محاولتكم مفضوحة..    عطّاف يؤكّد سعي الجزائر الجاد لإعلاء صوت إفريقيا    رئيس الجمهورية يترأس اجتماعاً    تسجيل 10 آلاف طلب استثمار في الجزائر    هذا آخر أجل للإعفاء من الغرامات    فايد: الجزائر تتطلع لتكون طرفا نشطا    تيميمون : السيد عجال يشرف على وضع حيز الخدمة لشبكة الغاز الطبيعي لفائدة أزيد من 200 عائلة    السيدة حملاوي تستقبل المفوض السامي المساعد لشؤون العمليات بالمفوضية الأممية لشؤون اللاجئين    الاتحاد البرلماني العربي يعرب عن قلقه بشأن تطور الأوضاع السياسية والأمنية في سوريا    شنقريحة يترأس حفل تكريم    كيك بوكسينغ ( بطولة افريقيا- 2024): الجزائر تشارك ب 16 ملاكما في موعد جنوب افريقيا المؤهل للألعاب العالمية بالصين- 2025    حجز قنطار من الكوكايين في العاصمة    السيدة مولوجي تبرز جهود الدولة في مجال حماية وترقية ذوي الاحتياجات الخاصة    بلعيد يبرز أهمية اعتماد تطبيقات الذكاء الاصطناعي    اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة: أنشطة متنوعة بولايات غرب البلاد    حجب وسائل التواصل الاجتماعي عن القُصَّر    حرب غزة واحتلال خيالنا المقاوم    بوغالي يحل ببنما للمشاركة في الدورة ال38 والذكرى ال60 لتأسيس "البرلاتينو"    رئيس الجمهورية يستقبل الأمين التنفيذي لمنظمة معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 44502 شهيدا و105454 جريحا    دار "الإبصار بالمعرفة", تجربة رائدة في الجزائر في مجال نشر الكتب بطريقة البراي لفائدة المكفوفين    "الشبكة" مسرحية كوميدية تعالج ظاهرة الهجرة السرية    غريب يشدد على ضرورة تطوير الكفاءات والتحكم في المهن الصناعية    الاتحادية الجزائرية تنظم ملتقى بعنوان "ملاعب آمنة في إفريقيا"    مشروع قانون تسيير النفايات: الحد من البلاستيك أحادي الاستعمال    حوادث الطرقات: وفاة 29 شخصا وإصابة 1477 آخرين بجروح خلال أسبوع    لقاء تحسيسي حول الارتجاجات الدماغية لفائدة لاعبات المنتخب الوطني النسوي    الفروسية: كأس الجزائر حسب الفرق أكابر للقفز على حواجز للمسابقة الوطنية من 5 إلى 7 ديسمبر بقسنطينة    سكك حديدية: أشغال عصرنة مقطع الحراش-العفرون تعرف تقدم    باتنة: مسرحية "إيخف نوسقاس" تتوج بجائزة أحسن عرض متكامل في المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي    تسليم فوري للشهادات النهائية لخريجي التكوين المهني    تواصل التسجيلات الأولية لفئة رجال الصف المتعاقدين    2025 سنة تسوية العقار الفلاحي    أكثر من 2000 أسير من غزّة في سجون الاحتلال    60 يوما من جريمة التطهير العرقي شمال غزّة والعالم صامت    5 هكتارات لإنجاز مختلف برامج السكن    إنجاز مسلك غابيّ بأم الطوب    الصدارة تضيع من "العميد" وشباب بلوزداد يؤكد صحوته    تألق لاعبي "الخضر" يُعقد مهمة بيتكوفيتش في الاختيار    بيتكوفيتش يعود إلى الجزائر لمتابعة مباريات البطولة    اتفاقية بين الصندوق التعاون الفلاحي ومجمّع دعدوش    استنفار في البيوت عشية الامتحانات الفصلية    توقيف مطلوبين للعدالة    على الجزائري أن يشعر بما تبذله الدولة في سبيل الرقي والتطور    النعامة تستعد لمهرجان موسيقى القناوة    مسرحية استثنائية