يتوقع متتبعون لقضية الخليفة، أن تكشف عملية تسليم المتهم الرئيس في القضية عبد المؤمن خليفة، للجزائر من طرف السلطات البريطانية، أول أمس، عن متهمين جدد في الفضيحة، بعد التصريحات التي سيدلي بها، معبّرين عن ثقتهم في العدالة، التي باتت تحظى بمصداقية دولية بعد تمكّنها من تقديم أدلة مقنعة لبريطانيا لتسليم المتهم الذي كان في حالة فرار بهذا البلد منذ 2003، في الوقت الذي لايزال ضحايا الخليفة يطالبون بتوسيع المحاكمة، لتشمل من سمح للخليفة بتأسيس شركاته. ذكر السيد فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، في اتصال مع ”المساء” أمس، بأن موافقة بريطانيا على تسليم عبد المؤمن خليفة للجزائر، تمت بعد تقديم العدالة الجزائرية ملفا مؤسسا ومدعَّما بوثائق تؤكد إدانته. وفي هذا السياق، أضاف السيد قسنطيني أن تسليم الخليفة وفقا للقوانين الدولية المعمول بها بين الجزائروبريطانيا، يعطي القضاء الجزائري مصداقية في الالتزام بضمان حقوق الشخص المسلم دون أدنى قيد، وفقا لما تستدعيه دولة القانون.وأشار السيد قسنطيني إلى أن تسليم الخليفة هو بمثابة انتصار للعدالة؛ إذ ستتم جدولة محاكمته بمجلس قضاء البليدة؛ حيث يتواجد ملف قضية الخليفة، التي تم النظر فيها لأول مرة سنة 2007، والتي أصدرت حكما غيابيا بالسجن المؤبد ضد الخليفة، الذي كان في حالة فرار إلى بريطانيا. وفي رده عن سؤال تعلّق بإمكانية توجيه الخليفة أصابع الاتهام لأشخاص جدد ستستدعيهم العدالة لأول مرة في هذه القضية، لم يستبعد الأستاذ قسنطيني إمكانية اتهام الخليفة لبعض الأشخاص، غير أنه أوضح أن العدالة لا تدين أي شخص بدون دليل أو شهود، بل سيتم التحقيق للتأكد من صحة الأقوال التي سيدلي بها الخليفة، الذي ستكون محاكمته عادية كباقي المتهمين، وفقا لما يقتضيه القانون الجزائري.من جهته، أفاد المحامي ميلود إبراهيمي أن عبد المؤمن خليفة الذي سُلّم للقضاء الجزائري، سيحاكَم لأول مرة بعد إلغاء الحكم الغيابي الذي كان قد صدر في حقه بالسجن المؤبد، موضحا أن هذا الحكم الذي صدر غيابيا لما كان المتهم في حالة فرار، سيسقط بقوة القانون، وسيحاكَم الخليفة بعد الاستماع لأقواله، كما له الحق في توكيل محامين للدفاع عنه كغيره من المتهمين.أما الأستاذ سعيد يونسي محام معتمد بمجلس قضاء العاصمة، فقال إنه من المنتظر أن يتم إفراغ الأمر بإدانة الخليفة؛ لأنه حكم صدر غيابيا، والآن بعد تسليمه ستتم محاكمته بعد أن تفصل النيابة في الأمر، مشيرا إلى أنه من المحتَّم أن تتم محاكمة المتهم خلال الدورة الجنائية المقبلة، بعد تمكّن العدالة من جمع الأدلة الدامغة التي تدين الخليفة في كل التحقيقات التي أُجريت منذ عشر سنوات، غير أن برمجة المحاكمة - يضيف محدثنا - تتوقف على جدول النيابة، التي تقرر متى ستبرمج جلسة المحاكمة. ويتوقع المحامي الذي شارك في مرافعات قضية الخليفة خلال جلسة 2007 بالبليدة، أن تُكشف أطوار المحاكمة الجديدة بحضور المتهم الرئيس فيما يُعرف في قضية القرن، التي تُعد من أكبر قضايا الفساد عن متورطين جدد، سيتحدث عنهم المتهم من شخصيات ومسؤولين قدّموا له يد العون، أو ربما تورطوا معه في قضية أو في أخرى.أما جمعية ضحايا الخليفة فترى أن تسليم عبد المؤمن خليفة ومحاكمته بمفرده لا يحل مشكل هذه القضية المعقَّدة، حيث طالب السيد عمر عابد الناطق الرسمي في تصريح ل ”المساء”، العدالة الجزائرية بإحضار الحافظ السابق لبنك الجزائر عبد الوهاب كريمان والمسؤولين عن قطاع المالية آنذاك، الذين كانوا يشغلون مناصب مسؤولية في الوقت الذي أسّس عبد المؤمن خليفة ما سماه محدثنا ب ”مملكة الاحتيال”؛ بحيث لم يقدّم حسابات شركته لبنك الجزائر لمدة 3 سنوات.وطالب ممثل ضحايا الخليفة بتعويض كل زبائن بنك الخليفة، الذين راحوا ضحية احتيال هذا الشخص بعد أن أودعوا أموالهم ببنكه، وبمحاكمة كل المتورطين محاكمة عادلة، مشيرا إلى أن الجمعية ستوجّه دعوة لبعض المنظمات الدولية غير الحكومية، لحضور أطوار المحاكمة، التي قال إنه ”لا ينتظر منها الكثير في حال عدم إحضار الرؤوس الكبرى التي كان لها يد في القضية، أو سهّلت من حدوثها بسبب اللامبالاة وعدم المراقبة”.وترى اللجنة القانونية بالمجلس الشعبي الوطني، حسبما أكده رئيسها النائب محمد خرشي في اتصال معنا، أن قرار تسليم الخليفة هو قرار عادل بعد أن ثبت ارتكابه لعدة جرائم ضد شريحة واسعة من المواطنين وضد الدولة ككل؛ بسبب تحايله واختلاساته، مؤكدا أن العدالة ستنظر في هذه القضية بعد تكييف ملفه، والقاضي المكلف بالمحاكمة هو الذي يملك كل الصلاحيات لاستدعاء متهمين أو شهود جدد لم تستمع لهم المحكمة في 2007.