في عالم الفنان التشكيلي عبد الغني رحماني تتلون الأحصنة وتحمل زركشات مختلفة، أما عيونها فمحدّقة معبرّة، في حين أن حضورها لا غبار عليه؛ فهي تدرك أنها صديقة للإنسان ومرافقته منذ الأزل؛ أفلم يَرد ذكرها في القرآن الكريم؟ أضفت لوحات عبد الغني رحماني التي يدور موضوعها حول الأحصنة إلى غاية أول أمس، نوعا من التجديد والتميّز على فندق الهلتون، في معرض يتكون من مجموعة من اللوحات تدور جميعها حول الحصان، الحيوان الذي صاحب الإنسان سواء في التسلية والمرح أو حتى في المعارك والحروب، علاوة على مساعدته في أمور الزراعة والحرث. لماذا الحصان خصوصا من غير كل الحيوانات أو حتى من دون مواضيع مغايرة في معرض عبد الغني تحديدا؟ ويجيب الفنان «المساء» بأنه مولع بالخيل، حتى إنه كان في السابق يقوم بترويض الأحصنة إضافة إلى حبه لامتطائها، وهكذا انعكست هذه الهواية على رسمه، الذي شرع فيه وهو في عمر 14 سنة. رسم عبد الغني الحصان بأسلوب قال إنه معاصر محض، ومرتبط أيّما ارتباط بالفن العالمي؛ باعتبار أنه يصبو إلى العالمية، وهو ما لم يُنسه خصوصيات الثقافة المحلية، والدليل على ذلك وضعه لرموز أمازيغية في لوحاته. أما عن عالمية لوحاته فيراها الفنان في أسلوبه المعاصر وحتى في استعماله لرموز أخرى مرتبطة بالإنسان أينما كان، مثل التفاحة التي ترمز إلى قصة آدم وحواء. بالمقابل، كتب الفنان بعض الكلمات في لوحاته مثل «كلمة» وغيرها كرغبة في التميّز. ويعتبر الفنان أن كل لوحاته مختلفة عن بعضها البعض، مضيفا أن أسلوبه يدخل في إطار الأسلوب الذي يتبعه بعض الفنانين العالميين، مثل بيكاسو وميرو، مشيرا إلى أنه أَحب الفن المعاصر، وابتعد عن المواضيع المألوفة المتّبعة من طرف أغلبية الفنانين الجزائريين، مثل رسم القصبة والتراث الجزائري؛ لرغبته في أن تُقرأ أعماله من المواطن العالمي وأن لا تنحصر في رقعة جغرافية واحدة. وأضاف عبد الغني أنه ينوّه بأعمال الفنانين الجزائريين المتخصصين في تجسيد الهوية الجزائرية، إلا أنه يفضّل أن تكون له بصمته المعاصرة، مستطردا أن الأشكال والخطوط التي يرسمها فريدة من نوعها. وعن سؤال «المساء» عن تأثر الفنان بالفنانة المخضرمة الراحلة باية من خلال رسوماته العفوية، أجاب بأنه لا يتبع أسلوب باية، مضيفا أن هذه الأخيرة ترسم نفس الأشكال مع إحداث بعض التغييرات الطفيفة، إلا أنه نوّه بشهرتها العالمية. ولم يتوقف رحماني كثيرا عند الأسلوب الفني المتّبع من طرفه؛ حيث أكد ل «المساء» قوة إحساس اللوحة في حد ذاتها، وفي هذا يقول: «قد تُعجب اللوحة شخصا ما بدون سبب محدد، ربما تأثر بألوانها أو أن العمل الفني أعاده إلى ذكرى معيّنة، وهكذا الإحساس أهم من كل التفاصيل التقنية في الفن التشكيلي». ويرسم الفنان في بيته؛ حيث خصّص ركنا منه لورشة يعمل فيها، كما يعيش بنسبة خمسين بالمائة من مبيعات لوحاته؛ إذ من شبه المستحيل أن يعيش الفنان الشاب من فنه في الجزائر! وعرض الفنان أعماله في قصر الثقافة وقصر رياس البحر رفقة مجموعة «الصباغين»، التي تضم أسماء فنية معروفة، مثل كريم سرقيوة وجودت قسومة. كما عرض برواق «أرتيسيمو»، وربما سيشارك في الصالون الدولي للفن المعاصر بباريس في أكتوبر المقبل. بالمقابل، رسم الفنان أكثر من مجموعة فنية مثل مجموعة «آدم وحواء»، كما رسم بالأسلوب التجريدي، الذي قال إنه لا يحبه كثيرا، ويتجه إليه حينما يحتاج إلى ترجمة طاقته الكبيرة على اللوحة. وضم معرض عبد الغني رحماني العديد من اللوحات التي تدور جميعها حول موضوع الحصان؛ حيث جاء أغلبها في شكل بورتري لحصان مرسوم بطريقة عفوية في عالم مليئ بالزركشة والألوان ما عدا لوحتين؛ الأولى أكثر واقعية، رسم فيها الفنان حصانا أسود يبدو عليه الغموض ووضع فيه بعض التفاصيل، مثل اللجام، والثانية رسم فيها أحصنة بيضاء يقودها فرسان في حالة سير.