لعب الشعر دورا كبيرا في المعارك التي دارت رحاها بين الشرك والإسلام، مما جعل قريش تعمل جهدها لتشويه الإسلام ومنعه من الانتشار في بلاد العرب، والشيء الذي كانت تخشاه قريش هو التحاق بعض الشعراء العرب الكبار بالمسيرة الإسلامية التي غيرت مجرى التاريخ ومنهاج الطريق . والشاعر في الجاهلية كان بمثابة الحكيم والمنجم، بل ذلك العبقري الذي نهل من وادي عبقر وصحب الجن، حتى أن العرب جعلت لكل شاعر أبدع وظهر في شبه الجزيرة العربية وطار شعره بين القبائل شيطانا أطلقوا عليه اسم شيطان الشعر . الشعراء رغم نفوذهم ومكانتهم الاجتماعية وتنافسهم فيما بينهم، إلا أن الكثير منهم بقي يترّقب ما تنتهي إليه المعركة الدائرة بين الإسلام والكفر، في الوقت الذي دخل فيه شعراء قريش المعركة بقوة وشعراء اليهود وأحبارهم خفية وجهارا ضد المسلمين، حتى أن واحدا منهم أهدر الرسول دمه وأرسل من يقتله لشدة أذيته للرسول وللمسلمين . ومن الشعراء الذين أقفل الله على قلوبهم وكتب عليهم الشقاوة، الشاعر الجاهلي المعروف أمية بن أبي الصلت، الذي لم يكن في شعره أقل ممن اعتنقوا الحنفية قبل الإسلام أمثال ورقة بن نوفل، وكذا من اعتنقوا الديانات السماوية الأخرى بحثا عن الحقيقة وهروبا من عبادة الأوثان ومعتقدات الجاهلية . أمية بن أبي الصلت، شاعر جاهلي أدرك الإسلام ولم يدرك الهداية رغم أنه كان قريبا من الحنفية، هذا الشاعر الكبير في شعره والذي لم يكن موطنه بعيدا عن مكة وهو الطائف موطن ثقيف حتى أن المشركين قالوا لماذا لم ينزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم، ويقصدون بالقريتين مكةوالطائف، والرجل أحد عظماء وسادة القريتين . أمية بن أبي الصلت، سلك في الجاهلية سلوك المؤمنين العارفين فحرم على نفسه الخمر وعبادة الأوثان، حتى أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل عنه قال “آمن لسانه وكفر قلبه”، فعندما بعث الرسول صلى الله عليه وسلم كان أمية بن أبي الصلت مقيما في البحرين، ولما بلغه مبعث النبي عاد إلى موطنه الطائف وسأل قومه عن الدين الجديد الإسلام وعن محمد صلى الله عليه وسلم، ثم وفد إلى مكةالمكرمة وسمع آيات من القرآن الكريم، وعندما سألته قريش عما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، قال أشهد إنه على الحق، فقالوا هل تتبعه؟ فقال حتى أنظر في أمره . لم يمكث أمية بن أبي الصلت طويلا في الطائف، حيث غادرها متجها إلى الشام، وعند خروجه من الطائف قاصدا الشام، بلغه خروج الرسول صلى الله عليه وسلم مهاجرا إلى المدينةالمنورة، كما بلغ أمية بن أبي الصلت وهو في دار هجرته بالشام موقعة بدر الكبرى الذي انتصر فيها الإسلام وسقطت فيها رؤوس الشرك، فعاد الشاعر أمية بن أبي الصلت إلى الطائف وفي نيته الدخول في الإسلام، إلا أنه عندما علم بمقتل أهل بدر وكان من بين القتلى خال له امتنع عن الإسلام وأقام في الطائف حتى أدركته منيته شقيا بكفره رغم أشعاره التوحيدية .