دعا رئيس المجلس الشعبي الوطني، السيد محمد العربي ولد خليفة، أمس، إلى عدم تسييس وتحزيب الفساد، مشيرا إلى أن نهب أموال الشعب جريمة لا تغتفر وأن القضاء الذي يتمتع بالاستقلالية هو المؤسسة الوحيدة المخولة للفصل في التحقيق والاتهام. في حين اغتنم المناسبة للتأكيد على أن الجزائر ليست في حاجة إلى استيراد مسميات مثل ثورة الربيع وثورة الشتاء لأنه ”لا أحد يعلم الجزائريين ماذا تعني الثورة بعد أم الثورات في المنطقة وهي ثورة التحرير الكبرى”. وقال رئيس الغرفة السفلى، في كلمته بمناسبة اختتام الدورة الربيعية للبرلمان، إن الجزائر التي ”تطوي الخمسينية الأولى بعد انتصار ثورتها وتسعى لبناء اقتصاد صاعد وحكامة راشدة لا تكتفي بمكافحة الفساد والإفساد بكل أشكاله والمتورطين فيه، بل تعمل على الوقاية من أضراره، مضيفا أن ”الإعلام، الخاص والعام، قد قام بمختلف وسائطه بواجبه في مسألة الفساد المالي وهو يمارس فعلا حرية التعبير بدون حسيب ولا رقيب”. ومن باب ضمان الإنصاف، أشار السيد ولد خليفة إلى أنه من الظلم التسرع في ”تعميم الفساد على كل المسؤولين في مختلف المستويات وتجاهل الكثير من الإطارات الوطنية الملتزمة بثقافة الدولة والساهرين على حفظ المال العام بكل نزاهة، وهم يعتبرون ذلك مجرد قيام بالواجب ولا يطلبون جزاء ولا شكورا”. ولفت الانتباه إلى أن هذا التعميم ”يسيء إلى الجزائر أولا ويسيء إلى هذه الإطارات التي تتألم في صمت”. من جهة أخرى، تطرق رئيس المجلس الشعبي الوطني إلى تحسن الوضع في البلاد بفضل المصالحة الوطنية التي بادر بها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة والتي ”حققت العديد من أهدافها وفي مقدمتها عودة الأمن والاستقرار إلى البلاد”، مضيفا أنها ”سمحت باستئناف مسيرة بناء الوطن وإعادة تأهيل وتوسيع هياكله القاعدية وبنيته الاقتصادية في الفلاحة والصناعة والخدمات والشروع في توسيع القاعدة الديمقراطية وإشراك المجتمع المدني في شؤون البلاد والاهتمام بالشباب”. وإذ أشار إلى أهمية استخلاص الدرس من الأخطاء والإخفاقات” لكي لا تتكرر، فقد أكد أن المصالحة أصبحت ”نموذجا تقتدي به بعض البلدان في عدد من القارات”. لاسيما وأنه بواسطتها أضحت ”الجزائر تبني مؤسسات ديمقراطية في ظل تعددية سياسية حقيقية وفاعلة وليست مجرد مساحيق وتتعايش فيها المعارضة والأغلبية باحترام مهما كانت المواقف ووجهات النظر”. ولم يغفل رئيس المجلس الشعبي الوطني التذكير بالاهتمام الذي توليه البلاد لفئة الشباب باعتبارها الرهان الأول، مشيرا في هذا الصدد إلى أنه بإمكان الجيل الجديد أن ينتصر على العدو الأول للجزائر وهو التخلف ”ولن يتحقق ذلك بدون اكتساب المعرفة والخبرة وهي مصدر القوة والمكانة والسند الأول لاستقلالية القرار السياسي”. وبعد أن ذكر بأفضال شهداء الثورة التحريرية في تحقيق الحرية والكرامة الوطنية، أشار السيد ولد خليفة إلى أن المحافظة على البلاد ينبغي أن تكون بالعلم والعمل وحماية الوحدة الوطنية شعبا وترابا واليقظة الدائمة في مواجهة المخاطر في عالم يهيمن عليه حق القوة وليس قوة الحق. وفي معرض تطرقه إلى النشاط البرلماني، أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني أن مشروع قانون المحاماة الذي صادق عليه المجلس مؤخرا يحمي هيئة الدفاع ويحفظ هيبتها ومكانتها، مشيرا إلى أن القانون ”يتفوق في كثير من بنوده على مثيله في البلاد العريقة في الممارسة الديمقراطية”. كونه ”تطبيقا مقننا وفعليا لما تعهد به رئيس الجمهورية في الإصلاحات الشاملة ومن أهمها قطاع العدالة”. وإذ تحدث عن الاستشارة الواسعة التي أجراها المجلس مع أصحاب المهنة والنواب بشأن هذا المشروع، أكد السيد ولد خليفة أن المجلس الشعبي الوطني ”مؤسسة دستورية لا يفرض عليها أحد من خارجها رأيه كفرد أو مجموعة وهي لا تزعم لنفسها حق التدخل في شؤون أية منظمة”، مشيرا إلى أن ”العدالة بكل أركانها سيدة في اختصاصاتها الدستورية ولاتحتكم إلا للقانون والضمير”. كما تطرق رئيس الغرفة الأولى إلى حصيلة الدورة الربيعية للمجلس والمتمثلة في المصادقة على المشاريع القانونية التي قدمتها الحكومة وكذا الأسئلة الشفوية والكتابية التي وجهت إلى الوزراء، إلى جانب تنظيم عدد من الأيام الدراسية البرلمانية. وكان للمجلس الشعبي الوطني أيضا خلال الدورة الربيعية نشاط دبلوماسي مكثف إذ شارك نوابه في عدة ندوات وملتقيات دولية حسب رئيس المجلس، الذي أشار أيضا إلى تنصيب 39 مجموعة برلمانية مع بلدان شقيقة وصديقة من القارات الخمس. وفي ختام تدخله جدد المسؤول الأول للهيئة التشريعية مواقف الجزائر الخاصة بنصرة المظلومين المناضلين من أجل الحرية والكرامة الإنسانية في فلسطين ودعم حق الشعوب في تقرير مصيرها كما هو حال شعب الصحراء الغربية المسالم والصامد.