يبقى قطاع السياحة في الجزائر من القطاعات التي توليها الحكومة أهمية خاصة باعتباره من أهم التحديات التي يتوجب رفعها في سياق البحث عن بدائل للمحروقات. ولذلك، تسعى الحكومة إلى توفير كافة التدابير اللازمة من أجل تحريك عجلة القطاع، في وقت تبين أن مشكل القطاع لا يكمن في سلسلة الإجراءات القانونية أو الإمكانيات بقدر ما يتعلق بالذهنيات. وقد عملت الحكومة على إزاحة مبرر الجانب المادي من خلال إصدار تعليمات للمشرفين على القطاع من أجل تحسين الخدمات السياحية ووضع تحت تصرفهم كافة الوسائل المادية التي لطاما كانت أبرز العراقيل التي تحول دون النهوض بالقطاع. ونذكر في هذا الصدد جملة الإجراءات التي اتخذتها الدولة من خلال الاتفاق بين وزارتي السياحة والخارجية لاعتماد تدابير جديدة لضمان إنعاش القطاع السياحي بصورة كبيرة، إذ تتمثل أهم هذه التدابير في تخفيض تكلفة السفر، تسهيل عمليات منح التأشيرات، خاصة عن طريق الوكالات المتخصصة، ضمان تقليص مدة منح التأشيرات وتبسيطها، فضلا عن تخفيض قيمة التذاكر على متن الجوية الجزائرية باتجاه مناطق الجنوب الجزائري. إلى جانب الرفع من قدرة الإيواء في الفترة الممتدة ما بين 2012 و2014 والمصادقة على أكثر من 500 مشروع استثماري فندقي جديد للخواص وإعادة إحياء وإبراز المسارات السياحية الهامة خاصة في مناطق الجنوب. كما تأتي هذه الإجراءات في الوقت الذي تم فيه تسجيل توقف 25 بالمائة من المشاريع التنموية الجديدة التي استفاد منها القطاع بسبب مشاكل مرتبطة بالتمويل. وهو ما يشكل عائقا كبيرا أمام المستثمرين، أما فيما يتعلق بمناطق التوسع السياحي فإنه تم إشراك متعاملين من القطاع الخاص لإنجاز مشاريع مندمجة بالأرضيات المخصصة لهذا الغرض. وفي هذا الصدد، لقيت التدابير المتخذة مؤخرا لفائدة المتعاملين السياحيين بولاية تمنراست ارتياحا "واسعا" في أوساط هذه الفئة، حسبما علم أمس الثلاثاء من مسؤولي جمعية وكالات السياحة والأسفار، حيث أوضح رئيس جمعية وكالات السياحة والأسفار، السيد أحمد حمداوي، أن هذه الإجراءات التي اتخذت عقب الزيارة الأخيرة لوزير القطاع، من شأنها أن تفتح آفاقا جديدة أمام المتعاملين في المجال السياحي بهذه المنطقة، كما أنها تعبر عن "الإرادة القوية للسلطات العمومية لدفع النشاط السياحي بولاية تمنراست والذي عرف ركودا في السنوات الثلاث الأخيرة". وتتمثل أهم هذه التدابير في إمضاء بروتوكول بين المتعاملين السياحيين والخدمات الاجتماعية لعدة قطاعات على غرار التربية والموارد المائية والنقل الجوي وسونلغاز وغيرها، وذلك خلال زيارة وزير السياحة والصناعات التقليدية، محمد أمين حاج سعيد، للولاية، نهاية الأسبوع الماضي، مما سيساهم في إعطاء نفس جديد للنشاط السياحي بهذه المنطقة ذات الطابع السياحي بامتياز. كما تشمل أيضا بعض هذه الإجراءات المعلن عنها التخفيف من الإجراءات ذات الصلة بالتأشيرات لفائدة السياح الأجانب وإقرار رخصة استغلال دائمة للوكالات السياحية، بدلا من الرخصة التي كانت تجدد كل 3 سنوات وفقا للمسؤول. ويجري حاليا، ضمن نفس الجهود كذلك، بحث إمكانية اقتناء سيارات رباعية الدفع جديدة لدعم وكالات السياحة والأسفار الناشطة بولاية تمنراست وذلك عبر جهاز الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار يضيف المصدر. وكثيرا ما تمحورت المشاكل التي يعاني منها القطاع خلال الجلسات المخصصة للسياحة حول نقص الهياكل التي تعد من بين الأولويات التي لا غنى عنها، إلى جانب توفير الأمن بمفهومه الواسع، انطلاقا من أن الإخلال بهذا الشرط سيؤدي حتما إلى إلحاق أضرار مادية ومعنوية بليغة بالسياحة كتقليص مدة الإقامة المقررة سلفا أو عدم الرجوع إلى هذا المرفق ثانية، أو بإعطاء صورة مشوهة لهذه المرافق وهكذا تطعن السياحة بطرق مباشرة وغير مباشرة. وإلى جانب ذلك، لا بد من التركيز أيضا على التزود بقدر كبير من الثقافة السياحية الغائبة عن مجتمعنا، ومتى توفرت هذه الأخيرة فإن أي فرد وفي أي موقع يتواجد فيه يكون على قدر من الوعي بالنتائج السلبية التي ستنجم عن السلوك السلبي تجاه السياح محليين كانوا أم أجانب، ليتبين أن المعضلة التي تعترض النهوض بالقطاع تكمن أساسا في الإنسان ومدى تقبله ووعيه لدور السياحة في ترقية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.