الشعر الشعبي أو القصيدة الشعبية والمقاومة ولد من رحم واحدة ويكادان أن يكونا توأما نشأ وتربى معا في ذاكرة شعبية لا يسجلها، ويحفظها في الذاكرة العامة للأجيال المتعاقبة إلى الشعر الشعبي الذي يعبر بعمق وصدق عن الأحداث، وجل المشاهد والمراحل التاريخية التي مرت بها الجزائر. المتفحص للمقاومة الشعبية، بل لكفاح الشعب الجزائري عبر العصور يجد له فيه جدولا رقراقا من الشعر الجميل، الصادق والتلقائي لتسجيل هذه المراحل والمواقف الخالدة التي سجلها الشعراء، وحفظتها الذاكرة الجماعية وراحت ترددها كأغان خالدة في أفراحها وأتراحها. من جانب آخر حول دور الشعر في التعبئة ورفع المعنويات، بل والتأريخ للحوادث والأحداث، أدركت منذ أن عرف الإنسان التعبير الجمالي مع الإلياذة وقبلها، حتى في تاريخ أدبنا العربي، القصيدة كانت الوثيقة التي تؤرخ الأيام العربية وتسجلها منذ حرب الباسوس، الداحس، الغبراء وغيرها من الحروب التي كانت تدور بين القبائل العربية وبين قريش والمسلمين إبان الحرب التي دارت بين الرسول صلى الله عليه وسلم ومشركي مكة ومن حالفهم من يهود وقبائل عربية أخرى، حيث لعب الشعراء في هذه المواجهات دور المؤرخ، وكانت قصائدهم وثائق سجلت من خلالها أحداث تاريخية لولاها لضاعت هذه الأحداث. ونظرا لأهمية الشعر ودوره في المقاومة كتعبير جمالي من جهة، ووثيقة تاريخية من جهة أخرى، ارتأت وزارة المجاهدين تنظيم ندوات وملتقيات تاريخية من أجل حفظ الذاكرة الجزائرية في جمع الشهادات والوثائق، من بين هذه الندوات تلك التي نظمتها بالمتحف الوطني للمجاهد يوم 10 ديسمبر 2012، ورأت وزارة المجاهدين أن تجمع هذه القصائد والمحاضرات التي ألقيت ضمن فعاليات الندوة الوطنية “القصيدة و المقاومة الشعبية” في كتاب حتى تعم الفائدة أكثر وتحفظ هذه القصائد في الذاكرة التاريخية للأمة. الكتاب جاء تحت عنوان؛ “القصيدة والمقاومة الشعبية” وقد تم تقسيمه إلى ثلاثة أقسام؛ قسم تم تخصيصه للكلمات الملقاة في الندوة، منها كلمة معالي وزير المجاهدين، السيد محمد الشريف عباس، كلمة مدير المتحف الجهوي للمجاهد، العقيد محمد شعباني ببسكرة، السيد فوزي مصمودي وكلمة السيد بلدية مدير المجاهدين لولاية بسكرة، بالإضافة إلى كلمة المجاهد المداني بجاوي الأمين الولائي للمجاهدين. أما المحاضرات التي هي عبارة عن دراسات لقصائد شعبية، فتركزت على الشعر الشعبي والمقاومة في منطقة سيدي خالد، كما تناولت الشاعر محمد بن قيطون وألقاها / أ عبد القادر رحيم “جامعة بسكرة”، ثم تأثير الثورة التحريرية في الإنتاج الأدبي الشعبي: الأغنية الأوراسية أنموذجا قدمها / أ سعيدة حمزاوي من جامعة ورقلة، قصيدة فاجعة الزعاطشة لمحمد الليشاني، صورة الجزائر في الشعر الشعبي، قراءة في قصيدة علي بن الشرقي الفلياشي حول ثورة الزعاطشة، لغة الخطاب الشعري والقصيدة االشعبية النضالية، دور الشعر النسوي في الثورة المسلحة، مكونات فعل المقاومة في الشعر الشعبي الجزائري، الذاكرة بين إيقاع الثورة وصوت الشعر الشعبي في منطقة جمورة. كما تم وضع جزء خاص للقصائد التي ألقيت خلال الندوة منها “المسيرة” للشاعر حسان درنون، “قدسية الوطن” لتوفيق ومان، “يحكي لي جدي” الأزهر عجيري، “الوطن” للشاعرة مي غول، “دوحة الشهداء” الحاج قاسم، “ذكرى” برمة عبد القادر وقصائد أخرى، بالإضافة إلى ملحق حول صدى الندوة في الصحافة الوطنية. الكتاب من القطع العادي، يتوزع على 233 صفحة، صدر عن المتحف الجهوي للمجاهد بسكرة.