السيدة منصوري تترأس أشغال الدورة ال 38 لاجتماع لجنة نقاط الاتصال الوطنية للآلية على المستوى الأفريقي    الفريق أول شنقريحة يشرف على مراسم التنصيب الرسمي لقائد الناحية العسكرية الثالثة    اجتماع تنسيقي لأعضاء الوفد البرلماني لمجلس الأمة تحضيرا للمشاركة في الندوة ال48 للتنسيقية الأوروبية للجان التضامن مع الشعب الصحراوي    العلاقات الجزائرية الصومالية "متينة وأخوية"    وزارة التضامن الوطني تحيي اليوم العالمي لحقوق الطفل    فلاحة: التمور الجزائرية تصدر إلى أكثر من 90 دولة    وزير الصحة يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 44056 شهيدا و 104268 جريحا    المجلس الأعلى للشباب ينظم الأحد المقبل يوما دراسيا إحياء للأسبوع العالمي للمقاولاتية    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بورقلة:عرض نماذج ناجحة لمؤسسات ناشئة في مجال المقاولاتية    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    فلسطين: غزة أصبحت "مقبرة" للأطفال    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    "صفعة قانونية وسياسية" للاحتلال المغربي وحلفائه    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    بحث المسائل المرتبطة بالعلاقات بين البلدين    حج 2025 : رئيس الجمهورية يقرر تخصيص حصة إضافية ب2000 دفتر حج للأشخاص المسنين    قمة مثيرة في قسنطينة و"الوفاق" يتحدى "أقبو"    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    الجزائرية للطرق السيّارة تعلن عن أشغال صيانة    تكوين المحامين المتربصين في الدفع بعدم الدستورية    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يثمن الالتزام العميق للجزائر بالمواثيق الدولية التي تكفل حقوق الطفل    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    40 مليارا لتجسيد 30 مشروعا بابن باديس    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    مجلس الأمن يخفق في التصويت على مشروع قرار وقف إطلاق النار ..الجزائر ستواصل في المطالبة بوقف فوري للحرب على غزة    ..لا دفع لرسم المرور بالطريق السيار    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    مصادرة 3750 قرص مهلوس    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    خلال المهرجان الثقافي الدولي للفن المعاصر : لقاء "فن المقاومة الفلسطينية" بمشاركة فنانين فلسطينيين مرموقين    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    رئيس الجمهورية يشرف على مراسم أداء المديرة التنفيذية الجديدة للأمانة القارية للآلية الإفريقية اليمين    سعيدة..انطلاق تهيئة وإعادة تأهيل العيادة المتعددة الخدمات بسيدي أحمد    ارتفاع عدد الضايا إلى 43.972 شهيدا    فايد يرافع من أجل معطيات دقيقة وشفافة    القضية الفلسطينية هي القضية الأم في العالم العربي والإسلامي    حقائب وزارية إضافية.. وكفاءات جديدة    تفكيك شبكة إجرامية تنشط عبر عدد من الولايات    انطلاق فعاليات الأسبوع العالمي للمقاولاتية بولايات الوسط    ماندي الأكثر مشاركة    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    هتافات باسم القذافي!    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحيل الرئيس الثالث عن 83 عاما
نشر في النصر يوم 06 - 10 - 2012


الجزائر تودع الشاذلي بن جديد
توفي أمس السبت رئيس الجمهورية الأسبق الشاذلي بن جديد عن عمر يناهز 83 سنة بالمستشفى العسكري محمد الصغير النقاش بعين النعجة بالعاصمة، وقد نعتته رئاسة الجمهورية التي أعلنت الخبر.
و قد تدهورت الحالة الصحية للفقيد في الآونة الأخيرة حيث أدخل إلى هذا المستشفي منذ أزيد من أسبوع حيث خضع إلى العناية المركزة. و كان الفقيد قد تولى تسيير شؤون البلاد من 1979 إلى غاية جانفي 1992
ولد الرئيس السابق للدولة الجزائرية الشاذلي بن جديد الذي كان له الفضل في دمقرطة المؤسسات الجزائرية، و إعداد أول دستور تعددي للبلاد، يوم 14 أفريل من عام 1989 في قرية السباع ببلدة بوثلجة التي تنتمي اليوم إلى ولاية الطارف .
