رغم مرور سنة على رحيله، إلا أن مآثره مازالت تستأثر باهتمام كل من عرفه، إنه الرئيس الأسبق الراحل، الشاذلي بن جديد، الذي تم أمس إحياء الذكرى الأولى لوفاته تحت عنوان "الشاذلي بن جديد من جيش التحرير إلى الجيش الوطني الشعبي إلى رئاسة الجمهورية"، بقصر الثقافة مفدي زكرياء، بحضور شخصيات وطنية ورفقاء الراحل الذين قدم بعضهم شهادات أشادت بخصال الرجل وتفانيه في خدمة الوطن. وجاءت المبادرة من جمعية مشعل الشهيد في إطار الاحتفالات المخلدة للذكرى ال50 لاسترجاع السيادة الوطنية، مناسبة للقاء رفقاء الكفاح وأصدقاء الرئيس الراحل، الذين عبروا عن امتنانهم لتنظيم هذا اليوم الذي يعد التفاتة طيبة لمجاهد خدم بلاده قبل وبعد الاستقلال. كما كانت الكلمة التي ألقاها خليفة بن جديد، شقيق الرئيس الراحل مؤثرة، حيث لم يتمالك نفسه وهو يقدم شهادة عن أخيه، بل فضل أن يخص بها الشاذلي نفسه الذي وصفه بالصديق الوفي للرئيس الراحل هواري بومدين. وأبرز في هذا الصدد حب الرئيس الشاذلي لوطنه منذ أن كان شابا في وسطه الأسري، من خلال التحاقه بصفوف الثورة التحريرية لاسترجاع السيادة الوطنية ثم تحمله لمسؤوليات مختلفة بالمؤسسة العسكرية ثم رئيسا للجمهورية بعد وفاة الرئيس الراحل هواري بومدين. وفي هذا الصدد، أوضح خليفة أن تولي شقيقه منصب الرئيس كان في ظرف صعب جدا، مشيرا إلى أنه كان يرفض تسلم المسؤولية وهو الذي كان يشغل منصب عقيد في الجيش قبل أن يقبلها في الأخير من أجل الوطن. وذكر في هذا السياق أن مرحلة تولي أخيه رئاسة الجمهورية تميزت بالتسامح من خلال إطلاق سراح السجناء السياسيين، إلى جانب أنه أسس للجمهورية الثانية ومهد للديمقراطية ويكفيه انه يحمل لقب "أب الديمقراطية والتعددية في الجزائر". ورفض السيد خليفة التأويلات التي أعقبت استقالة شقيقه من منصبه، مؤكدا أنه قرر الاستقالة بمحض إرادته عكس ما أشيع في جانفي 1992 بأنه أقيل. وأشار إلى أن الشاذلي هاتفه قبل خمسة أيام من استقالته حتى لا يتفاجأ بهذا الخبر عبر التلفزيون، بل أكثر من ذلك أوضح خليفة أن شقيقه قبل تأجيل قرار الاستقالة لمدة يومين بطلب من محيطه من أجل تحضير مرحلة ما بعد الاستقالة. كما عبر المتحدث عن استيائه من محاولات تلطيخ سمعة شقيقه من خلال تزييف حقائق التاريخ، في الوقت الذي كان هم شقيقه خدمة الشعب الجزائري ووطنه والنهوض به إلى مصاف الدول المتطورة. من جهته، أوضح السيد محمد عليوي، الأمين العام لاتحاد الفلاحين الجزائريين في شهادته عن الرئيس الراحل أن هذا الأخير كان يهتم كثيرا بالمواطنين وانشغالاتهم اليومية، خاصة فئة الفلاحين، حيث لم يأل جهدا في حل مشاكلهم. وأشار إلى أن الشاذلي عمل على ترقية وتطوير الفلاحة من خلال اتخاذه العديد من القرارات، أهمها حماية الأرض من زحف الاسمنت ورفع الإنتاج الزراعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي. أما السيدة زهور ونيسي، وزيرة سابقة في حكومة الرئيس الراحل، فقد أشارت إلى أن المرحوم كان يتمتع ببعد نظر في معالجته للقضايا الوطنية واتخاذ القرارات الهامة، مشيرة في هذا الصدد إلى أنه عمل طوال سنوات المسؤولية التي قضاها في منصب رئيس الجمهورية على تجسيد الديمقراطية والتعددية وترقية حقوق المرأة. ويكفيه فخرا أنه يعد أول رئيس أوصل المرأة إلى منصب وزيرة في الحكومة. بدوره، تطرق اللواء المتقاعد بالجيش الوطني الشعبي جوادي عبد الحميد إلى مسار الراحل الشاذلي بن جديد خلال الثورة التحريرية خاصة بالقاعدة الشرقية التي كان بن جديد من أبرز إطارات جيش التحرير الوطني بها وكذا دوره في بناء وهيكلة الجيش الوطني الشعبي بعد الاستقلال في 1962. كما تناول اللواء المتقاعد أيضا "تفاني الرئيس الراحل في القيام بدوره كاملا في مسؤولياته العسكرية أبرزها كعقيد قائد للناحية العسكرية الثانية ثم رئيسا للجمهورية الجزائرية من 1979 إلى 1992". وعرفت الندوة تقديم شهادات حول شخصية الراحل من قبل سفير دولة فلسطينبالجزائر والسيد مبارك خالفة الأمين العام لمنظمة أبناء المجاهدين والإعلامي سعد بوعقبة واللواء المتقاعد حسين بن معلم، حيث تطرقوا في شهاداتهم للمسيرة النضالية للرئيس الراحل قبل وبعد الاستقلال وكذا حكمته في إدارة مختلف الملفات إلى جانب حرصه على دعم قضايا التحرر منها القضيتان الفلسطينية والصحراوية.