أشرفت وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي، أول أمس، بقصر الثقافة، على تدشين فعاليات المهرجان الوطني للزي التقليدي في طبعته الثالثة، الذي خُصص هذه السنة للملحفة. هذا الزي التقليدي الذي قالت عنه إنه يتواجد بكل ولايات الجزائر تقريبا على اختلاف تسمياته وألوانه ودلالاته، ويرمز إلى وحدة الشعب الجزائري. بدأ حفل افتتاح المهرجان الوطني للزي التقليدي، بكلمة ألقتها محافظة المهرجان السيدة عمامرة، التي ذكّرت الحضور بالأسباب التي دفعت بمحافظة المهرجان إلى اختيار الملحفة كلباس تقليدي، يعبّر عن أصالة المجتمع الجزائري، حيث قالت: “يُعتبر المهرجان بمثابة التظاهرة الثقافية التي دأبنا على إحيائها تحت الرعاية السامية لفخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة منذ 2011”. وأرجعت سبب اختيار الملحفة بعد البلوزة واللباس الحضري، إلى كون الملحفة تُعد هي الأخرى من أقدم الألبسة التقليدية التي لبستها المرأة عبر العديد من الولايات، “وبحكم الاختلاف النوعي من حيث التسمية وكذا طريقة الصنع والألوان المستخدَمة فيها، ارتأينا هذه السنة تسليط الضوء على هذا اللباس، الذي لم يحظ باهتمام المؤرخين”. وأشارت محافظة المهرجان إلى أن بحثا أُجري، أثبت أن الملحفة تُعد من الألبسة التقليدية، ولها جذور ضاربة في عمق التاريخ، وقد ظهر ذلك من خلال بعض الفسيفساء الأثرية، التي كشفت عن مدى تألق المرأة الجزائرية، وعكس مهارتها بهذا اللباس، الذي حمل العديد من دلالات الحياة الاجتماعية. توجهت وزيرة الثقافة خليدة تومي إلى بهو قصر الثقافة لتدشين المعرض الذي عرف مشاركة 33 عارضا من 20 ولاية، حيث برعت العارضات في إظهار جمالية الملحفة برسومات مزركشة بالألوان جاءت بأشكال مختلفة، وحملت العديد من الرموز، وزُيّنت بالحلي الفضية والجوهر؛ على اعتبار أن الملحفة لا تُلبس من دون أن ترافقها إكسسواراتها التي تباينت بين السخاب والبزيم والسلاسل الفضية وكذا عصابة الرأس والخلخال، طبعا على اختلاف المناطق التي تنتمي إليها الملحفة. ولدى تجول الوزيرة بين العارضات استوقفتها ملحفة الأغواط التي أبدعتها أنامل المرأة التيجانية، التي تعود إلى أكثر من قرن، وتعكس حقيقة اللباس التقليدي الذي كانت المرأة الريفية تلبسه. كما استوقفت الوزيرةَ أيضا ملحفةُ العروسة، التي مثلتها منطقة النعامة، والتي سميت ب “السرج”. وقد دعت الحرفيات بالمناسبة إلى التمسك أكثر باللباس التقليدي، الذي يُعد ثروة ثقافية ينبغي الحفاظ عليه”. وعلى هامش المهرجان الوطني للزي التقليدي، تحدثت وزيرة الثقافة عن أهمية مثل هذه المهرجانات في الحفاظ على الهوية الوطنية؛ حيث قالت: “اختيار الملحفة كلباس تقليدي اختيار موفق، لا سيما بعد أن ثبت وجودها بكل ولايات الجزائر؛ ما يعني أنه يعكس هوية الشعب الجزائري، ويدل على وحدته”. وفي سياق متصل، اعتبرت الوزيرة أن تشجيع مثل هذه التظاهرات من صميم واجبات الوزارة؛ كون اللباس التقليدي يدخل في إطار التراث المادي؛ كونه يعكس المعارف الموجودة وراء اللباس، وطريقة النسيج والمناسبة التي كان يُلبس فيها، وبالتالي فهو يعكس ملامح الحياة الاجتماعية قديما، ومن هنا تظهر أهميته، وانطلاقا من هذا، ينبغي أن يستغل العارضون مثل هذه الفضاءات للتعريف باللباس التقليدي من جهة، وتحفيز الحرفيين على المزيد من الإبداع في مجال اللباس التقليدي. للإشارة، قدّمت حرفية من ولاية باتنة، ملحفة شاوية لوزيرة الثقافة خليدة تومي، ليُختتم الحفل بعروض راقصة لفرقة “أسوار” لمدينة غرداية. كما عُرضت موسيقى من إحياء الأوركسترا السمفونية الوطنية، ويُنتظر أن تستمر فعاليات المهرجان إلى غاية 21 من الشهر الجاري.