عطاف: قرارات محكمة العدل الأوروبية نسفت المحاولات اليائسة لطمس ثوابت قضية الصحراء الغربية    تدخل ضمن برنامج الاحتفال المخلد للذكرى 70 للثورة التحريرية    مرابي يشرف على الدخول لدورة أكتوبر 2024 بوهران    القطاع أنجز عدة منصات للتكفل بانشغالات المهنيين وعصرنة الخدمة    عرض تصنيع "IVECO" النفعية المتوسط والثقيلة بالجزائر    اتفاقية تعاون بين سلطة حماية المعطيات ونظيرتها الموريتانية    مجازر الكيان الصهيوني في مخيم جباليا وفي غزة دليل على فشله    الغرب المتصهين لا يعرف الحياد..؟!    الخضر يحضرون لمواجهة الطوغو تحسبا كأس أمم إفريقيا 2025    طقسا مشمسا إلى ممطر عبر أنحاء الوطن    الأكياس البلاستيكية السوداء تعود بقوة للأسواق    الصولد يستقطب اهتمام الزبائن عبر المحلات    سايحي يرسل كمية معتبرة من اللقاحات إلى تمنراست وإن قزام    السفير الجديد للمجر يؤكد رغبة بلاده في تطوير علاقات الصداقة التاريخية مع الجزائر    المجلس الشعبي الوطني: عرض حول مشروع قانون يتعلق بحماية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة    التشكيلية نادية شراق تعرض آخر إبداعاتها بالجزائر العاصمة    مجلس الأمن: رئيس الجمهورية جعل من نصرة القضية الفلسطينية أولوية الأولويات    موسم الاصطياف: وفاة 762 شخصا وجرح 31705 آخرين جراء حوادث المرور    ملاريا/دفتيريا: إرسال كميات جديدة من اللقاحات والتجهيزات الطبية للولايات الجنوبية    تكوين مهني: إدراج تخصصات جديدة وإبرام اتفاقيات شراكة بجنوب البلاد    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي: عرض أعمال تعالج مواضيع اجتماعية وإنسانية    حركة "حماس": مجازر الكيان الصهيوني في مخيم جباليا وشمال غزة دليل على فشله وعجزه عن تحقيق أهدافه    التوقيع على اتفاقية تعاون بين السلطة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي ونظيرتها الموريتانية    تصفيات كاس افريقيا للأمم 2025: "الخضر" يشرعون في التحضير لمواجهة طوغو    تصدر ترتيب أغلى المدربين في افريقيا..بيتكوفيتش يتقاضى 135 ألف يورو شهرياً    بوعناني سعيد بعودته للمنتخب الوطني    إعادة بعث وتوسيع السد الأخضر .. شرفة يأمر بتجسيد البرنامج الخاص بسنة 2025    صندوق النقد العربي ينوه بجهود الجزائر.. فايد: الجزائر حققت "خطوات معتبرة" في مسار التحول الرقمي    استشهاد 3 أشخاص في غارة للكيان جنوب لبنان.. حزب الله يقصف الاحتلال ب 85 صاروخا    مستغانم.. 810 مليون دج لترميم عدد من المواقع الأثرية    يفتح بابه غدا ل20 بلد ويشرّع نوافذه على التجارب الفكريّة والأدبيّة الجزائرية..الجزائر ضيف شرف معرض عمّان الدولي للكتاب    الذكرى ال20 لرحيل يحي بن مبروك : مسيرة حافلة في خدمة القضية الوطنية والثقافة الجزائرية    توقيع مذكرة تفاهم بين وكالة "النفط" وشركة "غلف بتروليوم ليميتد" القطرية    العرباوي يستقبل سفير إيطاليا بالجزائر : اتفاق على توسيع التعاون في مجال البحوث والحفريات الأثرية    التكفل الأمثل بمرضى الملاريا والدفتيريا : إرسال كميات جديدة من اللقاحات والتجهيزات الطبية للولايات الجنوبية    مع جوارها المتوسطي ومع الاتحاد الأوروبي.. عطاف: الجزائر تسعى لإقامة شراكة متوازنة ونافعة    صناعة : مجمع "ايفيكو" الايطالي يعرض مشروعا لتصنيع السيارات النفعية بالجزائر    المهرجان الثقافي الوطني لعكاظية الشعر الشعبي بمثابة المكافأة التي يستحقها أهل الشعر في الجزائر    الأهلي يعرض قندوسي للبيع    فرنسا تُرحّل مئات الجزائريين    الجزائر بوصلتنا    توقيع اتفاقية تقنية مع فيدرالية الفندقة والسياحة    ضخّ تدريجي للقهوة بالسعر المسقّف    الرئيس يستقبل سفيرَيْ الصين واليابان    الرئيس يأمر باستحداث هذه الوكالة..    جزائري يتوّج بجائزة أنغولا    انطلاق البرنامج الوطني للتظاهرات الرياضية    معرض وطني للألبسة التقليدية بقسنطينة    كرة القدم/كأس الكونفدرالية الإفريقية: اتحاد الجزائر يفتتح المنافسة أمام اورابا يونايتد (بوتسوانا)    اجتماع تنسيقي بوزارة الصحة لمتابعة الوضعية الصحية بالمناطق الحدودية    محرز يخيّب الآمال    لا زيادات في الضرائب    الاستلاب الثقافي والحضاري..!؟    أسماء بنت يزيد.. الصحابية المجاهدة    محارم المرأة بالعدّ والتحديد    خطيب المسجد النبوي: احفظوا ألسنتكم وأحسنوا الرفق    حق الله على العباد، وحق العباد على الله    عقوبة انتشار المعاصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الباحث الكويتي فهد سالم الراشد ل "المساء":
لا ضير في أن تتغذى اللغة العربية من اللهجات واللغات
نشر في المساء يوم 27 - 12 - 2013

