أُعطيَ الضوء الأخضر لمصالح الأمن للتعامل بصرامة مع كل من يحاول التسلل واختراق الحدود أو إلحاق أضرار بأمن البلاد والمواطنين، حيث أشارت مصادر مسؤولة ل«المساء"إلى أن الجزائر كثفت من عمليات المراقبة على مستوى الحدود من خلال إصدار تعليمات خلال اجتماع ضم قطاعات حكومية بمصالح الأمن الأسبوع الماضي. وأشارت المصادر إلى أنه تم التأكيد على ضرورة تفعيل عمليات المراقبة على مستوى الشريط الحدودي، بناء على تعليمات صادرة عن السلطات العليا في البلاد، التي تضع مسألة تأمين الحدود ضمن أولوياتها في الوقت الذي تزداد فيه المخاطر في ظل حالات اللااستقرار التي تعيشها بعض دول الجوار. ونفت مصادرنا أن تقتصر مراقبة الحدود على مستوى الجهة الشرقية، حيث تعرف الحدود الجزائرية-التونسية نشاطا غير مسبوق للإرهابيين، بل إن التعليمات الصادرة في هذا الخصوص تشمل كامل الشريط الحدودي للبلاد، موضحة في هذا الصدد أن درء الخطر يتطلب يقظة كبيرة للتصدي لأي محاولة لتسلل الإرهابيين، واستدلت في هذا الصدد بالاعتداء الإرهابي الذي استهدف، شهر جانفي الماضي، المنشأة الغازية بتيقنتورين (إليزي). وكان الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، قد أكد خلال زيارته لولاية جيجل أن الحكومة تقف بالمرصاد لكل ما يهدد سلامة مواطنيها، خاصة أنها توجد حاليا وسط بركان من الأزمات على حدودها، مشيرا إلى أن بلادنا تمتلك إمكانات الدفاع عن نفسها، في الوقت الذي استبعد فيه تكرار السيناريو الذي تعرفه بعض الدول العربية التي أضحت تعيش اضطرابات خطيرة. وكانت الجزائر قد عززت من تنسيقها الأمني مع الدول المغاربية خلال اللقاءات والاجتماعات المنعقدة في هذا الصدد، ونذكر مثلا التعاون الأمني بين الجزائر وتونس، حيث اتفق البلدان خلال زيارات المسؤولين المتبادلة على ضرورة توسيعه ليشمل المنطقة المغاربية ككل، من خلال وضع استراتيجيات للتصدي لآفة الإرهاب العابرة للحدود. ويشهد مسؤولو البلدين على تميز التعاون في هذا المجال وأقروا بفعاليته في التصدي للجماعات الإرهابية، في الوقت الذي يبدي فيه الطرف التونسي اهتمامه للاستفادة من التجربة الجزائرية، حيث عاشت بلادنا أوج العمليات الإرهابية خلال العشرية السوداء. والأمر نفسه بالنسبة للتعاون مع ليبيا، حيث زار رئيس الوزراء الليبي، السيد علي زيدان، الجزائر أواخر شهر رمضان من أجل التشاور حول مسألة الأمن الجهوي، ليكون ذلك تكملة للقاء غدامس (ليبيا) في جانفي الماضي، حيث تم عقد لقاء خصص للوضع الأمني السائد على حدود هذه البلدان وسبل دعم التعاون بينها. وهو الاجتماع الذي سمح بالخروج بخطة عمل من أجل تعزيز التعاون الثلاثي مع إيلاء الاهتمام للتعاون المغاربي ككل. وغير بعيد عن خطر الإرهاب، فإن الجزائر كثيرا ما تعرب عن قلقها حيال تهريب المخدرات من الحدود الغربية والتي قال وزير الخارجية، السيد مراد مدلسي، بخصوصها أن الجزائر "شبه مستهدفة"، في إشارة إلى عدم تعاون السلطات المغربية في مجال محاربة تهريب المخدرات، في الوقت الذي تقوم فيه قوات الأمن بحجز كميات هامة من المخدرات بشكل منتظم. كما أن الجزائر تربط مسألة فتح الحدود بين البلدين بضرورة دراسة كافة الملفات وفق نظرة شاملة، حيث تضع من بين أولوياتها تفعيل التعاون بخصوص مكافحة المخدرات إلى جانب التهريب الذي يستنزف الاقتصاد الوطني. وفي هذا الصدد، بعث الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، برسائل لدول المغرب العربي خلال زيارته لولاية تندوف عندما دعاها إلى التشاور والتعاون فيما بينها لتأمين حدودها المشتركة ومكافحة التهريب، مؤكدا أن "الجزائر ليس لديها مشاكل مع دول الجوار" وأن موقفها يقوم دائما على "حسن الجوار وهو موقف ثابث". وذهب الوزير الأول إلى حد التأكيد على أنه "ليس للجزائر أية حسابات مع أي أحد ولا تريد مشاكل مع أحد"، داعيا الدول المغاربية إلى التعاون الاقتصادي كون عمليات التهريب وصلت مرحلة خطيرة. بعد أن أصبح المهربون يستغلون الأموال التي يظفرون بها من التهريب في شراء المخدرات لتسويقها في الجزائر.