أصدرت دار الكتب الوطنية في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، ترجمة عربية لكتاب "غرناطة وقصر الحمراء، وصف لمدينة غرناطة القديمة وقصرها الإسلامي" للرحالة البريطاني ألبرت فريدريك كالفرت. الكتاب صادر عن سلسلة "رواد المشرق العربي" المكرسة لأدب رحلات الأوروبيين إلى المشرق العربي، وهو تحفة فنية وضعه الرحالة ومهندس التعدين كالفرت عام 1904، حيث فُتن بإسبانيا فألّف عنها وعن فنونها 36 كتابا، قام الرحالة – من مواليد 1827- برحلات استكشافية في أستراليا بين عامي 1891و1892 وظل يكتب عنها ويغامر بمشاريع التعدين فيها حتى عام 1898، حيث أفلست الشركة التي كان يعمل بها وانتقل بعدها إلى إسبانيا. قام بترجمة الكتاب عن الإسبانية وتقديمه، الدكتور أحمد أيبش المتخصص في التاريخ الإسلامي والتاريخ الحديث، حيث يعترف كالفرت في الكتاب أن مدينة غرناطة "ليست سوى إبداع صرف للمسلمين المغاربة، فتاريخها تاريخهم جميعا بلا استثناء، وماضيها سجل لأمجادهم وذكرى زوال دولتهم. تلك الرمانة، كما سماها فاتحُها، لم تُثمر وتتألّق إلا في شمس المسلمين الساطعة ولم تذوِ إلا بانحسارها، إذ تهوي بها في ظل الحكم المسيحي منزلتها من عاصمة متألقة إلى مجرد ضاحية فقيرة، وما هي اليوم إلا نصبٌ تذكاريٌّ عظيم يشهد على سلالة تلاشت وحضارة دالت وبادت"، حسب المؤلف. أما قصر الحمراء فيصفه أنه معبد الأكروبوليس لأثينا ويقول؛ "إنه أعظم تذكار حي قدمه المسلمون لأوروبا، وهو ينتمي إلى آخر حقبة من الفن الإسباني العربي، عندما بدأت بذرة أفكار المسلمين وثقافتهم تضرب جذورها عميقا في التربة وتبتكر أسلوبا يمكن تسميته بالأندلسي أكثر من العربي". ورغم أن المادة المكتوبة في وصف المدينة وقصرها مختصرة، إلا أنها مفعمة بالتفاصيل الدقيقة التي تنقل روعة وبراعة الفن المعماري العربي وفنون النقش والتزويق في أرجاء القصر والمدينة، ولم يغفل المؤلف تتبع التعديلات التي طالت المكان بعد الحكم المسيحي، بل يصف بعضها بالتشويه، كما يضع ذلك كله في سياق سرد تاريخي لملوك وأمراء المدينة التي تصارع عليها الحكام والقادة العرب كآخر أمل للمسلمين في أوروبا في محاولة لصونها وحمايتها. يُلحق المؤلف كتابه بمخطط تفصيلي للمدينة، ومجموعة كبيرة من الصور والرسوم بالأبيض والأسود لمعالم غرناطة، والتفاصيل المعمارية الغنية لمبانيها بشكل عام، مع زوايا أكثر تفصيلا من قصر الحمراء.