ينحدر بن جديد من عائلة متوسطة الحال نوعا ما مقارنة بأغلب الأُسر الجزائرية في العهد الاستعماري، و قد كان أبوه عضوا في مُختلف التنظيمات التي أنشأها فرحات عباس، و قد ترك تأثيرا واضحا على أفكار الفقيد لا سيما من الناحية السياسية .
انخرط سنة 1954 في جبهة التحرير الوطني قبل ان يلتحق سنة بعد ذلك بجيش التحرير الوطني بالولاية الثانية (منطقة قسنطينة).
و في سنة 1956 اصبح الراحل الشاذلي بن جديد قائدا في ناحيته وبعدها نائب قائد منطقة سنة 1957 و قائد منطقة برتبة نقيب سنة 1958.
كما انتقل لفترة وجيزة الى القيادة العملياتية لمنطقة الشمال سنة 1961 ليعين عاما بعد ذلك قائدا للناحية العسكرية ال5 (قسنطينة) برتبة رائد.
و بعد الاستقلال اي في سنة 1963 اوكلت له مهمة الاشراف على انسحاب القوات الفرنسية من تلك المنطقة قبل ان يتولى قيادة الناحية العسكرية الثانية (منطقة وهران) في ال4 جوان 1964.
و قد كان الراحل بن جديد عضوا في مجلس الثورة في 19 جوان 1965 بعد الاطاحة بالرئيس احمد بن بلة.
تولى في فيفري 1968 الاشراف عن انسحاب القوات الفرنسية من منطقة وهران سيما عملية الجلاء من مرسى الكبير ليتم ترقيته سنة بعد ذلك الى رتبة عقيد.
كلفه مجلس الثورة سنة 1978 خلال فترة مرض الراحل هواري بومدين بتولي تنسيق شؤون الدفاع الوطني.
تم تعيينه في جانفي 1979 امينا عاما لجبهة التحرير الوطني بعد المؤتمر الرابع ثم مرشحا للانتخابات الرئاسية ليتم انتخابه رئيسا للجمهورية في 7 فيفري 1979 مع توليه منصب وزير الدفاع الوطني الى غاية جويلية 1990 و هو التاريخ الذي تولى فيه هذا المنصب رئيس اركان الجيش الوطني الشعبي العميد خالد نزار.
اعيد انتخابه في منصب الامين العام لحزب جبهة التحرير الوطني في ديسمبر 1983 ليتم اختياره كمرشح لرئاسة الجمهورية من قبل المؤتمر ال5 لجبهة التحرير الوطني لعهدة ثانية.
اعيد انتخابه كرئيس للجمهورية مرتين متتاليتين سنتي 1984 و 1988. غداة احداث اكتوبر 1988 قام الراحل الشاذلي بن جديد باصلاحات سياسية مختلفة من بينها مراجعة الدستور الذي كرس التعددية الحزبية ابتداء من فيفري 1989.
و في جوان 1991 اعلن حالة الطوارئ في كامل التراب الوطني و قرر تاجيل الانتخابات التشريعية إلى27 جوان من نفس السنة.
بعد ان قام في 4 جانفي 1992 بحل المجلس الشعبي الوطني تخلى الراحل الشاذلي بن جديد عن مسؤولياته مقدما استقالته في ال11 جانفي 1992 للمجلس الدستوري امام كاميرات التلفزة الوطنية.
و كان الراحل بن جديد خلال الفترة التي قضاها على راس الدولة الجزائرية وراء انشاء اتحاد المغرب العربي بعد لقاء قادته في زرالدة سنة 1989. م.م
الرئيس ذو الشعر الأبيض الذي فتح أبواب الديموقراطية و واجه الأذى بالصمت
حكم الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد الجزائر في مرحلة حاسمة من تاريخها الحديث، تميزت على الخصوص بالانتقال من مرحلة الرومنسية الثورية التي ميزت حكم سلفه هواري بومدين إلى الاصطدام بالواقع، مع تراجع عائدات النفط في ثمانينيات القرن الماضي، وارتفاع المطالب الشعبية والسياسية، ويحسب له أنه كان مهندس الانفتاح السياسي والاقتصادي، إلى درجة أنه كان يقول بأنه لم ينتظر بيروسترويكا غورباتشوف في الاتحاد السوفياتي ليقر الانفتاح في الجزائر.
