نجحت الجزائر في بلوغ 95 بالمائة من الأهداف المسطرة في ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، الذي بادر به رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة قبل ثماني سنوات، حيث أكد رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان السيد فاروق قسنطيني في هذا الصدد، أن الميثاق يُعد مشروعا مثاليا ومتفردا خاصة وأنه تم دون أي تدخّل أجنبي. وأوضح السيد قسنطيني أمس في برنامج ضيف الصباح للقناة الإذاعية الأولى، أن مبادرة السلم والمصالحة التي بادر وتكفّل بها الرئيس بوتفليقة وصوّت عليها ب "نعم" أكثر من 85 بالمائة من الجزائريين سنة 2005، تُعتبر تجربة إقليمية معترف بها دوليا، بدليل أن عدة دول عربية وإفريقية باتت تنتهجها وتحذو حذوها من أجل استقرار أوضاعها الأمنية والسياسية. كما أشار السيد قسنطيني إلى أن تجديد طلب عضوية الجزائر في مجلس حقوق الإنسان في منظمة الأممالمتحدة، يبقى حقا من حقوقنا، موضحا أن الأوضاع الآن أصبحت أكثر استقرارا، خاصة بعد أن أثبتنا يقول براءة الدولة من قضية المفقودين في فترة مكافحة الإرهاب، في حين أكد أن طلب العضوية يأتي بهدف المساهمة في هذا المسعى وترقية حقوق الإنسان أكثر في الجزائر. وشدّد رئيس اللجنة الاستشارية على ضرورة الانتقال إلى المصالحة الاجتماعية، خاصة مع الشباب العاطلين عن العمل، مضيفا أنه لا بد من الانتقال إلى مصالحة شاملة وألا يقتصر الأمر على المصالحة السياسية.
القضاء على 190 إرهابيا ما بين جانفي وسبتمبر 2013 من جهته، أكد رئيس خلية المساعدة القضائية لتطبيق ميثاق السلم والمصالحة الوطنية السيد مروان عزي أمس بمنتدى المجاهد، أنه تم ما بين جانفي وسبتمبر الحالي القضاء على 190 إرهابيا على المستوى الوطني. وأوضح رئيس الخلية أن من ضمن هذا العدد المذكور تم القضاء في جانفي الماضي، على 48 إرهابيا من بينهم 29 أثناء مواجهة الاعتداء الإرهابي على الموقع الغازي بتيڤنتورين (عين أمناس- إيليزي). وقُدر عدد الإرهابيين الذين تم القضاء عليهم ما بين 1992 إلى غاية 2006، بأزيد من 17 ألف إرهابي، وذلك حسب إحصائيات الأمن والدرك الوطنيين. وأكد السيد عزي على أهمية "تطبيق ميثاق السلم والمصالحة الوطنية لمكافحة الإرهاب"، مشيرا إلى أن "عمليات المكافحة لم تتوقف لحد الآن، وظلت متواصلة"، مشددا على ضرورة تدعيم "العمل الاستعلاماتي؛ "للتمكن من إجهاض واحتواء العمليات الإرهابية قبل حدوثها". وأشار السيد عزي في هذا الإطار إلى أن "العمل الاستعلاماتي ساهم بشكل كبير في تفادي عدة عمليات انتحارية إرهابية". وبخصوص ملف المفقودين دعا رئيس الخلية بعض "الجمعيات إلى عدم استغلال هذا الملف لأغراض سياسية وشخصية، تمس بمصلحة الوطن". وقُدّر عدد عائلات المفقودين ب 7144 عائلة سُجلت في مصالح الأمن والدرك الوطنيين، مشيرا إلى أنه تم إلى حد الآن تعويض حوالي 7 آلاف عائلة منهم. من ناحية أخرى، ذكر السيد عزي بأن 24 إرهابيا آخرين كانوا قد سلّموا أنفسهم خلال هذه السنة في مختلف ولايات الوطن، من بينها ولايات تلمسان وسكيكدة