الجزائر متمسكة بسياستها الاجتماعية وخياراتها في تنظيم الاستثمار دعا الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، أفراد الجالية الجزائرية المقيمة بفرنسا إلى تقديم إسهامهم في مسار تطوير الجزائر ودفعها نحو مزيد من العصرنة، من خلال الاستثمار وإنشاء جسر بين البلدين، وشدد على أن الجزائر لن تتخلى عن سياستها الاجتماعية وستحتفظ بقاعدة 51/49 بالمائة التي تضبط الاستثمار الأجنبي، قائلا في هذا الصدد "لايمكننا بيع البلد". وأوضح السيد سلال في لقائه بممثلي الجالية الجزائرية بقاعة الأكاديمية الدبلوماسية الدولية بفرنسا، بأن الجزائر لا يمكنها في الوقت الحالي التخلي عن مبدأ 51/49 بالمائة الذي تم إقراره في قانون المالية التكميلي لسنة 2009 كقاعدة لتنظيم حصص الاستثمار الأجنبي، "رغم أن هذا الخيار تسبب للجزائر في انتقادات صادرة عن كل الجهات". وسجل الوزير الأول خلال عرضه للأوضاع العامة للاقتصاد الجزائري والإنجازات التي تم تحقيقها في الميدان، بأن الصناعة التي همشت لعدة سنوات في الجزائر، تشهد في الفترة الأخيرة انتعاشا بفضل الاستراتيجية التي تتبعها الحكومة لتطوير وتنويع القاعدة الاقتصادية، والتي تم بموجبها توجيه 52 بالمائة من الادخار الوطني لمجال التصنيع. وأعلن، من جانب آخر، عن اعتزام الجزائر إعادة شراء البنك القاري العربي (بي أي أ) الذي أنشأته مع ليبيا، مشيرا إلى أن هذا الموضوع سيشكل أحد محاور المحادثات التي ستجمعه مع المسؤولين الليبيين خلال زيارته المرتقبة إلى ليبيا في 29 ديسمبر الجاري. وأشاد الوزير الأول بما تحقق في عهد رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، وبما أثمرته سياسة المصالحة الوطنية، واستعادة الجزائر لمكانتها بين الأمم، مؤكدا بأن استقرار الجزائر سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي أو الأمني هو الانشغال الأساسي للحكومة في الوقت الراهن. وإذ اعترف بوجود نقائص في مجال التنمية، مقدرا بأن كل الانتقادات في هذا المجال مسموح بها، أشار السيد سلال إلى أن الجزائر تملك قدرات هائلة لتدافع عن مصالحها وتحقق التطور المنشود، واعية في ذلك بكل المعطيات التي قد تؤثر عليها، ومنها كونها محاطة بسبع حدود معظمها مضطربة، تجعلها تواجه إرهابا دوليا، وإجراما تقوده عصابات تهريب المخدرات. وفي سياق متصل، شدد الوزير الأول على أن الجزائر لن تتخلى عن سياستها الاجتماعية وأن الخيار الوحيد المتاح أمامها، يتمثل في التنمية الاجتماعية والاقتصادية مع تحسين نوعية الخدمة الاجتماعية، مؤكدا بأن الجزائر التي تخلصت من ديونها الخارجية، تتميز اليوم بكون مؤشرات اقتصادها الكلي كلها في الضوء الأخضر، "وذلك باعتراف الهيئات المالية الدولية".وبعد أن أبرز استقرار إنتاج المحروقات في الجزائر وذكر بالاكتشافات الجديدة لحقول النفط، وبتوفر الجزائر على ثالث مخزون عالمي من الغاز الصخري، أوضح السيد سلال بأن "الثروة التي تتوفر عليها الجزائر من المحروقات، لا يجب أن تخدعنا وعلينا تحسين إنتاجنا خارج المحروقات"، داعيا الجزائريين المغتربين إلى الإسهام في الجهود الوطنية الرامية إلى تحقيق هذا المسعى، عبر إقامة الاستثمارات وإنشاء جسر مع الشركاء في الجزائر وربط اتصالات مع الحركة الجمعوية، التي أبرز تطورها ومشاركتها الفعالة في مسار تنمية البلد، ومساعدتها للحكومة بأفكارها واقتراحاتها. كما دعا السيد سلال الإطارات من المهاجرين إلى تنظيم أنفسهم والاتصال بالمنظمات الناشطة في بلدهم لتقديم دعم ملموس، مشيرا في هذا الصدد