ألحّت مجموعة من المجاهدين، على أهمية إعطاء أهمية لتدوين عمليات الاستيلاء على الأسلحة وتهريبها من الثكنات العسكرية، لتزويد الثورة بها في كتابات التاريخ. مشيرين إلى أن هذه العمليات التي كان لها أثر كبير في نجاح الثورة وأصابت المستعمر بصدمة كبيرة، لم تلق بعد النصيب الذي يليق بها في الكتابات التاريخية. كما طالبوا المؤرخين بالتقرب من المجاهدين الذين شاركوا في هذه العمليات، والذين لا يزالون على قيد الحياة، للاستفادة من شهاداتهم في كتابة هذه الحقائق ونقلها للأجيال الصاعدة، لمعرفة عظمة ثورتهم. وتوقف المتدخلون في ندوة نظمتها جريدة المجاهد أمس، بالتنسيق مع جمعية مشعل الشهيد حول موضوع " تهريب الأسلحة من الثكنات الفرنسية والالتحاق بالثورة التحريرية، تخليدا للشهيدين علي خوجة وحمايدية زبير والمناضل هنري مايو وكذا المجاهد الفقيد عبد الرحمان بن سالم"، عن دور الجزائريين المجندين في الجيش الفرنسي آنذاك، والذين خدعوا العدو الفرنسي في عقر داره داخل ثكناته، وتمكنوا بفضل حنكتهم وبالتنسيق مع المجاهدين في عدة مناطق من الوطن، من تهريب كميات جد معتبرة من الأسلحة في عمليات متفرقة وسلموها للثورة، وهو ما سمح بإلحاق خسائر كبيرة بالمستعمر في عدة عمليات واشتبكات مسلحة، حسبما أكدته المجاهدة ونائب رئيس مجلس الأمة، السيدة ليلى طيب، التي ذكرت بعملية "صبابنة" بولاية تلمسان في فيفري 1956 التي قتل فيها 16 عسكريا فرنسيا على يد الجزائريين المجندين في الجيش الفرنسي، بعد الهجوم على ثكنة صبابنة، وهي العملية التي تم من خلالها غنم كميات كبيرة جدا من الأسلحة زودت بها الولاية التاريخية الخامسة، التي استفادت أيضا من الخبرة العسكرية لهؤلاء الجزائريين الذين فروا من الجيش الفرنسي والتحقوا بالثورة بعد تنفيذ عمليتهم، حيث وضعوا خبرتهم العسكرية في خدمة الثورة وتدريب المجاهدين في إدارة المعارك والتصدي لقوات الاستعمار. وفي هذا السياق، أفاد عبد المجيد شيخي، المدير العام للأرشيف الوطني، أن قيادة الثورة كانت تشترط على الجزائريين الذين عملوا في الجيش الفرنسي والراغبين في الالتحاق بالثورة، تزويدها بأسلحة من الثكنات العسكرية قبل مغادرتها. ملحا في نفس الوقت على أهمية استغلال هذه المعلومات من الذين عايشوا الحدث لتدوينها في أرشيف الثورة. ومن جهته، صرح المجاهد رحماني، أن الهجمات التي استهدفت الثكنات العسكرية للاستيلاء على الأسلحة لفائدة الثورة، والتي كانت ناجحة أثارت آنذاك صدى إعلاميا كبيرا وأكسبت الثورة مزيدا من الدعم، كما أثرت سلبا على معنويات العدو الفرنسي الذي أصيب بخيبة أمل بعد الخسائر التي مني بها. وأشاد المتدخلون في هذه الندوة، بدور وشجاعة منفذي عمليات تهريب الأسلحة الذين خاطروا بحياتهم لخدمة الثورة، أمثال المجاهد سعيد بن طوبال، الرائد زبير حمايدية، الرائد عبد الرحمان بن سالم، والمجاهد الراحل مسعود زقار الذي قام بتحويل طائرة فرنسية إلى تونس كانت محملة بالردرات وأجهزة الاتصال اللاسلكية، التي استفادت منها الثورة، إلى جانب المناضل الفرنسي الأصل، هنري مايو الذي ولد بالجزائر العاصمة والذي ساند القضية الجزائرية والثورة التحريرية. وفي هذا الصدد، دعا الحاضرون في الندوة السلطات العمومية للالتفات إلى دور هذا البطل هنري مايو الذي خدم الثورة وقدم لها مساعدات جليلة، وذلك بالمطالبة بتسمية إحدى الشوارع باسمه على الأقل عرفانا لما قدمه. مشيرين إلى أنه "من غير العدل أن تقتصر تسمية عدة شوارع من الوطن باسم نفس المجاهدين والشهداء دون غيرهم من الذين قدموا الكثير للوطن وللثورة والذين حاطهم النسيان".