قال الباحث في علم الموسيقى، الفنان صالح بوكلي حسان، بأن هناك تشابها كبيرا بين مدرستي تلمسانوالجزائر العاصمة للموسيقى الأندلسية، مع وجود فرق في الأداء من خلال اعتماد مدرسة العاصمة على الزوائد. وأضاف صالح بوكلي حسان عازف الكمان، الملحن، قائد الأركسترا والباحث في علم الموسيقى، أن المدرسة التلمسانية والعاصمية اتفقتا في القديم أي منذ القرن الثامن عشر، على تسمية واحدة لهذه الموسيقى هي: ”غرناطة”، بداية بالأستاذ أحمد بن تريكي الذي قال سنة 1770 بأن هذه الموسيقى تسمى بالغرناطة، وهو نفس تصريح الأستاذ المعلم يافيل، المعلم سفينجة، محمد مرابط وغيرهم. واعتبر الأستاذ أن اختلاف التسميات حول ”الموسيقى الأندلسية” وليد الاستقلال، معتبرا أن الفرق بين المدرسة العاصمية والتلمسانية يكمن في أن أداء الأخيرة يتبع أصول المدرسة من دون زوائد، عكس المدرسة الأخرى التي تعتمد على إضافات في الأداء والإيقاع، علاوة على اتخاذ هندسة النوبة العاصمية لشكل أفقي، في حين تتخذ شكل الهرم بالنسبة لتلمسان. وفي هذا السياق، أسمع الأستاذ أمام الحضور، ثلاثة مقاطع من مصدر ”ليالي السعود ترى هل تعود”، من تقديم الصادق بجاوي رفقة أركسترا الإذاعة الوطنية وعبد الرزاق سري رفقة أركسترا التابعة له وعبد الرحمن سقال (الكابيلا)، ليبين قلة الفروقات بين أداء المدرستين. يعود الأستاذ للتأكيد على المصدر نفسه بالنسبة للمدرستين العاصمية والتلمسانية، ويناهض كل محاولات التفرقة بينهما، رافضا في نفس السياق، سياسة الاختلاف التي تعززها بعض الأطراف بغرض الحفاظ على تراثها الخاص. من جهته، قال السيد نصر الدين بغدادي، موسيقي وعضو أركسترا ”رينات الوهرانية” ومدير مصلحة الأرشيف بالإذاعة الوطنية؛ إن الخلاف بين المدرستين العاصمية والتلمسانية يتعلق باللهجة أو اللكنة المستعملة لمقدميّ القصائد، مقدما مثالا عن فرقة من بجاية أدت قصائد بلكنة أمازيغية في إطار المهرجان الثقافي الوطني للموسيقى الأندلسية التي تجري فعاليتها حاليا بقاعة ابن زيدون (رياض الفتح)، مضيفا أن الموسيقى تختلف حسب تأثيرها بالمحيط الذي تحيا فيه، أما عن موسيقى المالوف، فحسب المتحدث، تختلف كثيرا عن الموسيقى الأندلسية التلمسانية والعاصمية. أما عبد القادر بن دعماش، الباحث في علم الموسيقى، فقدم بدوره مجموعة من الإضافات حول الموضوع، منها أن الفنان بودالي سفير هو الذي كتب مقالا سنة 1967، جاء فيه أن فن ”الصنعة” (الموسيقى الأندلسية) قدم من قرطبة، والمالوف من إشبيلية وغرناطي من غرناطة، مضيفا أن هذا التصريح أحدث فوضى في التسميات وأصول هذا الفن، رغم أن بودالي قبل وفاته طلب التأكد من ”المعلومات” التي قدمها، لكن لم يحدث ذلك. وفي هذا السياق، عاد بغدادي، عضو في الأكاديمية العربية للموسيقى، ليطالب بضرورة قيام الجزائريين ببحث معمق حول التراث الموسيقي، ”ولا ننتظر أحدا يقوم بهذه المهمة”، مشيرا إلى أن أعضاء الأكاديمية العربية للموسيقى لا يهتمون بالتراث الموسيقي الجزائري إلا حينما ينظمون مؤتمرات ولقاءات في الجزائر، ما عدا ذلك فإنهم يهتمون فقط بالموسيقى المشرقية.