دعت جمعية حماية المستهلكين إلى وضع آليات لضبط الأسعار، من أجل الخروج من دائرة الأزمات التي تعرفها بعض المواد وكذا الارتفاع الكبير في الأسعار لاسيما اللحوم، ونبه رئيسها، مصطفى زبدي، إلى أنه في حال عدم قيام وزارة الفلاحة بأي إجراءات من الآن فإن سعر الكبش في عيد الأضحى المقبل سيرتفع ب5000دج على الأقل. وفتحت الجمعية، أمس، مع خبراء وممثلي دواوين فلاحية نقاشا حول الوضع الراهن للأسعار الخاصة بالخضر والفواكه واللحوم، وذلك للنظر في كيفية وضع حد للاختلالات الكبيرة التي تعرفها السوق. وقال مصطفى زبدي إنه من غير المعقول الاستمرار في “المقاطعة” كحل لمواجهة الارتفاع في الأسعار، حتى وإن كانت مجدية، مستشهدا بالحملة الأخيرة لمقاطعة الموز والتي أدت –حسبه- إلى انخفاض أسعار هذه الفاكهة إلى النصف. الندوة التي غاب عنها ممثلو وزارتي التجارة والفلاحة كانت بمثابة تشخيص للوضع الراهن الذي تعرفه عدة فروع لاسيما شعبة الدواجن، بالنظر إلى الأسعار القياسية التي وصل إليها سعر الكيلوغرام من الدجاج في الأسواق الجزائرية رغم الإعفاء الضريبي على الأعلاف الذي استفاد منه المربون إلى غاية أوت الجاري والذي تم تمديده بسنة كاملة. وحتى وإن سجل شهر رمضان الماضي انخفاضا في سعر الدجاج فإنه سرعان ما عادت للالتهاب مجددا، وهو ماجعل رئيس جمعية حماية المستهلكين يعبر عن رفضه تمديد فترة الإعفاء، مشيرا إلى أنها لم تؤت ثمارها و«لم يستفد منها لا المربون ولا المستهلكون، بل بعض الوسطاء”، مضيفا “لم تنزل أسعار الدجاج إلا مدة شهرين فقط منذ جانفي الماضي تاريخ دخول الاعفاء حيز التنفيذ”، لذا اعتبر أنه من الأجدى أن تبقى أموال الدولة في خزينتها بدل أن يستفيد منها الوسطاء وبائعو الجملة والمستوردون. وهو ما أكده السيد مراد ضيف، مربي دواجن من المدية واحد من 80 بالمائة من المربين الصغار الذين لايستفيدون من ترخيص من وزارة الفلاحة بسبب اتباعهم طرقا تقليدية في التربية، لكنهم يسوقون إنتاجهم. في قراءته للوضع، أشار إلى أن الواقع يشير إلى أن الجزائر ليس لها إنتاج حقيقي للدواجن، موضحا “نحن لاننتج الدواجن لكن نقوم فقط بتسمينها لأن 90 بالمائة من الأعلاف مستوردة من الخارج”. وحسب المتحدث فإن الشعبة تضم حاليا 30 ألف مرب على المستوى الوطني وتشغل 100 ألف عامل، والإنتاج يتم على مستوى 15 ولاية. وكشف عن تسجيل خسائر ب20 مليار دينار على مستوى المربين، لاسيما الصغار منهم، غير المسجلين لدى وزارة الفلاحة والذين قال أنهم تضرروا كثيرا من الانخفاض في الأسعار في الأشهر الماضية وهو ما أدى بالكثير منهم إلى التوقف عن العمل، وهو ماساهم في عودة ارتفاع الأسعار. كما تطرق إلى مسألة غياب بورصة للدجاج أو أسواق منظمة تسهل عملية التسويق. من جانبه، اعتبر السيد آكلي موساوي، وهو خبير دولي في مجال الفلاحة، أن الحل بالنسبة لشعبة الدواجن أو اللحوم البيضاء يكمن في تطوير شعبة اللحوم الحمراء ووضع حد للغلاء الفاحش لهذه اللحوم ببلادنا والتي دفعت المستهلكين إلى التوجه بكثرة إلى اللحوم البيضاء “لايوجد أي بلد في العالم سعر الكيلوغرام الواحد من اللحم به يساوي 10 بالمائة من الأجر الوطني الأدنى!”. واعتبر الخبير أن مايعيشه قطاع الفلاحة من أزمات راجع إلى جملة من العوامل أهمها أن الجزائر بلد غير منتج وأن كل المدخلات في هذا القطاع مستوردة، كما أن البرامج الموضوعة ليست لها “أهداف اقتصادية محددة”، إضافة إلى اللجوء إلى الاستيراد لحل أي أزمة ندرة أو ارتفاع في الأسعار، دون إغفال غياب الاحترافية لدى الكثير من الفلاحين في الشعب التي يعملون بها بسبب التغيير من شعبة إلى أخرى بعد حدوث أي أزمة. وردا على هذه الانتقادات قال ممثل الديوان الوطني المشترك للخضر واللحوم، السيد عبد الله قاسمي، إنه لا يمكن أبدا إنكار وجود “سياسة فلاحية محكمة بالجزائر”، مشيرا إلى أن الديوان يعمل على التوفيق بين “المصالح المتضادة” بين مختلف الأطراف، واعتبر أن للحكومة أهداف محددة حتى وإن اعترف بأنها “صعبة التحقيق”. يذكر أن أسعار اللحوم البيضاء وصلت في الأيام الأخيرة إلى مستوى قياسي، إذ بلغ سعر الكيلوغرام من الدجاج 450 دج للطازج و300 دج للمجمد.