وإيليزي وبومرداس وأدرار وخنشلة". وبخصوص العملية الإرهابية التي استهدفت الموقع الغازي ب "تيڤنتورين" قال السيد عزي، إن هذه العملية هي من فعل "تنظيم إرهابي متعدد الجنسيات"، هدفه "زعزعة أمن واستقرار البلاد"، غير أن تفطّن السلطات وتدخّل عناصر الجيش الشعبي الوطني قد "حال دون تحقيق مسعى تدخّل الأطراف الأجنبية في القضايا الوطنية"، حسب قوله. كما دعا رئيس خلية المساعدة القضائية إلى ضرورة توسيع تدابير هذا الميثاق، ليشمل فئات أخرى من ضحايا المأساة الوطنية، موضحا أن أزيد من 15 ألف شخص استفادوا من تدابير الميثاق، في حين دعا إلى توسيع هذه التدابير لتشمل فئات أخرى من ضحايا المأساة. ومن ضمن هذه الفئات ذكر السيد عزي، على وجه الخصوص، "النساء المغتصبات والأطفال الذين وُلدوا في الجبال، وملف معتقلي الصحراء في بداية التسعينيات البالغ عددهم حوالي 18 ألفا، إلى جانب مستثمرين تضرروا ماديا من المأساة الوطنية. كما طالب بإعادة النظر في المنحة التي يتقاضاها ضحايا الإرهاب، والمتراوحة ما بين 5000 و6000 دج، مع وضع "قانون خاص" بضحايا الإرهاب. وبخصوص الأطفال المولودين في الجبال، أكد السيد عزي على أهمية التكفل بهم والاعتراف بنسبهم؛ سواء عن طريق تثبيت الزواج العرفي أو من خلال تقنية الحمض النووي. وكثيرا ما شكّل ملف الأطفال المولودين بالجبال الذين لا يملكون إطارا قانونيا لتحديد هويتهم، مادة دسمة لعدة أطراف أجنبية تحاول من خلاله ضرب استقرار الجزائر، حيث يبلغ عددهم 500 طفل، 100 منهم ملفاتهم وصلت إلى الخلية القضائية لتطبيق ميثاق السلم والمصالحة، التي تمكنت من معالجة 41 حالة بعد ترسيم الزواج وإثبات النسب، في حين تنتظر البقية قرار رئيس الجمهورية إطلاق عمليات البحث عن قبور الآباء في الجبال؛ بهدف استغلال تقنية الصبغة الوراثية لإثبات النسب، بالإضافة إلى التجار والصناعيين المتضررين من العشرية السوداء، والذين ينتظرون التعويض عن الخسائر المادية التي لحقت بهم. ويأتي الحديث عن النتائج الإيجابية للمصالحة الوطنية بعد مرور ثماني سنوات على تبنّي الشعب الجزائري ميثاق السلم والمصالحة الوطنية بعد أن أقره رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة؛ من أجل طي صفحة العشرية السوداء وتحقيق السلم والاستقرار في ربوع الوطن، حيث مكّن الميثاق الجزائر من العودة إلى سكة الاستقرار والأمن، كما بات مرجعا على المستوى الإقليمي والدولي. واحتفاء بهذه المناسبة، نظمت المنظمة الوطنية لترقية ثقافة السلم أول أمس السبت، ندوة نقاش في منتدى المجاهد، حضرتها شخصيات وطنية، ثمّنت ثمار المصالحة في الميدان، حيث دعا الحضور الشباب والجيل الصاعد إلى الحفاظ على المكتسبات والاستقرار المحقَّقين. وفي هذا الصدد، أشارت فاطمة الزهراء بوصبع رئيسة المنظمة الوطنية لترقية ثقافة السلم، إلى أن الهدف الأساس للمنظمة هو تعزيز السلم ودعم الوحدة والقضايا العادلة، وأشارت في هذا السياق: "هدفنا الأسمى هو مناصرة القضايا العادلة أينما كانت. ورسالتنا هي رسالة المصالحة، وهي أن تكون المصالحة في كل العالم".