بدت الدول الغربية، وفي مقدمتها الولاياتالمتحدة وبريطانيا، أمس، وكأنها على وشك توجيه ضربة عسكرية إلى سوريا ردا على ما وصفته تجاوز النظام السوري "للخط الأحمر" بعد أن اتهمت قواته باستخدام السلاح الكيماوي في حربها ضد المعارضين المسلحين. وبينما عقد سفراء الدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، أمس، اجتماعا بمدينة نيويوركالأمريكية لبحث مشروع لائحة بريطانية للرد على مزاعم استخدام السلاح الكيماوي في سوريا، حذر الأخضر الابراهمي، المبعوث الدولي والعربي المشترك إلى سوريا، من أن أي عمل عسكري سيكون بحاجة إلى ضوء أخضر من مجلس الأمن الدولي. في نفس الوقت الذي ذهب فيه الأمين العام الأممي بان كي مون إلى مطالبة الدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن إلى "الاجتماع من أجل التحرك باتجاه إحلال السلام". وحسب الحكومة البريطانية التي أعدت مشروع اللائحة الأممية ضد سوريا فإنه في حال تبنيها عبر مجلس الأمن الدولي، وهو أمر يبقى بعيد المنال في ظل الموقف الروسي والصيني الرافض لأي تدخل عسكري ضد سوريا، فإنها "ستسمح بالتحرك تحت طائلة البند السابع لميثاق الأممالمتحدة الذي يخول استخدام القوة بهدف حماية المدنيين في سوريا. وبالتالي فإنها ستعطي الشرعية للتدخل العسكري الذي رسمت ملامحه الولاياتالمتحدة ودعمتها في ذلك كل من بريطانيا وفرنسا وتركيا إضافة إلى دول عربية. بالتزامن مع ذلك، بدت القوات الأمريكية في مياه المتوسط على أهبة الاستعداد لتوجيه ضربة عسكرية في أية لحظة، وهو ما صعد التساؤلات بشأن سيناريوهات الحرب المتوقعة على سوريا التي توعدت سلطاتها، أمس، الدول الغربية بأن بلادها ستكون "مقبرة للغزاة" في حال شنهم ضربة عسكرية عليها. وقال وائل الحلقي، رئيس الحكومة السورية، إن "سوريا ستفاجئ المعتدين كما فاجأتهم خلال حرب أكتوبر ضد إسرائيل عام 1973...وستكون مقبرة للغازين". وتتداول الصحافة الأمريكية في الآونة الأخيرة أهم السيناريوهات المتمثلة في شن ضربات عسكرية سريعة ومحددة انطلاقا من البوارج الحربية الأمريكية المنتشرة بمياه المتوسط مدعمة بغطاء جوي يوفره الطيران الحربي البريطاني والفرنسي ضد مواقع عسكرية تابعة للنظام السوري. وقالت إن هذه الضربات الخاطفة لن يصاحبها انتشار بري للقوات ولا تهدف أيضا إلى إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، وإنما الغاية منها توجيه رسالة تتضمن رد الغرب على تجاوزه الخط الأحمر بعد أن اتهمت قوات الأسد باستخدام السلاح الكيماوي المحظور دوليا ضد المدنيين. والمفارقة أن هذه الاستعدادات العسكرية والتحركات الدبلوماسية الغربية المكثفة التي يبدو أنها حسمت موقفها من أن نظام الأسد هو من استخدم السلاح الكيماوي في ريف دمشق الاسبوع الماضي لم تكلف نفسها حتى عناء انتظار نتائج تحقيقات الفريق الاممي المتواجد في سوريا لهذا الغرض. وحتى الأممالمتحدة نفسها أكدت أن فريق خبرائها الذي استأنف أمس مهامه بمنطقة الغوطة الشرقية بالقرب من دمشق يلزمه أربعة أيام للانتهاء من مهمته الميدانية. وطالب الأمين العام الاممي بان كي مون، أمس، بضرورة "ترك الفريق أولا ينتهي من عمله في أربعة أيام"، وقال "بعد ذلك سيقوم الخبراء بتحاليلهم العلمية التي يتم على إثرها إعداد تقرير يتضمن نتائج مهمتهم يعرض على مجلس الأمن الدولي لتحديد المسؤوليات وسبل الرد في حال تأكد استخدامه" من قبل أي طرف سوري. وهو ما جعل روسيا الرافضة لأي تدخل عسكري في سوريا تعتبر أن كل ما يقال حول تحرك مجلس الأمن الدولي يبقى غير مناسب ما لم ينته فريق الخبراء الامميين من مهمته في سوريا ويقدم تقريره النهائي بشأن مزاعم استخدام السلاح الكيماوي. وبينما حذر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، من عواقب عمل مسلح ضد سوريا من شأنه أن يكون عملا إضافيا لزعزعة كامل منطقة الشرق الأوسط، اعتبر مرشد الجمهورية الإيرانية علي خاميني أن ذلك سيقود المنطقة بأكملها إلى الدمار.