تلك التي خرجت من منزل والدها عروسا عام ال 1830. إنها رحلة نحو استكشاف الصورة الفنية الرائعة للتراث العنابي، الذي ينبض حياة، رافضا الإندثار أو الموت والنسيان، لأنه ورغم الأسعار الخيالية للماشطات، إلا أنه يستحيل أن تتغاضى عروس عن تزيين نفسها عندها، لأنها الوحيدة التي يمكنها أن تعطي اللمسة العنابية الحقيقية الفائقة الجمال لهذه العروس التي تكتسي حلة فريدة من نوعها لا تشبه العروس العاصمية، الميالة إلى الطابع العصري أكثر من ميلها إلى الطابع التقليدي التراثي في ارتداء الملابس أو الحلي. ورغم أن الماشطة لا تقيم بالذرعان وتتنقل عبر كامل بلديات عنابة، فهي مطلوبة بكثرة نظرا لجمال عملها المنسق بطريقة رائعة، كما أن العروس تخرج من تحت يدها غاية في الجمال. وقد امتدت شهرتها إلى خارج ولاية عنابة، لتنتقل إلى قسنطينة والعاصمة، أين تحيي الأعراس بطلب من الزبائن الذين انبهروا بفنياتها في تزيين العروس العنابية، التي تبقى حقا جد مختلفة عن أي عروس بولايات الجزائر الأخرى . وللتعرف أكثر على مهنة الماشطة واكتشاف خبايا هده الفنانة التي يتعدى عملها حدود ولاية عنابة لتكون مطلوبة بالعاصمة، وهران، تلمسان، وحتى ولايات الجنوب، كان لنا لقاء مع إحدى أشهر الماشطات على الإطلاق، وهي السيدة “ لولو”.. ^ “الفجر”: بداية سيدتي، هل يمكن أن تعرفي لنا الماشطة بالضبط من هي؟ وما هي مهمتها؟ السيدة لولو: الماشطة هي حلاقة عرائس، والمكلفة بتلبيس العروس وتزيينها وفق أسلوب معين وطريقة تقليدية أولا، ثم إخراجها في صورة عصرية مرة أخرى. نبدأ بالشق التقليدي، هل لك أن تشرحي لنا أكثر..؟ يمكن للزبونة أن تستدعيني يوم قراءة الفاتحة لإحياء حفلتها التي تكون على الضيق، بمعنى أنني لن أبالغ في وضع التبرج “الماكياج” على وجهها حتى تبقي سر الجمال إلى يوم عرسها، ونفس الشيء بالنسبة للألبسة التي سأحضرها كي تلبسها، حيث تلبس “الڤندورة” العنابية المزينة بالفتلة والمجبود، والتي تسمى “ڤندورة الكوكتيل”، ثم ترتدي فوقها “الجبادير” و”التلمساني”، إلى جانب اللفة، أوالدلالة كما تسمى بعنابة، على رأسها. وهنا تجدر الإشارة إلى أن هناك من العرائس من تطلب الظهور بما يسمى “السوالف”، وهي جدائل شعر من الجهتين.. تماما كما كانت تفعل الجدات والأمهات العنابيات، إضافة ل“الحرقوس” والماكياج الخاص جدا جدا، وهذا لمن تريد أن تكون عروسا عنابية مائة بالمائة، ولكن في أيامنا هذه قد تنازلت الكثيرات عن الطريقة التقليدية في التزين، وأصبحن يطالبن بالمظهر العصري، أو التقليدي المعدل عصريا، يوم “العطية” أو الفاتحة. وماذا عن الحلي التي تستعملينها؟ الحلي لدى الماشطة عادة ما تكون قد ورثتها عن والدتها أو جدتها، لأنها تعلمت الصنعة منها، فعادة ما تكون الماشطة ابنة ماشطة أو حفيدة لها، وهذه الحلي تبدأ من المقياس وصولا إلى الجبين والسخاب، إضافة إلى الحلي الشخصية للعروس، وأنا أستعمل لباسا ذهبيا وآخر فضيا، الأول مصحوب بالذهب والثاني بإكسسوارات فضية. بعد التعرض لما هو تقليدي في عملك، هل لك أن تقدمي لنا العصري منه؟ الجانب العصري يتمثل في إخراج العروس بفستان سهرة عصري، إما تقوم بكرائه، أو تترك لي هذه المهمة، وفي الأخير ترتدي فستان العروس الأبيض للخروج مع زوجها. بهذه الطريقة لن تكون العروس تقليدية ولكن عصرية مثل غيرها في العاصمة والغرب الجزائري، أليس كذلك؟ حقيقة هي عصرية، ولكن مراسم الحنة والعطية تقليدية تماما، ففي عنابة لا تتصدر العروس يوم عرسها، وإنما بعد ذهابها إلى بيت زوجها، حيث تكتفي يوم العرس أو الفاتحة بارتداء الأزياء التقليدية بكامل إكسسواراتها الذهبية، وأخيرا ترتدي الفستان الأبيض الذي لا غنى عنه لدى أي عروس، وعند ذهابها لبيت زوجها عليها لبس 7 فساتين على الأقل، وهي ما يسمى ب”الشورة” أو “تلبيسات الفاليزا”. لنتحدث الآن عن أسعار هذه اللوحات الفنية المستوحاة من التراث العنابي.. .. تبتسم، أعتقد أن عمل الماشطة عمل صعب للغاية، لأن مسؤولية تزيين العروس وإخراجها بأجمل شكل ممكن ليس بالأمر السهل، في هذا الإطار فإن الأسعار تتراوح بين ال1 مليون و3 ملايين سنتيم، حسبما تطلبه العروس، فهناك من تطلب 3 أو 4 فساتين، منها فستان ملكة الملوك، وغيره من الفساتين التقليدية التي يتراوح ثمنها بين 3 و7 ملايين سنتيم.