وقد كان وصول هذا العسكري الأنيق إلى هرم السلطة وخلافته للرئيس الراحل هواري بومدين مفاجئا للكثير من المتتبعين والمواطنين الذين اكتشفوا رجل الشعر الأبيض وشرعوا في عقد المقارنات بينه وبين الرئيس الراحل. ولم تدم الحال طويلا ليكتشفوا أنهم أمام رجل مختلف، بدأت نزعته الليبيرالية تظهر بالتدريج بالتخلي عن السياسة الاقتصادية لبومدين والتعاطي مع المعسكر الرأسمالي.لكن الأزمة الاقتصادية التي ضربت البلاد في ثمانينات القرن الماضي وضعت نظام بن جديد في موقف حرج ستتم ترجمته إلى انتفاضة الخامس أكتوبر 1988 والتي رأى فيها الكثيرون استجابة شعبية لخطاب 19 سبتمبر الذي تحدث فيه الرئيس عن حالة إفلاس وقال أنه غير متمسك بالكرسي وأعطى الانطباع بأنه يتعرض لضغوط في ممارسة وظيفته كرئيس للجمهورية. وجرى فيما بعد تفسير الأحداث التي اندلعت بعد أسبوعين من الخطاب، على أنها مخطط من داخل النظام هندسه مقربون من الشاذلي للتخلص من الحرس القديم داخل الحزب الواحد الذي كان يحكم القبضة عليه المرحوم محمد الشريف مساعدية، خصوصا وأن الرئيس عاد باكيا بعد أقل من أسبوع وسمعه الجزائريون يردد قول الشاعر: "أعطني حريتي أطلق يدي". وسيكون دستور 89 ترجمة لوعود الرئيس، حيث أقر هذا الدستور الانفتاح السياسي الذي مكن من إنشاء أحزاب سياسية لأول مرة في تاريخ الجزائر المستقلة ومكن المعارضة من الخروج من دهاليز السرية، كما سمح بعودة المعارضين المقيمين في الخارج، لتعيش الجزائر ربيعا ديموقراطيا حقيقيا، تم لمسه في المهرجانات والتظاهرات الحزبية وفي الانفتاح الإعلامي بعدما ظهرت صحف مستقلة تنتقد رئيس الجمهورية، الذي أصبح أيضا عرضة للانتقاد في التلفزيون العمومي والإذاعة الوطنية بشكل غير مسبوق في العالم العربي، إلى درجة ان التلفزيون بث صور زعيمة حزب تدوس صورة الرئيس، كما ظل مدير التلفزيون يفاخر بذلك زملاءه، حتى وإن كان هذا السلوك إحدى انحرافات الديموقراطية الفتية المندفعة. وأكل الجزائريون الفواكه الاستوائية التي حملتها بواخر الانفتاح و استمتعوا بنسائم الديموقراطية التي لم تدم طويلا، حيث مكنت الانتخابات حزب الفيس الاسلامي الراديكالي من الفوز بالانتخابات المحلية، قبل أن يحصد أغلب المقاعد في الانتخابات التشريعية، ما دفع بنخب داخل الحكم إلى إلغاء المسار الانتخابي، لتغرق البلاد بعد ذلك في دوامة العنف الدموي.
