كشف صاحب الكمنجة البيضاء، الفنان حمدي بناني، أن الطبوع والألوان الغنائية والفنية بعنابة أعطت لها وزنا كبيرا في السهرات الفنية التي تقام في المهرجانات والأعراس. هذا ما أكده لنا بناني خلال جلسة جمعتنا به قائلا: “اختلاف الطبوع الفنية في مدينة عنابة يدخل في إطار تعزيز الموروث الغنائي بالمدينة”. وعن أهم الطبوع المتواجدة بقوة في المجتمع العنابي؛ نجد المالوف والفقيرات، إذ يرى متحدثنا أن المالوف عبارة عن موروث غنائي بنصوصه الأدبية، أوزانه الإيقاعية ومقامته الموسيقية المستوحاة من التراث القديم، وتعود أصول هذا النوع من الغناء إلى بلاد الأندلس، حيث ورثها بعض الفنانين وأعمدة الطرب الأندلسي، أغلبهم كانوا متواجدين بشمال إفريقيا، كما تم إدخال عناصر جديدة على المالوف، إلى جانب إيقاع جديد وتغيير النوتة، مع الحفاظ على القالب الداخلي للمالوف الذي، يضيف الفنان، أنه يتكون من مادة الشعر المنظم، الموشحات والزجل، إضافة لإيقاعات لحنية تجمع بين النغم الأصيل والإيقاع المتطور. وفي سياق متصل، أكد محدثنا أن النوبة تعتبر أهم قالب في المالوف العنابي، ومن بين شيوخ هذا اللون الغنائي، نجد شيخ المالوف حسان العنابي الذي عرف بفنه العريق وصوته الشجي الذي ميزه في فترة معينة، خاصة أنه كان يقيم الحفلات في الساحات العمومية والأعراس، فذاع صيته، وقد عرف بأغنية “رقيقة الحاجب” التي أدخل عليها النوبة المالوفية القديمة، بعدها أدخل بناني على المالوف الكلاسيكي طابع “الفلامينكو”، وهو أول عنصر يعرفه المالوف في التسعينات، باعتباره أعطى عالمية لصاحب الكمنجة البيضاء الذي وصل صوته إلى كل المهرجانات الدولية، منها روسيا، الصين وباريس. إلى جانب حمدي بناني، نجد فنانين آخرين منهم؛ الفنان ذيب العياشي صاحب الحنجرة القوية والبحة العنابية القحة، بالإضافة إلى الفنان ياسين عاشوري وآخرون ظهروا مؤخرا في الساحة الفنية، وقد أكد بناني أن الأصوات الجديدة ستضفي قوة وميزة لأغنية المالوف بعنابة. وفي سياق آخر، يحتل المرتبة الثانية بعد طابع المالوف، لون قديم اسمه “الفقيرات”، وهو حسب بناني عبارة عن جوق نسائي بحت مستوحى من الفلكلور العنابي القديم، يستمد كلماته وقصائده من الموروث الشعبي والحكم، كانت نساء بونة في زمن مضى تؤديه بآلات بسيطة، منها البندير، الدربوكة والدف، إذ تشرف على جوق الفقيرات عادة، امرأة مسنة تكون على دراية بهذا اللون وقادرة على تسيير الفرقة، وقد تشارك بعض الفتيات في هذا الجوق، لكن يشترط أن يملكن صوتا تطبعه البحة العنابية الصافية التي طالما أبكت الحضور. يشترك طابع المالوف والفقيرات في أمر، يتمثل في أنهما يؤديان بواسطة جماعة من الأشخاص، أي ما نطلق عليه الفرقة، و تدخل هذه الألوان في الأعراس وحتى الوعدات التي تقام في مقامات الأولياء الصالحين، وقد يؤدي هذا اللون من الغناء إلى “التهوال” و«العيطات” الخاصة بالنوبة التابعة للفقيرات والمالوف، على حد سواء.