على العرب دعم الجزائر لكي تكون في مصاف الدول العظمى

فهد سالم خليل الراشد، باحث لغوي كويتي، له عدّة إصدارات متنوّعة المواضيع طبع ستة منها في الجزائر، البلد الذي أحبه وتربطه به أواصر قوية، ترأس المجلس العلمي للملتقى الدولي ”الترجمة والمجالات ذات الصلة، مكانة اللغة العربية اليوم؟” الذي نظّمه مؤخرا المعهد العالي العربي للترجمة، فالتقته ”المساء” على هامش هذا الملتقى وأجرت معه هذا الحوار.

المساء: ذكرتم خلال هذا الملتقى الدولي ”أنّ اللغة العربية حاضنة للغات”، كيف استنتجتم ذلك؟
فهد سالم الراشد: نحن دائما ننطلق من الدين الإسلامي الذي نزل للناس كافة وليس حكرا على العرب، ولكن تفضيلا للعرب فهو نزل باللغة العربية، وكيف أدعو إلى هذا الدين الإسلامي كافة إذا كانت لغتي قاصرة؟..لا يمكن أن تكون اللغة العربية قاصرة إنّما بإمكانها أن تستوعب جميع اللغات، والدلالة على ذلك أنّها استوعبت جميع اللهجات في قريش، فاللغة العربية أخذت قواعدها من ست قبائل هي قيس، تميم، قريش وأسد وبعض من الطائيين وبعض من الهذليين، على اعتبار أنّ الطائي لا يتكلم اللغة العربية في قبيلته طي إنما يتكلم لهجته طي والأسدي لا يتكلم اللغة العربية في أسد وإنما يتكلم لهجة بني أسد.
ونحن ضد حصر اللغة العربية في هذه القبائل الست لأنّ هناك العديد من القبائل الموجودة بالمئات والآلاف، حتى القبائل الصغيرة كلّها قبائل عربية وهذه القبائل التي لها لهجاتها اليوم هي دول، فعندما آتي إلى تونس والتونسي يستعمل كلمة ”توا”، ”وتوا” موجودة في اللغة العربية ولكن غير مستخدمة في الكويت، فتونس، واليوم إذا جئت إلى الجزائر وتقول ”غدوة” أي غدا وهي الأصح من ”بكرة” وموجودة في اللغة العربية وغير متداولة في بعض الدول..إذن اللهجة الجزائرية حفظت لي بعض مفردات اللغة العربية المتناثرة هنا وهناك، واللغة العربية الآن استوعبت اللهجات، ونفس الأمر في ”نحت الكلمة”،ٍ أضرب مثالا عن الجزائري الذي يقول ”دالتي ودالتك”، أي ”دوري ودورك” وهي موجودة في القرآن في الآية الكريمة ”وتلك الأيام نداولها بين الناس”، يعني كلّ حقبة تأخذ دورها، والجزائري يقول ”قيلني” يعني ”اتركني” موجودة في القرآن أيضا ”ما ودعك ربك وما قلى” أي ما تركك، واللغة العربية من الناحية هذه قادرة على استيعاب اللهجات، كما أنّ هناك في اللغات العربية فصيح وأفصح، مثلا ”الرئيسية” تصنّف ”فصيح” ولكن الأفصح ”رئيسة”، مثلا ”الشروط التالية” فصيح ولكن الأفصح نقول ”الشروط الآتية”، أيضا جموع ”بحث”، ”الأبحاث” ليس خطأ والأفصح ”البحوث”، وبالتالي نطلب شيئا من المرونة في المجامع اللغوية العربية.