خرج الشاذلي من الحكم كما دخله أول مرة، وترك الألسنة تقدم روايات عن تحالفه مع الإسلاميين وعقده صفقة مع عباسي مدني وعلي بن حاج ، وأخرى تتحدث عن عدم كفاءته كرئيس، وربما كانت هذه الانتقادات تكملة لسلسلة نكت أطلقت في عهده تحاول النيل من صورته لدى العامة.بيد أن الرجل امتثل لنواميس التحفظ التي فرضتها عليه صفته كرجل دولة، ورفض الرد على الروايات التي استهدفته، وظلت حياته ومرحلة حكمه أشبه بالأسطورة : أسطورة طفل بوثلجة الثوري الليبيرالي، لاعب التنس وعاشق الصيد، والعسكري المنضبط.
من كان الشاذلي بن جديد بالتحديد؟
ربما تجيب مذكراته المنتظر صدورها في الفاتح نوفمبر عن بعض الأسئلة وتكشف عن جوانب خفية من سيرته، المذكرات التي حررها الكاتب والإعلامي الأستاذ عبد العزيز بوباكير الذي احترم بدوره نواميس الصمت، رغم أنه حصل على اعترافات الرئيس منذ سنوات.
وربما أبقت المذكرات الجزائريين على عطش، مثلما كان الحال مع معظم الشخصيات التاريخية الجزائرية التي لم تترك سوى إرثا شفويا يزيد وينقص باختلاف مواقع الرواة. سليم-ب
بوتفليقة: الجزائر فقدت بوفاة الشاذلي بن جديد مجاهدا من الرعيل الأول أسهم في بناء الدولة الحديثة
بعث رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة برقية تعزية إلى أفراد أسرة الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد أكد فيها أن الجزائر فقدت برحيله مجاهدا من الرعيل الأول تعلقت همته بتحرير الوطن من براثن الإحتلال وتخليص شعبه من مظالمه.
وجاء في برقية الرئيس بوتفليقة: "تلقيت نبأ رحيل الأخ المجاهد الرئيس المرحوم بإذنه تعالى الشاذلي بن جديد إلى مثواه الأخير نسأل الكريم أن يدثر روحه الزكية بثواب أهل الجنة وأن يجتبيه إلى جواره وأن يجمعه بالسابقين الصالحين الصديقين في رياض الخلد والنعيم مع من اصطفاهم من عباده العاملين وحسن أؤلئك رفيقا جزاء وفاقا".
وتابع رئيس الدولة "لقد فقدت فيه الجزائر مجاهدا من الرعيل الأول تعلقت همته بتحرير الوطن من براثن الإحتلال وتخليص شعبه من مظالمه فكابد محن النزال إلى أن قيض الله للجزائر استقلالها وعودة سيادتها على ترابها حيث كان الراحل من بين أبنائها البررة الذين أسهموا في بناء الدولة الحديثة إلى أن تقلد منصب المسؤول الأول في البلاد فأعطى من جهده و وقته لخدمة مصالح وطنه وظل على عهده في تواضعه و وفائه لمبادئه إلى أن ترفق المولى بروحه إلى ملكوته الأعلى ويشاء القدر يضيف الرئيس بوتفليقة أن يرحل عنا في صمت بعد أن شهد حلول الذكرى الخمسين لعيد استرجاع الإستقلال الذي يعد يوبيلها الذهبي الأول والجزائر قد استرجعت أسباب المناعة وشروط نهضة مرتقبة بفضل عزائم أبنائها واستطرد رئيس الدولة قائلا "لكن ما حيلة المخلوق وهذا قضاء الله وقدره المكتوب بقدر ما يأخذ وبقدر ما يفجع يواسي ويرحم، وإذ أنعيه اليوم إنما أنعي فيه المجاهد الشجاع والوطني الصرف مبتهلا المولى جلت رحمته العالمين أن يلحقه بالرفيق الأعلى رفقة من ارتضاهم من الشهداء والمجاهدين وأن يتنزل على أهله ورفاق السلاح الصبر الجميل والسلوان الائيل وأضاف الرئيس بوتفليقة قائلا " وأعرب لكم جميعا ولذويكم الأكارم عن عزائي الخاص ودعائي الصادق بالرحمة والمغفرة".
