عرضت وزارة الصيد البحري والموارد الصيدية، أمس، إنجازاتها خلال الخمسين سنة الفارطة في معرض "ذاكرة وإنجازات" بقصر الثقافة مفدى زكرياء، وبالمناسبة تم تكريم المجاهدين من الصيادين الذين ساهموا في الثورة التحريرية الكبرى ليتم تسليم المشعل من أقدم صياد وهو المجاهد بشير عقاب إلى أصغر مهني في مجال الصيد البحري حتى يواصل جيل الاستقلال ما قدمه جيل الثورة لتطوير قطاع الصيد البحري. حفل تدشين المعرض -الذي يدوم يومين- تميز بتذكير وزير القطاع، السيد سيد أحمد فروخي، بمآثر الصيادين إبان الثورة التحريرية الكبرى، مشيرا إلى مقتطف من الرسالة التي بعثها وزير الحرب الفرنسي بتاريخ 30 جانفي 1843 إلى زميله قائد البحرية نبهه فيها إلى حنكة واحترافية البحارة الجزائريين، طالبا منه توسيع الاستعمار البحري لمصلحة الاستعمار، ومن هذا المنطلق تحدث الوزير عن استراتيجية التهميش التي لحقت بالصيادين الجزائريين خلال الحقبة الاستعمارية لينخفض عددهم سنة 1930 إلى 400 صياد جزائري من أصل 5 آلاف صياد. وفي حديث الوزير عن فترة الاستقلال أشار إلى حرص المسؤولين على إزالة آثار الاستعمار واسترجاع الفضاء البحري في مرحلة أولى، ليسمح لأكثر من 4 آلاف صياد بحمل لقب "الريس" مع تجهيزيهم بمختلف أنواع سفن الصيد وتكوين خاص على مستوى المعاهد ومراكز التكوين المهني للتحكم في مختلف تقنيات الصيد البحري، من جهتهم ساهم قدماء الصيادين في نقل تجاربهم للجيل الصاعد مما سمح برفع طاقات استغلال الموارد الصيدية إلى ما يعادل 120 ألف طن في السنة. وبحضور طاقم حكومي ترأسه وزير المجاهدين، السيد محمد شريف عباس، بادرت الوزارة بتكريم عدد من المجاهدين الذي شاركوا إبان الثورة التحريرية، فمنهم من نقل السلاح على متن قاربه، ومنهم من نقل النشريات والوثائق السرية لجبهة التحرير الوطني، وهناك من قام بحرق عدد من قوارب الصيد التابعة للمعمرين، كما سجلت التفاتة نحو المتقاعدين وعدد من الوزراء الذين تعاقبوا على تولي الوزارة منذ الاستقلال. كما طاف الوفد الحكومي بالمعرض الذي خصص جانب منه لعرض بعض المقتنيات التابعة للمتحف العمومي البحري على غرار مقياس الضغط، رادار إلكتروني في نموذجه القديم ومنارة محمولة، بالإضافة إلى بعض الصور المخلدة للبحرية الجزائرية إبان العهد العثماني ومجسمات لبواخر صيد قديمة. ومن ناحية الاستثمارات المخصصة للقطاع فقد تضاعفت خلال السنوات الأخيرة تماشيا وارتفاع حجم الأسطول البحري الذي بلغ اليوم 4414 سفينة من مختلف الأحجام بعد أن كان عددها عشية الاستقلال لا يزيد عن 882 سفينة، في حين تم التركيز على أهمية تربية المائيات التي بلغ إنتاجها السنة الفارطة 2648 طنا بعد أن كان 95 طنا سنة 1984. وحسب تصريح الوزير فقد ارتفع حجم الاستثمارات في القطاع إلى 160 مليار دج وهو ما سمح بمواكبة التطور في مجال الصيد البحري، مؤكدا أن الجزائر تصطاد حصتها السنوية من البحر الأبيض المتوسط بحجم أكثر من 120 ألف طن، مع العلم أن الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط وعددها 23 تتقاسم 250 ألف طن. وعن الرهانات المستقبلية للقطاع تطرق السيد فروخي إلى تحديد ثلاثة أهداف لخمسين سنة المقبلة ويتعلق الأمر بالحفاظ على ما تم تحقيقه لغاية اليوم خاصة فيما يتعلق بالثروة السمكية، الاهتمام بمجال تربية المائيات لتنويع مصادر الإنتاج مع تنسيق العمل مع مختلف القطاعات منها السياحة والبيئة، ليبقى الرهان الأخير يتعلق بتنظيم المهنة وتحسين ظروف المهنيين.