أي أنّكم ترفضون التشدّد في اللغة العربية؟
نعم وأذكر قصة حدثت بين زعيم المدرسة البصرية سيبويه وزعيم المدرسة الكوفية الكسائي، الاثنان ليسا من العرب ويتكلمان العربية ونحن نقول من تكلّم العربية فهو عربي، بما أنّ الدين الإسلامي ليس حكرا على أحد واللغة العربية أيضا، وسئل سيبويه عن هذا المثال ”كنت أظن أنّ العقرب أشد لسعة من الزنبور فإذا هو هي؟ أم فإذا هو إياها؟ (هو هي بالنصب مبتدأ وخبر)”، قال ”أنا لا أقول فإذا هو إياها”، هو لا يقولها لأنه فصيح ولكن ليس معنى أن ذلك خطأ، والكسائي يقول العرب تقول هذا وتقول هذا، ترفع وتنصب، والأفصح ”وهو هي” مثل ما جاء في الآية الكريمة ”فاخرج يده فإذا هي بيضاء”.
وفي القرآن، اللغة العربية مستويات، وإذا أردت أن تكتب بالمستوى الرفيع فاكتب ولكن هذا المستوى الرفيع هل يمكن أن تخاطب به الطفل والعامل، كما أنّ هناك لغة وسيطة حتى في الصحافة هناك لغة فصيحة، نحن نقول ”هذا فرنسي لكن من أصل جزائري”، ما الضير عندما تكون هناك كلمة عربية من أصل فرنسي؟، ألا توجد كلمات عربية في اللغة الفرنسية وفي اللغة الاسبانية؟، توجد ولكن النطق اختلف.
حينما يقول أحد الكتاب الجزائريين ”أنّ اللغة الفرنسية غنيمة حرب” فهذا ذكاء، فعلا طالما هي ”سوق عمل”، أنا لا أنكر أنّ هناك مشكلة في اللغة العربية وتكمن في المتشدّدين وهناك لديهم نوع من العنصرية والنعرة العربية ولا يتقبلون حتى من يتكلم اللغة العربية، مثلا سيبويه من أصول فارسية والكسائي أيضا ونتعلم منهما، فإذن نريد شيئا من المرونة في المجامع اللغوية، نريد تقبّل لغة الآخر، سمعت جملة في الجزائر عن الإزعاج وهي”ما درونجيني ما نديرونجيك”، فالجزائري استعمل كلمات فرنسية ووضع عليها ضمائر..يعني العربية استطاعت أن تستوعب هذا الكلمة أو لا؟.

لكن هل يمكن أن تدخل مثل هذه الكلمات إلى القواميس العربية؟
طرحت فكرة قيل لي أنّها موجودة وتتمثّل في إنشاء معجم الكلمات العربية من أصول فرنسية أو إنجليزية أو غيرها، تكون مساند للغتنا العربية وستكون هناك كلمات رديفة تثري اللغة العربية، واليوم معجم ”أكسفورد” تدخل فيه على الأقل ثلاث آلاف كلمة سنويا، أيضا هناك مشكلة تصنيع الكلام نحن نريد أن نخرج من هذا الملتقى بمخبر نصنع فيه مصطلحا مثل مصطلح طبي ومصطلح رياضي ويكون متوافق عليه.

