ألح المحامي مروان عزي، رئيس الخلية القضائية لتطبيق ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، على ضرورة الإسراع في اعتماد تدابير قانونية تكميلية للميثاق تشمل الفئات المتضررة من المأساة الوطنية والتي لم تمسها الإجراءات المطبقة لحد الآن، محذرا من عواقب إهمال هذه الفئات التي تحاول بعض الجهات استغلالها لضرب استقرار البلاد. وانتقد السيد عزي خلال استضافته، أمس، بندوة "المجاهد" الآراء التي تتحدث عن فشل ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، مستدلا بالأرقام التي ترتبت عن تطبيق هذا الميثاق، سواء في الجانب المتعلق بوقف حمام الدم وإعادة الأمن إلى ربوع الوطن أو في الجوانب المرتبطة بالتكفل بالفئات التي استفادت من التدابير المطبقة من هذا القانون. وقال في هذا الصدد: "كنا نسجل في سنوات الإرهاب الأعمى نحو 1000 قتيل في الشهر وأحيانا في الأسبوع واليوم الواحد، مثلما حدث في مجازر بن طلحة والرايس وغيرها من مناطق البلاد، ثم تراجع العدد إلى نحو 216 قيتلا في الشهر في سنة 2007 مباشرة بعد دخول الميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية حيز التنفيذ، لينخفض العدد إلى نحو 100 قتيل بين 2008 و2010، فيما تقلص عدد القتلى بفعل الأعمال الإرهابية في الوقت الحالي إلى مستوى يتراوح بين 30 و40 قتيلا في الشهر، مع تقلص رقعة النشاط الإرهابي إلى 3 أو 4 ولايات، بعد أن كانت هناك مناطق تعرف في التسعينيات بالمناطق المحررة". واستغرب المتحدث كيف يمكن أن يقال بأن المصالحة الوطنية فشلت في الوقت الذي مكنت فيه من وضع حد لنشاط قرابة 35 ألف إرهابي، 15 ألفا منهم وضعوا السلاح واستفادوا من تدابير الميثاق، فيما تم القضاء على 17 ألف إرهابي آخر في إطار استمرار جهود مكافحة الآفة، منهم 1950 إرهابيا تم القضاء عليهم منذ دخول إجراءات ميثاق السلم والمصالحة الوطنية حيز التطبيق. وفي حين أكد بأن إجراءات ميثاق السلم والمصالحة الوطنية أصبحت الآن حقيقة وواقعا يخدم الأشخاص الذين استفادوا منها، شدد السيد عزي على ضرورة تعزيز هذا الميثاق بإجراءات تكميلية تشمل الفئات التي "نسيت" في الميثاق، محذرا من الاستغلال السياسي لبعض الجهات لمعاناة بعض هذه الفئات لضرب استقرار الجزائر، بإيعاز من المنظمات الدولية غير الحكومة التي تحاول الضغط على الجزائر ببعض الملفات على غرار ملف المفقودين. واعتبر رئيس الخلية القضائية لتطبيق الميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية الوضع الإقليمي والدولي لا يسمح للجزائر بترك الثغرات لأعدائها الذين يحاولون استغلال ما أصبح يعرف بالربيع العربي لنقل الإضطراب إلى الجزائر وزعزعة وحدتها، مستدلا في هذا الشأن بالاعتداء الإرهابي الذي استهدف منتصف جانفي الماضي القاعدة الغازية لتيقنتورين بإن امناس بإليزي، والتي اعتبرها عملية مدبرة، "كان الهدف الأساسي من تدبيرها ضرب المصالح الإقتصادية للبلاد بتفجير المنشأة النفطية والضغط على الجزائر وفرض التدخل الأجنبي في مصالحها بدافع تحرير الرهائن الذين احتجزهم الإرهابيون وحاولوا تحويلهم إلى وجهة مجهولة..". وتدفع مثل هذه العمليات الإرهابية التي تمكنت الجزائر بفعل خبرة جيشها الشعبي الوطني واحترافيته من إفشال خططها بنجاح، حسب السيد عزي إلى ضرورة العمل على تقوية التماسك الوطني من خلال التكفل بكافة شرائح المجتمع، بما فيها الفئات المعنية بإجراءات السلم والمصالحة الوطنية، "والتي تعمل بعض الأطراف حاليا على المتاجرة بملفها، مثلما هو الحال بالنسبة لفئة المفقودين". وفي هذا الصدد، ذكر الأستاذ عزي بأن العدد النهائي للمفقودين أثناء المأساة الوطنية تم تحديده ب7100 مفقود، تم تعويض عائلات الأغلبية منهم، فيما تبقى بعض العائلات ترفض التعويض وتصر على معرفة الحقيقة "وذلك من حقهم" على حد تعبيره ،«غير أننا فقط ندعوهم إلى توخي الحذر من خطر إقحامهم في مؤامرات لضرب الجزائر"، مذكرا في سياق متصل بالمقترحات التي وجهتها الخلية القضائية إلى السلطات العليا في البلاد في ماي 2011، والتي تضمنت 15 محورا، تشكل مقترحات الإجراءات التكميلية التي ينبغي -حسبه- اعتمادها للتكفل بباقي فئات المتضررين من المأساة الوطنية. وتشمل هذه المقترحات إلى جانب فئة المفقودين، الملفات المرتبطة بالأطفال المولودين في الجبال والنساء المغتصبات وعائلات الإرهابيين الذين قتلوا والعمال الذين تم تسريحهم في إطار المأساة الوطنية، والأشخاص الذين وضعوا في الحبس الاحتياطي لمدة تتراوح بين 6 أشهر و5 سنوات، والمتضررين ماديا من المأساة وكذا الأشخاص الذين تم وضعهم في معتقلات الجنوب ورجال الدفاع الذاتي. وفي سياق متصل، اعتبر المتحدث أنه من غير المعقول أن يبقى ضحايا الإرهاب يتقاضون نفس المنحة والمحددة ب6000 دينار شهريا منذ سنة 1995، مقترحا بالمناسبة إنشاء هيئة أو كتابة دولة تتكفل بدفع المنح والتعويضات لكافة الفئات المتضررة من المأساة الوطنية، بدلا من تكفل كل وزارة بالفئة التابعة لها. ليجدد في الأخير التأكيد على أنه "لا يهم الصيغة والتسمية التي تعطى لعملية تعزيز ميثاق السلم والمصالحة الوطنية سواء كانت من خلال اعتماد عفو شامل أو ممارسة رئيس الجمهورية للصلاحيات المتاحة له بتعزيز الميثاق بتدابير إضافية واتخاذ أي إجراء تكميلي مناسب والمتضمنة في المادة 47 من الميثاق.