لذوي الاحتياجات الخاصة في عيدهم العالميِّ    اتفاقية شراكة وتعاون مع جامعة العفرون    نسوا الله فنسيهم    تطعيم المرأة الحامل ضد "الأنفلونزا" آمن    إنتاج صيدلاني: دراسة إمكانية إعادة تنظيم وهيكلة مجمع صيدال    المغرب: تصعيد احتجاجات الأطباء و الدكاترة العاطلين عن العمل في ظل تجاهل الحكومة المخزنية لمشاكلهم    الصلاة هي أحب الأعمال إلى الله والسجود وأفضل أفعالها    "الاوكوكو" تندّد بانتهاك فرنسا وإسبانيا والولايات المتحدة للقانون الدولي    إنشاء وحدات للوقاية من العدوى ومراقبتها    هؤلاء الفائزون بنهر الكوثر..    قانون الاستثمار يفتح آفاقًا جديدة لقطاع الصحة بالجزائر    المسؤولية..تكليف أم تشريف ؟!        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسعارها تتراوح بين 20 و40 ألف دينار
”الماشطة” إرث ثقافي واجتماعي في عنابة
نشر في المساء يوم 21 - 10 - 2013

تُعتبر “الماشطة” أو مصفّفة الشعر بعنابة من أهم الطقوس التي مازالت العائلات العنابية تعتمد عليها في أعراسها خاصة ليلة التصديرة، حيث تصاحب “الماشطة” العروس وتخدمها كأميرة بداية من دخولها الحمام إلى غاية ذهابها إلى بيت الزوجية، فسكان بونة يتباهون كثيرا بها ويتزاحمون عليها، إلى درجة أن هناك من يدفع أكبر مبلغ مالي لتحديد موعد معها قبل العرس؛ بحوالي أربعة أشهر؛ نظرا للطلب الكبير والمتزايد على خدماتها، فلا يتصور زائر عاصمة أبو مروان الشريف، خلوّ عرس عنابي من الماشطة، التي أضحت عنصرا فعالا ضمن تقاليد بونة، حتى أصبحت إرثا ثقافيا واجتماعيا للمنطقة.
إن أول شيء تتحضر له العروس العنابية يوم عرسها هو الذهاب رفقة الماشطة ووالدتها وبعض فتيات العائلة، إلى الحمّامات الشعبية المتواجدة وسط مدينة عنابة، بغرض تهيئتها ليوم العمر؛ من خلال وضع بعض مواد التجميل الطبيعية عليها للقضاء على التعب والإرهاق.
وحسب الماشطة “زينة” وهي خبيرة في تزيين العروس منذ سنوات فإن كل هذه الخطوات تتبعها العروس العنابية من أجل جلب الحظ لها قبل زفافها. ومن أهم الأدوات التي تستعملها الماشطة في الحمّام قطع القماش الخشن المعروفة بالليفة؛ يُدلك به جسد العروس. أما الحجر الأبيض فيساعد على حك القدمين لمنح الجلد نعومة، لتضيف أن في الزاوية المقابلة للحمّام توجد كذلك غرفة تدخلها العروس رفقة الماشطة، لتبدأ مرحلة العلاج، والذي ينقسم إلى أربع مراحل، تبدأ بحمام البخار باستخدام الصابون الأسود، ثم مرحلة التقشير والترطيب، ثم يُطلى الجسم بماء الورد وعبق الياسمين لاكتساب النعومة. وبعد انتهاء هذه الخطوة تخرج العروس من الحمّام رفقة مزيّنة الشعر، التي تعلن عن خروج العروس، لتطلق النسوة الزغاريد والدعوات بطول العمر والذرية الصالحة. وبعد الحمّام تعود إلى بيت أهلها وهي برفقة الماشطة، حتى تساعدها على ارتداء الفستان الوردي، ومن ثم تضع لها “اللوش” فوق المعصم، والمتكون من البيض وماء الورد والحنة، ثم ترسم أشكالا هندسية رائعة تجلب الأنظار. هذه الخطوات الأولى التي تقوم بها الماشطة. ورغم تطور مستلزمات التجميل إلا أن العروس العنابية تفضّل كثيرا الاعتماد عليها، لكن بعض الطقوس بدأت تندثر نظرا لضيق الوقت وتطور صالونات التجميل والحمّامات العصرية.