الشاذلي حمل الكثير من الأسرار معه
كاسر الطابوهات الذي رفض الرد على انتقادات استهدفته لسنوات
برحيل الرئيس الشاذلي بن جديد، تطوي الجزائر مرحلة هامة من تاريخها، والتي لا زالت بعض جوانبها مجهولة للرأي العام وتحاط بالسرية، بداية بانتخابه في فيفري 1997 رئيسا للجمهورية خلفا للراحل هواري بومدين، و قراراته الاقتصادية التي أحدثت القطيعة مع السياسة الاشتراكية، وحولت وجهة الجزائر صوب واشنطن وإعادة الدفء للعلاقات مع باريس، وصولا إلى أحداث أكتوبر 1988 وما تبعها من قرارات كرست التعددية وحرية التعبير، وفتح الباب أمام صعود للتيار الإسلامي الذي خرج من رحم إصلاحات الشاذلي، قبل أن يدفعه التيار الإسلامي المتدفق إلى الاستقالة من منصبه في جانفي 1991.
رفض الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد طيلة السنوات التي قضاها بعيدا عن الحكم، وظل لسنوات "يكافح" الانتقادات التي طالته من أطراف لم تنصفه ولم تعطه حقه، وفضل الشاذلي البقاء بعيدا عن الصراعات، ولم يكن يظهر إلا نادرا في المناسبات الوطنية، وسيترك للأجيال مذكراته التي شاء القدر أن تخرج إلى النور بعد رحيل الرجل، والتي قد تحمل بعض الأجوبة على كثير من التساؤلات.
الرئيس الراحل حمل معه الكثير من الحقائق التي قد لا نعرفها بعده، حقائق لم يرغب في الكشف عنها لأنها قد لا تنفع الآن، وقد تضر أكثر مما تنفع، وربما كانت لتنصفه بعد سنوات الجحود التي عانى منها، إلا أن الرجل الذي عرف دوما ببساطته ورفضه التكلف، اختار "الصمت" في وجه معارضيه، رغم إلحاح الكثيرين عليه للبوح بما يخفي صدره.
والآن وقد رحل الشاذلي، قد يدفع ذلك الكثير من مقربيه ومن عرفوه للكشف عن بعض الحقائق التي لا تزال خفية أو مغيبة، بداية بوصوله إلى سدة الحكم في فيفري 1979، خلفا للرئيس الراحل هواري بومدين، وقيل الكثير عن هذا القرار، وبان الشاذلي لم يكن الرئيس المنتظر، وبان الجزائريين سمعوا اسمه لأول مرة عندما أصبح رئيسا، وقيل كذلك كلام كثير عن الدوافع التي كانت وراء القرار، ودور المؤسسة العسكرية في ترجيح الكفة لصالح الشاذلي بن جديد، وهو الذي قضى اغلب فترات عمره في صفوف الجيش.
وشهدت فترة حكم الرئيس الشاذلي، كسر العديد من "الطابوهات" بداية بفك الارتباط مع نظام الاشتراكية، والتحول إلى نظام منفتح بشكل اكبر على القطاع الخاص، وقام في سابقة هي الأولى من نوعها بزيارة إلى فرنسا، قبل أن يحط الرحال بلباسه "الأبيض الأنيق" في عاصمة العالم واشنطن، واستقبله الرئيس الأمريكي ريغن، وقد نقل عن الشاذلي بن جديد حينها قوله "لقد عرفت أين تكمن مصلحة الجزائر".
وفي بداية الثمانينات واجه الشاذلي أولى القلاقل، ودخل النظام في مواجهة مع المدافعين عن الامازيغية واندلعت الأحداث التي تسمى ب"الربيع الامازيغي" وقيل حينها الكثير بشان خلفياتها السياسية، وجوبهت الاحتجاجات بعصى غليظة، قبل أن يواجه بعد ذلك الإسلاميين الذين برز نفوذهم في الجامعة، وظهرت في البليدة جماعة بويعلي، التي نفذت هجوما على موقع عسكري، قبل أن يستفيد أعضاء هذه الجماعة من عفو رئاسي أصدره الشاذلي.