هل يمكن استعمال اللهجات في الأدب؟
من الذي يجعل نجيب محفوظ، أكثر شهرة من بقية الأدباء؟، أجيب أنّ ذلك راجع إلى استخدامه للهجة المصرية داخل كتابته في اللغة العربية، فهو وصل إلى وجدانيات المصري وأحاسيسه وآلامه واستطاع ملامسة الشارع المصري من خلال استحداث جمل قصيرة باللهجة المصرية..والرواية وجدان ودغدغة مشاعر وما الضير أن يكون أسلوبها سلس ويصل إلى النخبة والعامة.
اليوم حينما أتكلّم عن الطفل، طبيعي أن أتكلّم عن الأم لأنّه لو تثقّفت الأم لتثقّف الطفل أي الأسرة، وهناك أسر من بلدان معزولة ربما لا تصل لها الثقافة واللغة، هل أنا اليوم من الفصاحة أن أتكلّم بخطاب نخبوي للأسرة؟، ليس من الفصاحة بل لكل مقام مقال، وأتكلّم بلغة وسيطة تفهمها الأم في المناطق النائية والجبل والصحراء يسمونها صاحب ميدان يعني نحن أصحاب ميدان في اللغة ولابد أن أتكلّم بلغة تفهمها الأم بسهولة لتعلّم الطفل وليس بفرد العضلات في اللغة، واللغة العربية ميزتها أنّها لغة مستويات ولغة خطاب، حتى القرآن يتكلّم للرسول صلى الله وعليه وسلم بكلمات مشفرة يقول لموسى ”وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا”، أين يوجد هذا المكان؟، ويقول ”نسينا الحوت”، كلها إشارات، أيضا ”أشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا” فهي كلمات مشفرة، وهناك خطاب آخر سلس جدا، حينما أتى الأعراب من البدو يسألون الرسول عن الأقمار والنجوم فقال الله ”يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس” انتهى الأمر، حيث أن طُلب من الرسول الكريم أن لا يشرح لأنه لو شرح لن تفهم الأعراب وبعد فترة سيعرفون هذا الشيئ، يجب الابتعاد عن التعنّت والتشدّد والعنصرية والنعرة العربية الموجودة وأنّ الدين الإسلامي للناس كافة باللغة العربية ومن دافع عن اللغة وأبدع فيها غير العرب من أولهم سيبويه والكسائي.

إذن لا ضير من استعمال اللهجات في اللغة العربية؟
أبدا استعمال اللهجة لا يضر بل هي معين للغة العربية، واللغة العربية في بداية حديثنا تكوّنت من لهجات وأدعو إلى أن تتوسّع أكثر ولا تقتصر على ست لهجات، ما الضير أن تتكوّن اللغة العربية من اللهجة الجزائرية والمصرية وغيرها؟.

وماذا عن استخدام لغات أخرى في اللغة العربية؟
أوافق على ذلك ونثري بذلك لغتنا، لماذا هذا التعصّب؟ لماذا عندما استخدم ”كارت” يقال لا، استعمل ”بطاقة”، لماذا لا نأخذ هذه الألفاظ وتصبح لنا وتعتبر من لغتنا؟.

قلت أنّ نجيب محفوظ استطاع أن يلامس المجتمعات العربية بحكم أنّ اللهجة المصرية مفهومة من طرف كلّ العرب تقريبا، بحكم إنتاجهم السينمائي والتلفزيوني الغزير، ماذا لو تضمّنت رواية مقاطع باللهجة الجزائرية، هل كان سيكون لها نفس الصدى بحكم أنّ هذه اللهجة غير مفهومة من كافة العرب؟
هذا حديث آخر، مصر ليست فقط السينما، ممكن أيضا العمالة وظروف الدولة في العالم العربي بعدما تخلّص من الدولة العثمانية والاستعمار، وكان الاستعمار البريطاني في مصر وانتهى لتخرج مصر بعمالة كبيرة إلى العالم، اللهجة المصرية صعبة، فلماذا نعتبرها سهلة؟، لأنّنا فتحنا أعيننا على التلفزيون فوجدناها، بعض الدول كانت مغيبة مثل دول شمال إفريقيا التي كانت مغيبة جدا عن دول الخليج، إن من أين لي أن أفهم اللهجة المغاربية في هذا الحال؟، الكويتيون يسألونني أنت في تونس والجزائر هل تفهمهم؟ أقول جدا، كلامهم عربي واضح صريح لكن اللحن والنحت مختلفان، حتى في الكويت لحن خاص لن يفهمه الجزائري.
أرى اليوم أنّه لو سعينا نحن الدول العربية خاصة الخليج إلى دعم الجزائر ومصر بتعداد السكان والثقافة والحضارة، لأن تكون دولتين عظميين ضمن الدول العظمى، فسنحقّق ذلك وستعم الفائدة على الجميع.