بعد حمّام العروس تدعو العائلات العريقة بعنابة في ليلة العرس، الماشطة والمقربين من العروس من أجل تناول طبق خاص بالتصديرة، يتمثل في طبق الكسكسي والشربة والبوراك العنابي ولواحق أخرى كالمشروبات. وساعة قبل موعد التصديرة، تدخل العروس رفقة الماشطة إلى بيت خاص لا يدخله أحد سوى أمها من أجل تهيئتها بعيدا عن ضوضاء الديسك جوكي والمدعوين وأهل زوجها، الذين ينتظرونها في قاعة خاصة بالحفلات.
في هذا الشأن، قالت الماشطة “زينة” إن هذه الحرفة أصبحت تنافس الموضة خاصة مع إدخال بعض الإكسسوارات المستوحاة من تراث بونة الخالدة، مثل الجبين والسخاب وڤندورة الفتلة والشوشنة، وهي لواحق كلها توفرها الماشطة، وتكون حريصة على تزيين العروسة من خلال اختيار الألوان والأكسسوارات التابعة لكل ڤندورة، أو كما يطلَق عليها الجبة العنابية المطرّزة بخيوط الفتلة ذات اللون الفضي أو الأصفر، إلى جانب وضع الحرقوس على كامل جسمها بعد عودتها من الحمّام، وذلك، حسب أهالي بونة، فأل خير على العروسة التي تلبس أحلى حلة في عرسها.
والغريب في الأمر أن العائلات العنابية تُحضر الماشطة حتى يوم الخطوبة؛ حيث تعتمد هذه الأخيرة على تقنيات متطورة جدا عند تزيين العروسة، منها إدخال بعض اللواحق الخاصة بعادات القسنطنيين، وذلك لتشابه العادات والتقاليد في الجهة الشرقية للبلاد خاصة منها قسنطينة، ولهذا تحرص المرأة العنابية على ارتداء ڤندورة الفرڤاني أو القفطان القسنطيني المشغول بالأشكال والألوان الزاهية التي تزيد من جمال العروس. أما السخاب فهو عبارة عن عقد يتكون من قطع متوازية من الطيب و«العفص”، يعطي روائح زكية تعبّق عنق المرأة لّما تضعه ليلة عرسها. أما “الشوشنة” فهي عبارة عن قرطاس طويل مصنوع من قطعة قماش مرصّعة بالمجبود، تضعه الماشطة للعروس كتاج فوق رأسها؛ كدليل على شموخ العروس وعلوّها، كل هذه اللواحق تلبسها العروس يوم العرس حتى يتعرف أهل زوجها على تقاليدها، خاصة إذا كانوا من خارج ولاية عنابة.
وتُعتبر التصديرة فرصة بالنسبة للماشطة للترويج لنفسها؛ حيث يتعرف المدعوّون على “سلعتها”، وذلك لتوسيع نشاطها على المستوى المحلي، علما أن التصديرة في ليلة واحدة تفوق 20 ألف دينار؛ إذ قد تصل في أغلب الأحيان إلى 40 ألف دينار، يدفعها أهل العروس خلال تلك الليلة المميزة، والتي تُعد بالنسبة لأهالي بونة ليلة العمر.
وأمام تشبّث العائلات العنابية بمزيّنة العروس “الماشطة”، تحولت هذه الحرفة إلى مورد رزق تعتمد عليه الفتيات من أجل مساعدة أزواجهن أو أهلهن، خاصة مع الغلاء الفاحش للسلع.
ولإنجاح هذه الحرفة أكدت الحرفية والماشطة “زينة” أنه تم إدراجها في المراكز الخاصة، بتدريب الفتيات العنابيات خاصة منهن الجامعيات، على امتهان حرفة الماشطة وبطريقة تقليدية مستوحاة من تراث الجدات. وحسب السيدة زينة، فإن عنابة تحصي نحو 1500 ماشطة ينشطن بالولاية، يعملن كلهن على ترويج الحرفة والتعريف بها بمختلف المهرجانات الوطنية والدولية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.