ولم تمض سوى سنوات قليلة، حتى كان الشاذلي في مواجهة إحدى أصعب فترات حكمه، بداية بالأزمة الاقتصادية التي عاشتها الجزائر في 1986، بسبب انهيار النفط إلى مستويات متدنية، جعلت الجزائر غير قادرة على توفير حاجيات المواطنين، وبرز حينها مصطلح "الندرة" وقضت بذلك على سنوات "الرغد" التي عرفتها البلاد باسم برنامج القضاء على الندرة والذي سمح للجزائريين حينها من تذوق "الموز والجبن الفرنسي"، هذه الندرة طالت أسواق الفلاح التي كانت مصدر تسوق الجزائريين، وأصبح الجزائري الذي يرغب في شراء أي منتوج غذائي، مطالب أن يدفع كذلك ثمن مذياع أو جهاز أخر، وبدأت حينها أولى فصول الغضب الشعبي الذي تفجر في أكتوبر 1988، وكان بداية لمرحلة أخرى، تميزت بسن قوانين إصلاحية وتعديل دستوري اقر التعددية الحزبية وأطلق العنان لحرية الرأي.
وصاحب هذا التحول، حملة طالت بعض رموز الحزب الواحد، وراح ضحيتها الرجل العتيد في حزب جبهة التحرير الوطني محمد شريف مساعديّة مسؤول الأمانة العامة في حزب جبهة التحرير الوطني، والذي استبعد من منصبه وغاب عن الأنظار وتحول إلى عدو الجزائر "الأول" شعبيا، قبل أن يعيد له الرئيس بوتفليقة الاعتبار وينصبه على رأس مجلس الأمة، أشهر قليلة قبل وفاته، كما أقال الشاذلي، حينها مدير الاستخبارات العسكرية لكحل عيّاط .و في فيفري 1989 صوتّ الجزائريون لصالح الدستور الجديد والذي أقرّ مبدأ التعددية السياسية والإعلامية. وبدأ بعدها موسم العودة إلى البلاد لرموز المعارضة في الخارج على غرار الرئيس الراحل أحمد بن بلة وزعيم الافافاس حسين أيت أحمد. وفي خضم الأحداث السياسية، حدد الشاذلي موعدا للانتخابات التشريعية الأولى في عهد التعددية الحزبية، وبرز نجم قادة "الفيس المحل" الذين سيطروا على الشارع وتمكن الحزب من الفوز ب 188 مقعدا في البرلمان وحلّ في المرتبة الثانية حزب جبهة التحرير الوطني وفي المرتبة الثالثة جبهة القوى الاشتراكية.
وبعد ظهور نتائج الدور الأول، تحركت أوساط مطالبة بإلغاء الانتخابات كما طالبوا الجيش بالتدخل، وتشابكت الحسابات السياسية، وصولا إلى إعلان استقالة الرئيس من منصبه، وبثّ التلفزيون نص الاستقالة في نشرة الثامنة، وتعدد الروايات بل تضاربت حول طريقة الاستقالة أو الإقالة، رغم أن أوساطا نقلت عن الشاذلي قوله أنه استقال بمحض إرادته، ولم تكن عليه أي ضغوطات من الجيش، وهي نفس الرواية التي قالها الجنرال المتقاعد خالد نزار الذي كان حينها وزيرا للدفاع. أنيس نواري
محمد العربي ولد خليفة
كان رجل دولة من الطراز الأول
بعث رئيس المجلس الشعبي الوطني السيد محمد العربي ولد خليفة برسالة تعزية إلى عائلة الفقيد الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد الذي وافته المنية أكد فيها أن الراحل كان رجل دولة من الطراز الأول وجاء في رسالة السيد ولد خليفة أن الجزائر فقدت برحيل الشاذلي بن جديد رجل دولة من الطراز الأول وهب نفسه من أجل استقلال الجزائر عندما كان مجاهدا وضابطا في صفوف جيش التحرير الوطني ولخدمة وطنه وبنائه حين تقلد مناصب قيادية في الجيش الوطني الشعبي ثم رئيسا للجمهورية ليقود الجزائر إلى تحقيق نقلة نوعية في تاريخها بالتأسيس للتعددية السياسية.