كتبتم أكثر من مؤلّف عن الجزائر، حتى أنكم تطبعون وتنشرون في دار نشر جزائرية؟ ما سر تعلّقكم بهذا البلد؟
أولا، الجزائر لنا وسام شرف لكل عربي، قاومت استعمارا أو استدمارا لمدة طويلة، ولها بطولات رائعة وثورتها ليست ثورة عادية أو كسائر الثورات، وفخر لنا أنّ شعبا عربيا ناضل 132سنة ولم يكلّ حتى افتكّ الاستقلال، نحن محبو الأدب لدينا مادة ضخمة للكتابة والمشاعر والأحاسيس لنكتب عنها، ونتغزل فيها بهذه القضية.
وكخليجيين كنا مغيبين عن ثقافة وتراث شمال إفريقيا واليوم نطبّق رسالة حاكمنا الذي يطالبنا بالتفتّح على دول شمال إفريقيا والعالم، لنرى ما لديهم من حضارة ووجدنا الصدر الرحب والكرم، واليوم بفترة قصيرة يطبع وينشر لي خمسة كتب في الجزائر تبدأ من ”الظواهر النحوية في شعر الفرزدق”، ”جواهر القرآن”، ”الرباط والمرابطة حول الأمير عبد القادر الجزائري”، ”الرمز والرمزية في السينما الجزائرية”و”كيفية إعراب الجملة العربية” ونحن نكتب بعيدين عن المناصب والسياسة والكرة.

سمعنا أنّكم نظمتم شعرية عن الفريق الوطني الجزائري لكرة القدم؟
صحيح، ناصرت الفريق الوطني الجزائري بكلمات كويتية في خمسة مقاطع، أحفظ منها مقطعين هما: ”جزائر رمز العرب والكرة فيها عجب، العب يا لخضر العب، الكرة لك والملعب، العب حناشي العب العب زياني العب العب بوقرة العب، جزائر أنت، أنا نوقف معك كلنا جيب البطولة لنا جزائر رمز العرب والكرة فيها عجب”.

كتبتم مؤلفا حول السينما الجزائرية، كيف جاءتك هذه الفكرة؟
فكرة الكتاب كانت بدعوة من وزير الطاقة والمناجم يوسف يوسفي الذي كان سنة 2010، سفيرا للجزائر بتونس، وتم آنذاك تنظيم أسبوع الفيلم الجزائري في مسرح ”ابن الرشيق” في تونس، عُرض فيه 16 فيلما تسنى لي مشاهدة ستة أفلام بحكم تعارض الوقت مع وظيفتي، وكنت رفقة زوجتي في الصف الأمامي وكانت الأنوار مطفأة وكانت زوجتي تضيء لي التلفون وأنا عيني على الشاشة وأحاسيسي ووجداني وأكتب على قصاصات على الورق، طلاسم أفك معانيها في البيت، بعدها نزلت كدراسة مسطرة في مجلة الحياة الثقافية التي تصدر عن وزارة الثقافة والمحافظة على التراث في تونس ثم جعلتها تلامس الجانب الأكاديمي، واستغرق كتابة المؤلف في حدود سنة ونصف أو سنتين، وأصبح الكتاب عبارة عن دراسة أكاديمية من الممكن أن تدرّس في الجامعة ورفعت الخوف من الطلاب الجزائري في أنّه لا توجد مصادر في السينما، وأنا غير مختص في السينما ولكن في الكتاب قدمت للطالب الجزائري، فرصة أن يحلّل الأفلام برأيه وأحاسيسه ووجدانه، وممكن يثري السينما الجزائرية بالنقد والتحليل.

