تقاطعت تصريحات العديد من القادة الفلسطينيين أمس، على أن مشاريع البناء الاستيطاني الأخيرة التي طرحتها إسرائيل تمثل ضربة موجعة لمفاوضات السلام المقررة جلستها الثانية غدا بالقدس المحتلة برعاية أمريكية. فرغم تأكيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، التزام الجانب الفلسطيني بعملية السلام عبر المفاوضات، فإن ذلك لم يمنع العديد من القادة الفلسطينيين من التأكيد على أن هدف الاحتلال من العودة لهذه المفاوضات هو إيجاد غطاء لعمليات التوسع الاستيطاني، التي لا تستثني أي شبر من الأرض الفلسطينيةالمحتلة. وقال صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين، إن الجانب الفلسطيني يدرس حاليا عدم المشاركة في الجولة الثانية من المفاوضات مع إسرائيل، ردا على طرح حكومة الاحتلال بناء قرابة 1200 وحدة استيطانية جديدة بالضفة الغربية والقدس المحتلة. واعتبر عريقات أن إسرائيل وبمواصلتها البناء الاستيطاني وتوسيع نطاقه رغم استئناف المفاوضات، ”تحاول منع الجانب الفلسطيني من حضور المفاوضات ومواصلتها لإحلال السلام”. من جانبها، حملت حنان عشراوي، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية سلطات الاحتلال مسؤولية فشل الجهود الساعية لاستئناف المفاوضات بفعل سياساتها التوسعية وخروقاتها المنافية للشرعية الدولية. وقالت إنه ”لا حاجة إلى عملية تفاوضية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، باعتبار أن إسرائيل توجه الضربة تلو الأخرى بشكل متعمد للمجتمع الدولي والإدارة الأمريكية، وبذلك فإنها تفرغ العملية التفاوضية قبل البدء فيها من مضمونها وجدواها”. ونفس الموقف عبرت عنه ماجدة المصري القيادية في الجبهة الديمقراطية، التي أكدت أن ”عطاءات البناء الاستيطاني الأخيرة، هي رسالة واضحة تؤكد عبثية المفاوضات الحالية التي لا تتوفر فيها المتطلبات الكفيلة بضمان الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني”. أما أحمد قريع، عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير، فقد حذر من الإجراءات المعروضة على الكنيست التي تشكل الخطوة الأكثر خطورة لتهويد المسجد الأقصى ولبسط السيادة الإسرائيلية على أقدس مقدسات المسلمين.والمؤكد، أن إسرائيل التي تعرف كيف تحسب خطواتها جيدا، أرادت من خلال إطلاق هذه المشاريع الاستيطانية في هذا التوقيت بالتحديد الدفع بالطرف الفلسطيني إلى الانسحاب من عملية السلام المحكوم عليها بالفشل مسبقا، حتى يظهر الفلسطينيون في أعين العالم أنهم هم المسؤولون عن هذا الفشل، وتتمكن هي من التنصّل من التزاماتها دون أي حرج. ومثل هذه الضربة الإسرائيلية كانت متوقعة منذ الوهلة الأولى، التي قبل فيها الفلسطينيون العودة إلى طاولة تفاوض تفتقد لأدنى الضمانات، التي كان من المفروض أن توفرها الإدارة الأمريكية راعية السلام، خاصة فيما يتعلق بعقبة الاستيطان. وتكون بذلك إسرائيل قد ضربت عصفورين بحجر واحد، فهي من جهة تواصل أنشطتها الاستيطانية دون أن تعترض طريقها المجموعة الدولية، ومن جهة ثانية تعلن أنها ستفرج اليوم عن قائمة الأسرى الفلسطينيين ال 26 الذين اتفق على إطلاق سراحهم ضمن دفعة أولى للإفراج عن 104 من الأسرى القدامى، بالتزامن مع سير العملية التفاوضية لتظهر بمظهر الطرف الذي يمد يده للسلام. وحددت إسرائيل أسماء الأسرى المقرر إطلاق سراحهم دون العودة إلى الطرف الفلسطيني، مما جعل مركز أسرى فلسطين للدراسات يؤكد، أن سلطات الاحتلال لم تلتزم بالمعايير التي أعلنت عنها للإفراج عن الأسرى القدامى من كبار السجن، والذين قضوا عقودا في المعتقل وأنه لازال يشكك في قرار إسرائيل للإفراج عن الدفعة الأولى من الأسرى. وقال رياض الأشقر، المدير الإعلامي للمركز، إن” تجارب الاحتلال السابقة تجعلنا لا نصدق وعوده وقراراته في الإفراج عن الأسرى، حيث يقوم بإلغاء قرار الإفراج في آخر ساعة”. وأكد، أن اشتراط إسرائيل الإفراج عن الأسرى القدامى عبر دفعات، ما هو في حقيقة الأمر إلا ورقة ضغط تستخدمها حكومة الاحتلال للضغط على القيادة الفلسطينية لمواصلة مفاوضات سلام تريده على مقاسها. وحتى وأن أكد فؤاد الخفش، مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان فرحة الفلسطينيين لإطلاق سراح أي أسير، فإنه انتقد طريقة حكومة الاحتلال في الإفراج عن الأسرى، والتي تفتقد للمعاير وتعتمد على أسلوب المراوغة.