وأضاف أن الجميع يشهد لا سيما من كان له شرف العمل معه بالتواضع وطيب الخلق و دفاعه المستميت عن المصالح العليا للبلاد والتعامل بحكمة مع كل التحديات التي واجهت البلاد أثناء رئاسته.
وقدم رئيس المجلس الشعبي الوطني لعائلة الفقيد وذويه وكل الشعب الجزائري أصالة عن نفسه وبإسم كل نواب المجلس أخلص عبارات التعازي والمواساة داعيا الله العلي القدير أن يشمل الراحل برحمته وأن ينزله منزلا مباركا في جناته بين الصديقين والصالحين.
وأج
ولد قابلية: الشاذلي خدم الجزائر والشعب طيلة 55 سنة
قال وزير الداخلية دحو ولد قابلية أمس بوهران، أنه تأثر كثيرا عندما تلقى خبر وفاة الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد أثناء لقائه مع ولاة الجهة الغربية، مضيفا أن الجزائر فقدت رئيسها الأسبق "الرجل الطيب جدا"، وقال أن علاقته بالشاذلي كانت علاقة صداقة ومحبة، و"كان له خصال إنسانية وعلى رأسها حب الوطن الذي دام عنده 55 سنة قضاها في خدمة الوطن والشعب هذا الأخير لازال يذكر فترة حكمه ويعترف له بهذا الجميل، رحمه الله" .
مشيرا إلى أنه يعرف المرحوم جيدا وعمل معه ما بين 1965 و 1974 عندما كان في ولايات كانت تحت قيادة الناحية العسكرية الثانية، ثم عندما كان واليا على وهران في بداية السبعينات .
أما عبد المجيد تبون وزير السكن و العمران، فقال أنه عمل في فترة حكم الرئيس الشاذلي كوال على عدة ولايات منها أدرار، تيارت و تيزي وزو، وقال أنه يختصر الكلام بالتأكيد أنه كان رجلا طيبا جدا .
هوارية.ب
أحزاب ومنظمات تشيد بإسهامات الرئيس الراحل
أشادت عدة تشكيلات سياسية ومنظمات وطنية بخصال الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد الذي انتقل إلى رحمة الله أمس السبت عن عمر ناهز 83 سنة ونوهت باسهماته في تحرير وبناء الوطن. وتقدمت الأحزاب والمنظمات إلى أسرة الفقيد والشعب الجزائري بتعازيها الخالصة إثر فقدان الراحل الشاذلي بن جديد داعية المولى عز وجل أن يتغمد روحه برحمته الواسعة ويسكنه فسيح جنانه ويلهم ذويه الصبر والسلوان.
وفي هذا الصدد نعى الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني السيد عبد العزيز بلخادم وفاة الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد معتبرا أن الجزائر فقدت برحيله واحد من المناضلين الأوفياء ورائدا من رواد الجهاد من الرعيل الأول الذين ساهموا في ثورة نوفمبر المجيدة وبناء الدولة الجزائرية المستقلة. وأضاف السيد بلخادم أن المرحوم أبلى بلاء حسنا أثناء ثورة التحرير المباركة و واصل نشاطه ضمن مؤسسات الدولة المستقلة الحديقة وكان في كل المواقع متمرسا في الدفاع عن حقوق أبناء وطنه متحليا بشجاعة الوعي نابذا للعنف حريصا على جمع كلمة الجزائريين حول ما يجمعهم من مبادئ وأهداف خاصة في ظل التحولات باتجاه الديمقراطية التعددية والانفتاح على العالم.
وأكدت حركة الوفاق الوطني في برقية تعزية أنها أمام هذا الخطب الجلل تنحني بإجلال و إكبار على روح الفقيد الطاهرة معزية بالمناسبة الجزائر وعائلته الكريمة وسائلة المولى عز وجل أن يتغمده برحمته الواسعة وذكرت الحركة في هذا السياق بأن الفقيد كرس حياته للنضال والجهاد في سبيل تحرير الوطن وساهم في عملية البناء الوطني قائدا في صفوف الجيش الوطني الشعبي ثم رئيسا للجمهورية وعرف بتواضعه الشديد وطيبة أخلاقه وحفظ بذلك مكانته في قلوب الملايين.