كتبتم أيضا عن شخصية مؤسّس الدولة الجزائرية الحديثة الأمير عبد القادر، هل لكم أن تحدّثونا عن مؤلفكم؟
الأمير عبد القادر قدوة لنا، كبطل عربي ثائر، وكنا نرى في الأمير رمز البطولة والشجاعة والمساجلات الكلامية وكذا التكتيك النفسي والاستراتيجي، ولا غلو في القول أنّ خطط الأمير عبد القادر تدرّس في الجامعات الفرنسية والأمريكية، إذن فكرة الكتاب هي مقاربة بين حقبتين من الزمان، حقبة يوسف بن تاشفين في دولة المرابطين وحقبة الأمير عبد القادر، وهناك صلة كبيرة في طرق الحرب وأساليبها وبالأخص المباغتة، فكان القائد بيجو يقول ”لا أعرف متى يخرج هذا الرجل أمامي ومن أي مكان”، أيضا تكلّمت عن ”الزمالة” وهو تنظيم من أرقى التنظيمات، لو استعمل في الحروب لأثّر، فضلا عن الجانب الروحاني الصوفي واللغوي، فالأمير عندما يخاطب الفرس لم يقل لم تصهل لم تجلجل لم تضبح بل قال ”تحمحم”، والرجل حينما يدخل على مكان فيه النساء، يتحمحم، فالفرس هنا تحشم من فارسها في واقعة ضرب السيوف والحرب الضروس والأمير يخاطب الحيوان برقة، لو ما ضغطوا عليه لما حارب، كان يريد السلم والإنسانية لكن هم أصروا عليه فوجدوه فارسا مقداما وقدوة للثورات التي جاءت من بعده كثورة بوعمامة وثورة المقراني، فكان الرمز الأول.

وماذا عن كتابك ”جواهر القرآن”؟
هو كتاب أكاديمي مخصص لطلاب الماجستير والدكتوراه، لأن هذا الكتاب هو عبارة عن إعراب القرآن المنسوب للزجاج سابقا، يعني ظل لغاية ما أنا حققته، بهذا العنوان، ونريد أن نضع هذا الكتاب لصاحبه بعد ثمانية قرون، فالآن ولأول مرة يخرج الكتاب باسمه الصحيح وهو ”جواهر القرآن لجامع العلوم البغولي الاصفهاني” وليس للزجاج، وشكّلت هذه القضية معضلة كبيرة للدكاترة العرب، وأنا دخلت كموفق بين هذه الآراء وأبديت رأيي، كما أن هذا الكتاب شامل وجامع ولكن الصبغة التي تطغى عليه هي الإعراب.

على ذكر الإعراب، لكم سلسلة فيه تتكون من أربعة كتب، هل أنتم مع تبسيط قواعد اللغة العربية؟
أنا مع تبسيط وتيسير النحو ولكن من يرى كتابي في القواعد يقول لي كنت متشدّدا أكثر من المتشدّدين، قواعد اللغة العربية تحتاج إلى فن في تعليمها، فعندما أؤسس لطالب منذ الابتدائي على قواعد دقيقة جدا بإمكانه أن يستوعبها ولكن حينما يكبر لا يقدر على ذلك، وأنصح بأن تدرّس القواعد العربية منذ الابتدائي وهكذا سوف يستوعب الطفل هذا الشيئ ويتأسّس على القوة، وبعد ذلك إذا استعمل اللهجات واللغات لا يهم، فالمهم أن أخرج طالبا قويا جدا في اللغة العربية وبعد ذلك لا ضير حتى ولو استعمل مصطلحات أجنبية، وفي هذه الكتب، هناك اعرابات جديدة ابتكرناها واستغرق انجاز الكتاب من 2007 إلى 2013.
في سفرياتي الكثيرة، قابلت أناسا استغربوا كيف تطبع الجزائر كتبا بهذه الفخامة والدقة وأنا طبعت كتبي التي تحدثنا عنها بدار نشر جزائرية ”دار الجائزة”.

كلمة أخيرة؟
أولا أقدم شكري للدكتورة إنعام بيوض، على اختيارها لي كرئيس للملتقى وكذا كل العاملين بالمعهد العالي العربي للترجمة، والشكر الأكبر للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ونأمل أن نطبق التوصيات التي خرجنا بها من الملتقى، وفي الاختتام أبيات شعرية نظمتها على الجزائر وما يخرج من القلب يذهب إلى القلب.
أينما تولي وجهك في الجزائر ترى نعيما وكرما وعزا وسخاء
لله درك يا جزائر يا روعة الناظر وحلم الأدباء
ألا أيها السائل عن الجزائر قف لحظة تحيي أرض الأوفياء
تحيا الجزائر حرة فتية ويحيا الصناديد مقاتلو الصحراء
أيها العربي اشهد أنني أطأطئ الرأس لأم الشهداء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.