضة حديدية بين تيارين كبيرين بمنطلقات فكرية وإيديولوجية متنافرة. وحتى إن سلّمنا بأن الجيش المصري لن يبقى مكتوف الأيدي أمام أي انزلاق، وفق مضمون البيان الذي أصدره قبل يومين، فإن الخوف دبَّ في أوساط المصريين، وهم يحتفظون بصور الأحداث الدامية التي عرفتها مظاهرات الإطاحة بنظام الرئيس حسني مبارك رغم تدخّل الجيش المصري لاحتواء الوضع آنذاك. ومهما يكن فإن أحداث اليوم ستكون بمثابة نقطة التحول الكبرى في مصر، وستزيد في تعميق الشرخ بين هذين التيارين المتصارعين حول شرعية وجودهما ودحض الآخر، وكلٌّ منهما يدّعي أنه المدافع عن ثورة فيفري 2011 وعدم الانحراف بنتائجها في حرب ساحات لا تبشّر بالخير.