وتلقت حركة النهضة من جهته وببالغ الحزن والأسى الممزوج بالرضى بقضاء الله وقدره نبأ وفاة المرحوم الرئيس الشاذلي بن جديد وإذ تعزي الحركة عائلة الفقيد والأسرة الثورية وكافة الشعب الجزائري فإنها تعتبر كما جاء في برقية التعازي وفاة المرحوم فقدانا لرمز وطني مخلص قدم لبلديه ولشعبه ما يستحق من جهد وتضحيات.
وأكدت حركة الإنفتاح في برقية لها أن المغفور له سخر حياته لخدمة الوطن والدفاع عن مكتسبات الثورة وعمل جاهدا من أجل الترسيخ الفعلي لقواعد الديمقراطية الحقة والإستجابة للإرادة الشعبية ببناء مؤسسات دولة قوية.
وبهذه المناسبة الأليمة تقدمت الحركة باسم رئيسها وإطاراتها ومناضليها بالتعازي الخالصة لعائلة الفقيد داعية الله عز وجل أن يتغمده برحمته الواسعة وتقدم الحزب الوطني للتضامن والتنمية هو الآخر بتعازيه الخالصة لأسرة الفقيد الشاذلي بن جديد مؤكدا أن هذا الأخير خدم بلاده بكل وطنية وسوف يتذكر الشعب الجزائري دوما بأن المرحوم كان مجاهدا في صفوف جيش التحرير الوطني ثم داخل الجيش الوطني الشعبي وذلك من أجل جزائر فخورة ومستقلة.
أما جبهة الحكم الراشد فقد تلقت بدورها وببالغ الأسى والحزن نبأ وفاة الأخ والأب والمجاهد الشاذلي بن جديد مؤكدة بأنه لا يسع مناضلي ومناضلات الحزب إلا القول ما علمه ربنا تبارك وتعالى لرسوله الكريم "الحمد لله و الله أكبر إنا لله وإنا إليه راجعون".
وفي برقية تعزية تقدم بها الأمين العام للإتحاد العام للعمال الجزائريين السيد عبد المجيد سيدي السعيد بتعازي المركزية النقابية الخالصة بإسم عاملات وعمال الجزائر إثر وفاة المفغور له الشاذلي بن جديد.وجاء في البرقية أن المركزية النقابية تلقت بكثير من الحزن نباء وفاة الشاذلي بن جديد وتتقدم بتعازيها الخالصة لعائلته ولكل الأسرة الثورية.
وأج
سيرة الشاذلي بن جديد تصدر قريبا عن دار القصبة
تصدر قريبا عن دار نشر "القصبة" سيرة ذاتية عن الفقيد الراحل الشاذلي بن جديد ثالث رئيس للجزائر المستقلة الذي وافته المنية أمس حسبما أعلنه مدير هذه الدار اسماعيل امزيان وأوضح ذات المصدر أن الجزء الأول من الكتاب قد خصص لطفولة الراحل وحياته في جيش التحرير الوطني وعند استقلال الجزائر وطول فترة رئاسة هواري بومدين (1965-1978).
وتناول الشاذلي في هذا الجزء حياته الشخصية وحياته كمجاهد وجميع المهام التي اوكلت له قبل أن يصبح رئيسا للجمهورية سنة 1979، أما الجزء الثاني من المذكرات فتطرق فيها الراحل بن جديد إلى الجزائر خلال فترة رئاسته كما تحدث عن أهم الأحداث التي عرفتها البلاد في تلك الحقبة إلى غاية تقديم استقالته من رئاسة الجمهورية في جانفي 1992.وخلص الناشر في الأخير إلى أن صاحب المذكرات تناول أيضا في هذا العمل قضية "شعباني" والإنقلاب الفاشل الذي قام به الطاهر الزبيري والحركة الثورية لسنة 1965.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.