إلى إمكانية تطوع الأطباء المغتربين لإجراء عمليات للمرضى في الجزائر، وكذا إلى إمكانية مساهمة الشباب المغتربين بمهارتهم وكفاءتهم في مساعدة الشباب القاطنين بالجزائر لاستحداث مؤسساتهم. واستمع الوزير الأول الذي كان مرفوقا بوزير الشؤون الخارجية، رمطان لعمامرة، لأزيد من ساعتين لانشغالات ممثلين عن جمعيات فرنسية-جزائرية ورجال أعمال وإطارات ومواطنين مغتربين، حيث اغتنم بعض المتدخلين المناسبة لطرح انشغالاتهم الأساسية المرتبطة بما تنوي الحكومة اتخاذه من إجراءات لتحويل مهارات الجالية المغتربة وتسهيل الاستثمار في الجزائر، فضلا عن مسألة الأسعار المرتفعة لتذاكر شركة الخطوط الجوية الجزائرية والصعوبات التي يلقاها أفراد الجالية لنقل جثامين أقاربهم إلى أرض الوطن. وخلال رده على هذه الاستفسارات، أكد الوزير الأول بأنه أعطى تعليمات لرئيس المدير العام لشركة الخطوط الجوية الجزائرية من أجل تحسين الخدمات المقدمة لأفراد الجالية الجزائرية، موضحا في الوقت نفسه بأن هذه الشركة يتعين عليها تحقيق أرباح واحترام التنظيم الساري المفعول في ضبط الأسعار التي تعتمدها، والتي يوجه جزء منها لدفع مختلف الرسوم. أما بخصوص مسألة ضمان نقل الجثامين، فأوضح رئيس الجهاز التنفيذي بأن ذلك مؤمن بشكل تام، من منطلق أن الأمر يتعلق باحترام "كرامة الإنسان"، مشيرا في نفس الوقت إلى إمكانية تسوية كل الانشغالات المرتبطة بهذه المسألة مع شركات التأمين "حتى وإن تطلب الأمر التوصل إلى مساعدات مباشرة أو غير مباشرة".
لعمامرة يشيد بإجماع المشاركين حول قراراتها(قمة الإليزيه حققت أهدافها) أكد وزير الشؤون الخارجية، رمطان لعمامرة، أول أمس السبت، في باريس، أن قمة الإليزيه حول السلم والأمن في إفريقيا التي نظمت بالعاصمة الفرنسية حققت أهدافها، مسجلا بأن المواضيع التي تضمنتها الوثائق المعروضة في القمة، حققت إجماعا قائما على عوامل مشتركة بين موقف الاتحاد الإفريقي وفرنسا والاتحاد الأوروبي. وقال السيد لعمامرة في تصريح للصحافة في ختام أشغال القمة أن هذه الأخيرة وإن لم تكن حدثا غير مسبوق أو استثنائيا إلا أنها كانت مفيدة وناجحة، كونها تشكل "مساهمة مجددة في تعبئة المجتمع الدولي ودعما للجهود الإفريقية". وإذ اعتبر القمة مرحلة نوعية لتحقيق هذه الأهداف الرامية إلى إيجاد حلول إفريقية لمشاكل القارة سواء تعلق الأمر بالسلم والأمن أو بالتنمية الاقتصادية أو التغيرات المناخية، ذكر رئيس الدبلوماسية الجزائرية بأن إفريقيا تتوفر على آليتها الخاصة للسلم والأمن التي لا تقتصر، حسبه، على الجوانب العسكرية بل تشمل أيضا المكونات الاقتصادية والحكم الراشد اللذين يلعبان دورا أساسيا في الوقاية الهيكلية من الأزمات والنزاعات. وللتذكير، فقد شارك في قمة الإليزيه من أجل السلم والأمن في إفريقيا والتي بادرت فرنسا بتنظيمها على مدى يومي 6 و7 ديسمبر الجاري رؤساء دول وحكومات من حوالي 50 بلدا إفريقيا، من بينها الجزائر التي شاركت بوفد ترأسه الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، ممثلا لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة. وقد أكد السيد سلال الذي كان مرفوقا بالسيد رمطان لعمامرة والوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية، السيد مجيد بوقرة، في مداخلته في أشغال القمة بأن العمل الذي باشره الأفارقة لصالح السلم والأمن من خلال الاتحاد الإفريقي والمدمج في نظام السلم والأمن لمنظمة الأممالمتحدة، يعد مساهمة هامة في العمل الشامل لتسوية النزاعات والوقاية منها.