ارتاء البالي الوطني الجزائري أن يقدّم ألوانا تعبيرية "من ألوان بلادي" نسجت فوق المسرح الوطني "محي الدين بشطارزي" رداء من خيوط إبريزية تعكس تراث وثراء كلّ شبر من هذه الأرض التي أنجبت ولا تزال تنجب مبدعين في كلّ روافد الفن، فكان عرض "ألوان من بلادي" انطلاقة جديدة تترجم الإصرار والتأكيد على مواصلة مسيرة من كرّموا أمس الأوّل على خشبة بشطارزي على مجمل عطائهم الإبداعي ضمن البالي الوطني الجزائري، فكانت فرصة للاستمتاع، والتكريم والإعلان عن الفائزين بجائزة رئيس الجمهورية للمبدعين الشباب "علي معاشي". الحفل حضرته وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي التي أشارت في كلمتها إلى أنّ الجزائر خطت في السنوات الأخيرة خطوات عملاقة في توفير ظروف وأجواء الإنتاج الفني والثقافي وفي بناء هياكل وفضاءات للنشاط الفني والثقافي وقالت: "إلاّ أنّ ذلك يبقى غير كاف ونحن واعون بذلك وسنعمل ونسعى ونناضل من أجل أن يأخذ الفن والثقافة مكانتهما اللائقة في الجزائرالجديدة، و أن يتبوأ الفنان مكانه اللائق في طليعة الركب، لأنّه هو من يصنع أفراحنا ويرسم لنا الأمل في المستقبل". واعترفت المسؤولة الأولى على الشأن الثقافي في الجزائر بالتقصير في حقّ الفنانين، وقالت أنّ أهم عناصر التطوّر هو الاهتمام بهذه الطليعة الرائدة في مسيرة الجزائر، مؤكّدة أنّه في المستقبل القريب سيصدر النصّ القانوني الذي يؤسّس المجلس الوطني للفنون والثقافة "هذا الإطار الذي سيكون هيئة أساسية في حلّ الكثير من المشاكل والانشغالات والهموم التي يعرفها الفنان". العمل الكوريغرافي الجديد الذي قدّمه البالي الوطني الجزائري تحت إشراف قدور نور الدين، سافر بالحضور عبر المكان والزمان في تنوّع حضاري وفسيفساء غنية تعطي لمحة عن الموروث الثقافي للأمة الجزائرية التي يعود تاريخها إلى مئات ألاف السنين، فحملت "ألوان من بلادي" حركات للحزن تارة و للمرح تارة أخرى، وبين لمسة وأخرى عالم ليس ككل العوالم، تتغيّر بتغيّر الأمزجة والأحاسيس فحينا متجانسة متناغمة وحينا متنافرة..الصلة بين جزائر متجذّرة في ماضيها متواصلة مع حاضرها وأصالتها وجزائر معاصرة متفتّحة على كلّ الحضارات الإنسانية، مسجّلة مسيرتها بخطى ثابتة نحو التطوّر والعولمة..من رسومات الأهقار إلى تاغيت مرورا بمغارة "أفيغا" بجبال إعكورن الغارقة في الاخضرار الدائم من المعالم التاريخية بشرشال، تيبازة، تيمقاد وجميلة إلى أروع المواقع الطبيعية العريقة الشاهدة على إبداع الخالق وفن خلقه. وقد تمّ بالمناسبة تكريم عمداء البالي الوطني الجزائري وهم سكيني حميدة، بوصابون أحمد، شبيري محمّد، عيساني عمر، بن حمزة حمزة، بن عيّاش نزيهة وبلعور عمر، إضافة إلى عدد كبير من قدماء البالي الوطني الجزائري الذي أنشأه المسرحي الراحل مصطفى كاتب بعد الاستقلال وكان مكوّنا بالأساس من أبناء وبنات الشهداء. جائزة علي معاشي..جلّها مناصفة. وتأسيسا لتقاليد تشجيعية جديدة تساهم في دفع الحركية الإبداعية الشابة، وإعطاء نفس جديد للمشهد الثقافي والفني الجزائري، تمّ بمناسبة اليوم الوطني للفنان توزيع جائزة رئيس الجمهورية "علي معاشي" للمبدعين الشباب في مختلف روافد الثقافة والفنون، فاجتمع المبدعون الشباب في رحاب الثقافة الواسعة "تأسيس تقاليد تمنح لحيوية الفن والإبداع فضاءها النوعي". الجائزة في دورنها الثانية جاءت لتثمين الدور الريادي للمبدعين الشباب الذين تقلّ أعمارهم عن 35 سنة، وإنزالهم المنزلة اللائقة بهم باعتبارهم رموز الأمّة وحرّاس قيمها وتراثها، إلى جانب ربط الماضي الذهبي لمن ناضلوا إبّان الثورة بفنّهم وأدبهم بالحاضر الذي يحمل مشعله جيل جديد يشكّل امتدادا لمسار أمّة وشعب. وللإشارة فإنّ هذه الجائزة تمسّ ثماني شعب أدبية وفنية هي الشعر، الرواية، الرقص، الموسيقى، التمثيل، الرسم، المسرح و المسرحية المكتوبة، وشارك في دورتها الثانية 1138 مشاركا يتوزّعون على 152 مشاركا في الرواية، 536 في الشعر، 70 في المسرح، 42 في السينما، 254 في الفنون التشكيلية و57 في الموسيقى، الرقص والغناء. ففي مجال الرواية الأدبية فازت بالجائزة الأولى مناصفة أمينة شيخ وهجيرة قوادري، وفي مجال الشعر فاز بالجائزة الأولى مناصفة كل من الهواري غزالي ورشدي رضوان، وعادت الجائزة الأولى في مجال العمل المسرحي المكتوب لفوّاز بوغازي، والأولى في التمثيل المسرحي مناصفة بين جريوة عبد القادر ومنيرة روبحي نفيسة، وبخصوص أحسن الأعمال الموسيقية فقد فاز بالجائزة الأولى فرقة "كسطي غروف" وفي فن الرقص والغناء فقد فازت بالجائزة الأولى فرقة جمعاوي أفريكا ممثلة في عبد العزيز الكسوري، وفي الفنون السينمائية والسمعية البصرية فقد عادت الجائزة الأولى ليوسف سويقات، وفيما يتعلّق بالفنون التشكيلية فقد فازت بالجائزة الأولى شافع فاطمة. وللإشارة فإنّ القيمة المالية الأولى لكل شعبة من هذه الشعب الفنية والأدبية تبلغ 500 ألف دينار جزائري، أمّا الجائزة الثانية فقيمتها 300 ألف دينار جزائري في حين الجائزة الثالثة تبلغ 100 ألف دينار جزائري.